رئيس هيئة أركان قوّات هادي وضبّاط آخرون اقتيدوا إلى الرياض
اللافت في البيانين المتقدّمين ظهور حلفاء المملكة السعودية بمظهر «المهان»، وعدم إقامة اعتبار لصورة هذه القوى أمام الرأي العام اليمني، ليس فقط لجهة ما تثيره من احتمال تخلٍّ سعودي قد يطرأ يوماً ما، بل حتّى لناحية إمكانية إحراج رفاق السلاح، وتخصيصهم بتعليق الإخفاقات والأخطاء عليهم، من دون النجاحات، والتلطّي خلفهم في ملفّات حقوق الإنسان الحسّاسة. ولم يبدُ الموقف السعودي متحرّجاً، استناداً إلى بيان قيادة التحالف، من التأكيد، في الوقت عينه، أن الجريمة تتنافى «مع الأهداف النبيلة للتحالف، وعلى رأسها حماية المدنيين وإعادة الأمن والاستقرار لليمن الشقيق». فوق ذلك، حاول التحالف السعودي، عبر البيان، أن يقنع الآخرين بأن الغارتين على صالة العزاء الكبرى في صنعاء تمّتا من دون الرجوع إلى القيادة. وهو ما لقي استهجاناً واسعاً من المراقبين، مع التأكيد الدائم من قبل التحالف، وعلى رأسه المتحدّث باسمه أحمد عسيري، على الانتظام المطلق لمنظومة السيطرة والقيادة، ودراسة الأهداف بدقّة، والإشارة المتكرّرة إلى أن الأهداف تقصف بعد العودة إلى القيادة. وهو ما يدفع إلى التساؤل حول إمكانية أن تقوم طائرات دولة بقصف قلب عاصمة دولة أخرى، بهدف إبادة جزء كبير من القيادتين السياسية والعسكرية (حسب افتراض بيان التحالف) لهذا العدو، من دون أن تعلم قيادة البلد المهاجِم بهجوم قوّاتها. ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل إن المسؤولية ترمى على حلفاء في الداخل اليمني.
يفترض البيان أيضاً أن الجريمة هفوة يتيمة لم تسبقها أو تلحقها جرائم حرب وإبادة وثّقتها المنظّمات الحقوقية الدولية على مدار أزيد من عام ونصف، ولم توفّر بشراً ولا حجراً في مختلف مناطق اليمن وضدّ قطاعاته كافّة.
إلى جانب ذلك، فإن المتحالفين مع العدوان (الذين جهدوا طوال أسبوع في محاولة تبرئة ساحة السعودية) كانوا قد خرجوا غداة المجزرة لإدانة الجريمة والتذكير (كما فعل نائب الرئيس هادي، علي محسن الأحمر) بأن عدداً من المعزّين الذين قضوا في القصف هم من «أنصار الشرعية»، أي في الخندق السياسي نفسه الذي هم فيه، قبل أن تفاجئهم السعودية بعد أسبوع باتّهامهم بأنهم هم من قدّموا «المعلومات المغلوطة». فكيف يشارك في الصالة أنصار لشرعية الرئيس هادي ويجري تقديم معلومات مغلوطة من زملاء لهم حول طبيعة الاجتماع؟
وإمعاناً في محاولة التلطّي خلف حلفاء الداخل اليمني، قامت السعودية أمس، بحسب معلومات تداولتها مواقع يمنية، باستدعاء عدد من قيادات قوّات الرئيس المستقيل هادي إلى الرياض. وتشير المعلومات إلى أن رئيس هيئة أركان قوّات هادي، اللواء محمد علي المقدشي، وتسعة ضبّاط آخرين، اقتادتهم قوّة عسكرية من محافظة مأرب إلى العاصمة السعودية. ولم توضح المعلومات سبب هذا الاستدعاء «المذلّ» إذا كان التحقيق قد أنجز؟!
ومن جهتها، رفضت «أنصار الله» ووزارة الخارجية في صنعاء نتائج التحقيق. ونقلت وكالة «سبأ» عن مصدر مسؤول في الوزارة مطالبته بتحقيق دولي مستقلّ «حول جرائم حرب ارتكبها تحالف العدوان»، كذلك دعا المصدر أمين عام الأمم المتّحدة، بان كي مون، إلى «العمل على تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلّة، برئاسة شخصية دولية محايدة رفيعة المستوى، في أسرع وقت ممكن، للتحقيق في جرائم الحرب في اليمن، التي ارتكبها تحالف العدوان ومن خلفه»، مؤكّداً أن «داعمي ومرتكبي هذه الجرائم بحقّ الشعب اليمني لن يفلتوا من العقاب».