تحققت مخاوف السعوديين بمجرد إعلان خسارة مرشحتهم المفضلة للرئاسة الأميركية، هيلاري كلينتون، أمام منافسها دونالد ترامب، بسبب نظرة الأخير الدونية إلى حليفة أميركا، «الصديقة الصدوقة»، حسب تعبير سفير السعودية السابق في واشنطن، بندر بن سلطان.ومنذ انطلاق «العرس الديموقراطي» في الولايات المتحدة، لم تخفِ حكومة الرياض تسامحها أمام طرح موضوع الانتخابات الأميركية والتعبير عنها بحرية في الصحف والرأي العام السعودي، فكانت المفاضلة بين ترامب وكلينتون حديث مجالس مواطني السعودية وصحفها. وقد خرجت تلك الصحف، في غالبيتها، مهتمة ببرنامج من سيقود حليفة الاقتصاد والحروب، أو وفق ما وصفها رئيس تحرير قناة «العربية» في صحيفة «عكاظ» السعودية: «الإمبراطورية التي ترسم الخرائط، وتحدد النفوذ، وتحمي الملاحة، وتحرس المصالح الخليجية أولاً، وتدوّر الزوايا في المشكلات العربية».
وفي صحيفة «الشرق الأوسط» التابعة لولي ولي العهد محمد بن سلمان، كتب عبد الرحمن الراشد مقالاً عنوانه «لا تخافوا ترامب»، مبرراً فيه الموقف العنصري للرئيس الأميركي المنتخب من المسلمين، إذ لا يجوز، وفق الراشد، اعتبار من طالب بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة صاحب خطاب عنصري، قائلاً إن «هذا موقفنا أيضاً، نحن المسلمين». وبرّر الصحافي السعودي، الذي تجاهل شتائم وسخرية ترامب المباشرة من السعودية ووصفها بـ«البقرة الحلوب»، موقفه بالقول إن هناك من «يخلط بين العداء للتطرف والعداء للإسلام»، وكأنه يطلب عدم الإفراط في التشاؤم بمن سيحاول إخماد حرائق الشرق الأوسط التي فشل سلفه، باراك أوباما، في معالجتها طوال سنوات حكمه.
وفي ذمّ موجة «الربيع العربي»، اتهمت صحيفة «الوطن» ساسة البيت الأبيض بالعمل على «دعم منظمات ودول مارقة سعياً لتقسيم المنطقة العربية وإحداث صراعات بين دول المنطقة»، وهو ما دفع افتتاحية الصحيفة إلى القول إن «الحلفاء التاريخيين لأميركا في العالم لن يكونوا كما في السابق، فما واجهوه من سياسات متقلّبة ووعود متناقضة أصابهم بالفتور والبحث عن حلفاء آخرين».
في مقابل ذلك، ركزت صحيفة «الحياة» على نقل قلق السعوديين في أميركا، البالغ عددهم 80 ألف طالب، والمنتشرين في جامعات ومعاهد 51 ولاية أميركية، بعد فوز ترامب المعروف بتصريحاته العنصرية ضد الإسلام والمهاجرين.
وفي كاريكاتير في صحيفة «مكة»، ظهر العالم المثخن بالجراح والمنتظر منقذه الجديد، حاملاً صندوق الانتخابات الأميركية، خائفاً ومترقباً النتيجة التي أخرجت دمية على هيئة ترامب من الصندوق.
نظرة الرعب المرسومة على وجه الكوكب تعكس الرؤية السعودية القلقة على علاقة الخليج مع اللاعب الجديد، وتذكر بشعورها بالخذلان لترجيح باراك أوباما كفة إيران وروسيا. ولخّص الكاتب السعودي جميل الذيابي، النائحة الخليجية على طريقة التعاطي الأميركي مع ملفات المنطقة، بالقول إن «أوباما أسوأ رئيس أميركي زاد من عبء الملفات السياسية على بلاده، ومنح إيران تأشيرة اللعب كيفما تريد، ومنح القيصر الروسي علامة القوة مجدداً».