لم يتغير المشهد على معابر الخروج من أحياء حلب الشرقية مع انقضاء اليوم الثاني لـ«الهدنة» الممدّدة في حلب، بعد فشل جهود الأمم المتحدة في إجلاء عدد من المصابين والمرضى، رغم موافقة دمشق الكاملة على العملية الأممية، نظراً لعدم توافر ضمانات أمنية بسلامة الطواقم الطبية. وبالتوازي مع إعلان روسي عن تمديد التهدئة لـ24 ساعة إضافية، نجحت واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون في تمرير قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي يقضي بتشكيل «لجنة تحقيق مستقلة» معنية بالأحداث التي تشهدها مدينة حلب، ومسؤولة عن «تحديد مرتكبي الانتهاكات وضمان محاسبتهم». ومع إعلان الفصائل داخل مدينة حلب عن «تعبئة عامة» في مختلف أحياء حلب الشرقية، بالتوازي مع معلومات روسية تفيد بحشود مسلحة جنوب غرب المدينة، تعمل الدول الغربية على تضييق الخناق على أي عمليات عسكرية لدمشق وحلفائها تعقب فشل الهدنة، بعد فشل التهديد بتدخل عسكري أميركي مباشر، في إحباط الاندفاعة الروسية التي سبقت الهدنة. وقد تبنى مجلس حقوق الإنسان مشروع القرار الذي تقدمت به بريطانيا مع حلفاء غربيين وعرب، بموافقة 24 دولة وامتناع 16 عن التصويت ورفض سبع دول، بينها روسيا والصين. كذلك، طالبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في مؤتمر صحافي عقب القمة الأوروبية في بروكسل، بوضع «نهاية للهجمات السورية والروسية على مدينة حلب»، مضيفة أن الاتحاد الأوروبي سيتخذ إجراءات «ضد سوريا وكل المتحالفين معها، وهذا ينطبق على روسيا»، في حال استمرار «الحملة الوحشية».وبالتزامن مع النشاط الغربي، كشف رئيس هيئة الأركان الروسية سيرغي رودوسكي، أن «الجماعات المسلحة تعد قوة مدعومة بمدرعات تزيد على 1200 مقاتل لشن هجوم على حلب من الجهة الجنوبية الغربية»، مضيفاً أنها «بدأت بتلقي صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف». وأوضح أن «أكثر من 200 مسلح وصلوا إلى منطقتي المنصورة والقراصي ومجمع الـ1070 خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية». وفي سياق متصل، رأى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن رفض الولايات المتحدة اعتبار «جبهة النصرة» عدوا رئيسيا يجب استهدافه، لم يعد «مستغرباً»، معرباً عن أسفه لمحاولات «الحفاظ على النصرة»، لاستخدامها لاحقاً لإسقاط حكومة الرئيس بشار الأسد. وأضاف أن موسكو قلقة من رفض «النصرة» وفصائل مسلحة أخرى مغادرة الأحياء الشرقية في حلب رغم «مبادرات حسن النية»، موضحاً أن بلاده ترى أن «كافة التنظيمات الإرهابية في حلب، تتبع جبهة النصرة»، وكانت قد سلّمت قائمة بأسماء تلك التنظيمات خلال محادثات لوزان.
ومن جهة أخرى، أعلنت الأمم المتحدة أن عمليات الإجلاء لأسباب طبية من أحياء حلب الشرقية لم تبدأ أمس، وفق ما كان مقرراً، بسبب غياب «الضمانات الأمنية والتسهيلات». وفي السياق، قال مندوب سوريا لدى المنظمة في جنيف حسام آلا، لوكالة «رويترز» إن الحكومة السورية أعطت الضوء الأخضر للمنظمة الدولية لإجراء عمليات الإجلاء لأسباب طبية قبل يومين، مضيفاً أن الحكومة «جهزت حافلات وعربات إسعاف، لكن الإجلاء لم يبدأ، لأن إرهابيين يستخدمون قذائف المورتر والقناصة يهاجمون الممرات الإنسانية والمعابر». إلى ذلك، أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست، أن بلاده لا تستبعد فرض عقوبات على روسيا بسبب عملياتها العسكرية في سوريا، موضحاً أن الموقف الأميركي يتلخص في «ضرورة إبقاء العقوبات مطروحة على الطاولة».