لم يقتصر الاهتمام الإعلامي الإسرائيلي على متابعة مجريات معركة الموصل الميدانية، بل انسحب كما الحال في مثل هذه التطورات، على قراءة كيفية التوظيف الإسرائيلي لهذه المعركة على المستوى السياسي، واستخلاص العبر الأمنية والعسكرية. ورغم أن الاهتمام بمعركة الموصل، احتل جانباً أساسياً من المشهد الإعلامي، فإنه يتوقع في مراحل لاحقة، أيضاً، أن الخبراء سيتناولون هذه المعركة لجهة ما تنطوي عليه من تحديات وفرص على المستويين السياسي والأمني.
جمع المعلومات عن «داعش» يبقي إسرائيل في ساحة اللاعبين
على المستوى السياسي، يبدو أن تركيز الاهتمام العالمي على معركة الموصل يعتبر أخباراً جيدة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن أفيغدور ليبرمان، لجهة أنه يصرف الاهتمام السياسي الدولي عن السجالات المتصلة بالقضية الفلسطينية؛ وهو ما يفترض أن يؤدي، كما يقول معلق الشؤون الأمنية في صحيفة «معاريف»، يوسي ميلمان، إلى اتساع هامش عمل إسرائيل بما يسمح لها بفعل كل ما يحلو لها (تقريباً) في الضفة المحتلة، وإلى حدّ معين في غزة أيضاً، وذلك من دون أن تشعر بأي ضغط دولي جدي عليها. رغم وجود خشية لدى القيادة السياسية من إمرار مبادرة فرنسية لإصدار قرار عن مجلس الأمن الدولي لإقامة دولة فلسطينية، وإمكانية أن تدعم الولايات المتحدة هذا القرار أو ألا تعارضه.
وأضاف ميلمان أن إسرائيل لا يمكنها، للوهلة الأولى، أن تطلب أكثر من أن تكون خارج الاهتمام. لكنها في الوقت نفسه، لا ترغب في أن تجد نفسها في وضع تشعر فيه بأنها لم تعد لازمة وغير ذات صلة.
على خط مواز يكشف ميلمان عن تغلغل مشاعر إحباط عميق، خصوصاً على المستوى العسكري ــ السياسي، في كل ما يتصل بـ«دور تل أبيب الهامشي في المكافحة الدولية للجماعات الجهادية»، في إشارة إلى المنظمات التكفيرية والإرهابية.
وفي محاولة لتفسير الانطباع والتقويم السائد داخل المؤسسة الإسرائيلية، لفت ميلمان إلى أن «أي جيش أو جهاز استخباري يشعر بأنه ذو صلة عندما يحظى بتقدير نظرائه نتيجة خبرة وقدرة معينة... هذا مهم بوجهٍ خاص لأن علاقات التعاون بين الأجهزة تحددها معادلة خذ وأعطِ»، كذلك ذكر أنها تهدف من وراء ذلك إلى «المتاجرة» بالمعلومات عن الجماعات «الجهادية» مقابل معلومات، أو ما هو أغلى ثمناً من المعلومات. ورأى معلق الشؤون الأمنية أن «هذا هو السبب المركزي لقيام أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بجمع المعلومات عن المنظمات الجهادية... أن تبقى ذات صلة وتواصل اللعب في ملعب الكبار».
في سياق متصل، تناول معلق الشؤون العسكرية في موقع «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، ما رأى أنها العبر التي يمكن أن يستخلصها الجيش الإسرائيلي من معركة الموصل، في محاولة استشراف وتوظيف لها في أي معركة لاحقة بين الجيش الإسرائيلي وكل من حزب الله أو حركة «حماس». ورغم أن بن يشاي أسهب في شرح الجانب التكتيكي على قاعدة وجود أوجه تشابه، لكنه عاد وختم بما رأى أنه يميز حزب الله و«حماس»، لجهة كميات الصواريخ المضادة للدروع التي يمكن أن تعرقل تقديم سلاح المدرعات، في مقابل امتلاك «داعش» كميات قليلة من هذه الصواريخ التي يمكن أن تمسّ سلاح المدرعات. أيضاً، هناك وجه اختلاف أكثر أهمية يتمثل بأن الحزب و«حماس»، يضيف بن يشاي، يستندون إلى قدرة صاروخية تسمح لهم باستنزاف الجبهة الداخلية الإسرائيلية.