بصورة مفاجئة ضرب مرض "الصفيرة" بلدة اليمونة. لا إحصاء دقيقاً حتى اليوم عن عدد المصابين، إلا أن الثابت أن ثمة مصابين لبنانيين وسوريين ويفوق عددهم الثلاثين حالة. لم تعرف بعد طبياً أسباب ومصادر ظهور وانتشار مرض "الصفيرة". طبعاً، هذا نتيجة عدم تدخل وزارة الصحة العامة وفرق الترصد الوبائي إلا منذ يومين، علماً أن المرض بدأ بالظهور في اليمونة منذ أسبوعين تقريباً بحسب ما يؤكد مختار بلدة اليمونة مزهر شريف لـ"الأخبار". لا يستطيع المختار تأكيد مصدر المرض، لكنه يرجح أن تكون المياه الملوثة هي السبب في الإصابات التي ظهرت عند النازحين السوريين ووصل عددها إلى 20 إصابة، ومن ثم بدأت عوارض "الصفيرة" تظهر عند عدد من أبناء اليمونة، الذين وصل عددهم إلى 15 إصابة، بينهم 6 أفراد في منزل واحد، يرجح أن "الأرغيلة السبب في انتقال العدوى بسرعة بين بعضهم البعض".
بعد انتشار عدوى "الصفيرة" مع مرض "الجرب" والقمل لدى النازحين السوريين، سارعت فرق الأمم المتحدة إلى الكشف على المصابين منذ عشرة أيام، وعمدت بعدها بأيام إلى إرسال أدوية للعلاج، في حين أن المصابين اللبنانيين يعالجون أنفسهم لدى أطباء وعلى عاتقهم، "خصوصاً أن وزارة الصحة لم تتدخل حتى يوم أمس، حيث أبلغنا أنهم سيرسلون فريقاً للرصد الوبائي"، بحسب شريف.
يرجح أن "الصفيرة" المنتشرة هي من نوع "الإيباتيت A" التي تنتقل عبر الفم إلى الجسم

يقول رئيس قسم الصحة في محافظة بعلبك ـ الهرمل الدكتور محمد الحاج حسن إن فريق الترصد الوبائي توجه يوم أمس إلى بلدة اليمونة "بمجرد توفر العلم لديه بالإصابات منذ يومين"، موضحاً أن الفريق سيعمل على "معاينة المصابين وأخذ عينات للتحاليل الطبية، وإجراء المقتضى الصحي اللازم".
يدعو رئيس بلدية اليمونة طلال شريف وزارة الصحة إلى التحرك بسرعة أكبر والكشف على المصابين لاحتواء المرض وتأمين العلاج المناسب منعاً من انتشار العدوى بين أبناء اليمونة.
يعزو عدد من أطباء المنطقة الإصابة بمرض "الصفيرة" إلى شرب مياه ملوثة بالصرف الصحي، أو تناول خضار ملوثة أو فيروس في الهواء، إلا أنهم يميلون في إصابات اليمونة إلى ترجيح سبب تلوث المياه بالصرف الصحي، ويستندون في ذلك إلى مشكلة الصرف الصحي وتسرب مياهها الآسنة إلى برك مياه الشفة، وهي مشكلة تعانيها البلدة منذ سنوات وسبق أن تسببت بتفشي مرض "الصفيرة" عند عدد من أبناء بلدات طاريا وشمسطار وحدث بعلبك التي تعتمد بشكل أساسي على مياه اليمونة في الشرب والري. لا يخفي رئيس بلدية اليمونة أن مشكلة الصرف الصحي في اليمونة "لا زالت موجودة رغم مطالباتنا العديدة منذ سنوات لوزارة الطاقة والمياه، بمعالجة مشكلة شبكة الصرف الصحي غير المكتملة، وتسرب مياهها باتجاه السواقي التي ترفد بركة اليمونة، والتي تغذي بدورها قرى في غرب بعلبك، مع إقامة ما يزيد على الألف نازح سوري في أحياء اليمونة". ليس هذا وحسب، فحتى محطة تكرير الصرف الصحي الموجودة عند أطراف البلدة الشرقية "لا تعمل بشكل صحيح، بالنظر إلى الأعطال العديدة التي تطرأ عليها باستمرار، ودون صيانة لها أو توفر قطع للصيانة، الأمر الذي يسمح للمياه المبتذلة التي من المفترض أن تخرج بعد دخولها محطة التكرير صالحة للزراعة، لكن ما يحصل فعلياً أنها تخرج منها أكثر تلوثاً، وتسبب أضراراً مباشرة" كما يقول شريف.
حالة من القلق سيطرت على عدد من قرى غرب بعلبك التي لا زالت تفيد من مياه اليمونة، خوفاً من تلوث المياه والسماح بانتشار مرض "الصفيرة". فقد سبق لقرى في المنطقة أن أصيب عدد من أبنائها وأطفالها بـ"الصفيرة"، وقد تبين حينها بموجب التحاليل المخبرية التي أجريت أنه ناجم عن شرب مياه ملوثة بالصرف الصحي. وتجدر الإشارة إلى أن مرض "الصفيرة" أو ما يعرف "بالتهاب الكبد الوبائي" تتسبب به عدة فيروسات يصل عددها إلى عشرة في التهاب الكبد ومن ثم "الصفيرة"، ويرجح أن "الصفيرة" التي انتشرت من نوع "الإيباتيت A" التي تنتقل عبر الفم إلى الجسم ومصدرها المياه الملوثة، وأن سبب انتشارها بسرعة "تناقل الأرغيلة".
وإلى حين صدور نتائج التحاليل المخبرية للعينات التي جمعت يوم أمس من قبل فريق وزارة الصحة، واتخاذ الخطوات الوقائية اللازمة، يبقى القلق سيد الموقف في اليمونة والقرى المجاورة لها، مخافة تفشي العدوى. إلا أن الخوف والقلق الأكبر يتمثل في معالجة آنية للمرض، والتغاضي كما يحصل دائماً عن معالجة جذرية لمشكلة الصرف الصحي في اليمونة، والتي بات عمرها أكثر من ست سنوات وتعرض حياة آلاف الأهالي للخطر.