د. علي درويش*الثلاثاء الفائت بتاريخ 15 تشرين الثاني، قام مواطنون لبنانيون يحملون بعض المشاعل بمسيرة سلمية على شاطئ الرملة البيضاء. وكانوا يهتفون بشعارات تطالب بمنع التعديات على الأملاك العامة البحرية، وتطالب باسترداد ما تم الاستيلاء (أو التعدي) عليه. بالطبع، وكأي مسيرة، عمد بعض المشاركين إلى ترديد هذه المطالب، ومنهم من اكتفى بالسير ضمن الحشود تعبيراً عن تضامنه مع المطالب المحقة، التي صانها الدستور والقانون. هذا الدستور والقانون اللذان قال عنهما الرئيس العماد ميشال عون إن ما من رأس سيخترق سقفهما!
وعند وصول المسيرة إلى نهاية الشاطئ، أي مقابل ما يعرف بمشروع "الإيدن روك"، تعرض لهم بعض عمال المشروع وكانوا مجهزين بالعصي والحجارة. ولكن وجود القوى الأمنية هو الذي أنقذ الموقف من التفاقم، وبقي المعتصمون بشكل كلي خارج الحفرية القائمة على الشاطئ، والتي هي أكبر من مساحة العقارات قيد النزاع والمرتفقة منذ عام 1949 بقيد عدم البناء ومنذ عام 1964 باعتداء على الأملاك العامة البحرية بمساحة أكثر من 2100 متر مربع، أي أكثر من 40% من مساحة العقار.
المفاجأة التي أتت في اليوم التالي أن المتعهد المنفذ للمشروع، وسام علي عاشور، تقدم بشكوى أمام المدعي العام في بيروت ضد مجموعة أشخاص كانوا موجودين في الاعتصام دون غيرهم، والتهمة تخريب ممتلكات، وشتائم وتشهير.
ولذلك، ولأن كرامات الناس وسمعتها ووقتها ليست لعبة، اقتضى توضيح بعض الأمور:
الجهة المدّعية تعتدي على الأملاك العامة وتعمد إلى تخريبها وتلويثها

أولاً: إن الجهة المدعية تعتدي على الأملاك العامة من برية وبحرية وتعمد إلى تخريبها وتلويثها عبر آلياتها وأنشطتها. وإذا كانت الجهة المدعية تعتقد أنها دفعت رسماً لاستخدام الأملاك العامة عبر ترخيص مشكوك بقانونيته، فنخبرها أن إشغال الأملاك العامة البحرية يحتاج إلى موافقة من وزارة الأشغال العامة ومن مجلس الوزراء عبر مرسوم خاص لا تملكه. وبذلك، نتمنى على المدعي العام اعتبار هذا المقال إخباراً بهذا الاعتداء واستدعاء السيد وسام عاشور إلى أقرب مخفر والاستماع إليه شخصياً بهذا الخصوص.
ثانياً: إن إزالة الإشارات المتعلقة بالاعتداء على الأملاك العامة البحرية قام بها مجهولون في الدوائر العقارية في بيروت من دون سند قانوني، إذ إنه لا سلطة للدوائر العقارية في بيروت أو أي قاضٍ مدني بإعادة ترسيم الأملاك العامة البحرية بناءً على رغبات مالكي العقارات المجاورة؛ كذلك إزالة ارتفاقات عدم البناء التي وضعت عند تأسيس العقارات، وهذه لم تكن مرتبطة بأي متغير يمكن أن يجعلها قابلة للبناء، عدا عن أن مخالفات كثيرة أخرى سوف توضع تدريجاً لدى القضاء والإعلام.
ثالثاً: خلال الاعتصام لم يدخل أي شخص إلى ما تعتبره الجهة المدعية ملكاً لها، ووجود القوى الأمنية بينها وبين المعتصمين كان ضامناً لذلك، فأين تخريب الممتلكات الخاصة؟
في ما يختص بمن تم استدعاؤهم، فالجهة المدعية انتقتهم وفقاً لهدف معين ترهيبي وليس لقيامهم بما تدّعي به. ومنهم من كان واقفاً طوال الاعتصام إلى جانب القوى الأمنية، لدرجة أنهم اعتقدوه من غير المعتصمين ولم يرفع صوته بأي شعارات قيلت. وإذا كان لدى المدعي إثبات فليأتِ به إلى القضاء والملتقى هناك. أما التشهير بكرامات الناس واتهامهم زوراً وبهتاناً، وإضاعة وقتهم و"جرجرتهم" إلى المخافر وإخراجهم منها "رهن التحقيق" أو "بسند إقامة" كما يقال بالعامية، فلهذا تبعات قانونية نضعها أمام الرأي العام والقضاء. والضرر المعنوي الذي قد يتجاوز المدة الزمنية الحالية إلى المستقبل يساوي ملايين الدولارات وليس الخمسين ألف دولار التي وضعها هذا المقاول قيمة لأنابيب افترشها على الشاطئ وعلى مساحة أكبر من عقاراته المزعومة. إن هذه الأنابيب تسببت بأخاديد وحفر وفخاخ على الرمال، كما هي بحد ذاتها عوائق على الشاطئ وجب على السلطات المختصة إزالتها حمايةً للناس وسلامتهم الشخصية. وهنا أيضاً، نتمنى على السلطة القضائية اعتبار هذا الكلام شكوى مباشرة ضد شركتي "عاشور دفلوبمنت" و"إيدن روك" بالتعدي على الأملاك العامة البحرية وتخريبها ومحاولة تعريض حياة مرتادي الشاطئ للمخاطر.
كما أن انتقاء بعض الأسماء تم لأن هؤلاء قاموا أو قالوا إنهم سيقومون برفع دعاوى قضائية متعددة الجوانب أمام المراجع المختصة، كل وفق اختصاصه. والمخالفات كثيرة... يعرفها هو كما نعرفها.
أخيراً، نطالب محافظ بيروت والمجلس البلدي بأن يقوموا بواجبهم لردع هذا الاعتداء على الأملاك العامة ضمن صلاحياتهم وواجباتهم عبر إلغاء الترخيص المعطى لشركة إيدن روك كونه يتضمن مخالفات عديدة، أو على الأقل للتحقيق بمزاعم هذه المخالفات؛ تماماً كما حاولت الجهة المدعية تعطيل حياة بعض الأشخاص للتحقيق معهم بمزاعمها!
* رئيس جمعية الخط الأخضر