يتابع الجيش السوري وحلفاؤه عملياتهم العسكرية على نحو مشابه لما جرى بعد السيطرة على حيّي هنانو والصاخور في الجزء الشمالي من أحياء مدينة حلب الشرقية، إذ يبدو أن الاندفاعة الأخيرة ستعيد سيناريو تطويق جزء كبير من الأحياء عبر التقدم لإغلاق أو حصر ممرات الانسحاب.
التقدم الأخير في أحياء كرم الطحان وكرم القاطرجي وأطراف حي قاضي عسكر، يضع الجيش وحلفاءه على بعد أقل من كيلومتر واحد عن حصار جيب آخر من الأحياء الشرقية، عبر التقدم غرباً نحو القوات المتمركزة في قلعة حلب.
وتمكّن الجيش أمس من السيطرة على أحياء كرم الميسر وكرم الطحان ودوار قاضي عسكر ودوار الحاووظ، إلى جانب السيطرة على مشفى العيون في حي قاضي عسكر، الذي بقي لفترة طويلة مع المنشآت الطبية المجاورة له، أحد أهم المقار للجماعات المسلحة التي توالت على مدينة حلب، بدءاً من «لواء التوحيد». وكانت قوات الجيش قد تقدمت في وقت مبكر من يوم أمس، وسيطرت على أحياء الميسّر والحلوانية، وصولاً إلى دوار الجزماتي ودوار الحلوانية وطريق هنانو، وهو ما أتاح لها تأمين محيط مطار حلب (النيرب) وجزء أساسي من الطريق الرئيسية إليه من قلب المدينة، لأول مرة منذ صيف عام 2012.
من جهة أخرى، يستمر السعي الدولي للتوصل إلى «هدنة» في المدينة، في ضوء الإعلان الروسي، أول من أمس، عن استعداد موسكو لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة حول انسحاب كامل لكل مقاتلي الفصائل المسلحة المعارضة من أحياء حلب الشرقية شرق حلب. وضمن هذا السياق، نقلت وكالة «رويترز» عن رئيس المكتب السياسي لتجمع «فاستقم كما أمرت» زكريا ملاحفجي، ما مفاده أن فصائل المعارضة المسلّحة أبلغت مسؤولين أميركيين نيتها عدم الانسحاب من حلب، مضيفاً أن «الأميركيين لم يعلّقوا» حول الموضوع. ودعت «الهيئة العليا» المعارضة في بيان «مجلس الأمن وكل الدول الصديقة والمجتمع الدولي عامة إلى الاضطلاع بمسؤولياتهم والعمل الفوري لإيقاف القصف والمجازر التي تتعرض لها عدة مناطق في سوريا وحلب بشكل خاص».

تعمل الفصائل
على اختيار قائد لـ«جيش حلب» بعد إصابة
قائده العام

ولا يبدو رفض الفصائل للخروج من المدينة مقروناً بوضع ميداني جيّد على الأرض، فبينما تستمر الخلافات الداخلية حول المؤن والذخيرة التي وصلت الى حد هجوم بعضها على مقار «فيلق الشام»، أعلن مسؤولون في فصائل المعارضة المسلحة أنهم بصدد اختيار قائد جديد لتحالف «جيش حلب» المنشأ الأسبوع الماضي، بعد إصابة قائده العام أبو عبد الرحمن نور أول من أمس، بجروح خطيرة خلال الاشتباكات التي تشهدها أحياء المدينة الشرقية.
وكان المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا قد جدد أول من أمس دعوة روسيا وإيران إلى «استخدام نفوذهما» لإقناع دمشق ببدء مفاوضات «جدية»، منبّهاً إلى أن «البديل يمكن أن يكون نهاية الحرب، ولكن بداية حرب عصابات رهيبة من دون أي إعادة إعمار». وأشار إلى أنه سيتوجه إلى نيويورك وواشنطن قريباً للقاء الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، موضحاً أن «هناك أمراً وحيداً نعلمه أن الرئيس ترامب أعلن على الملأ أنه يريد التوصل الى اتفاق مع الرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين في ما يتعلق بمحاربة داعش».
من جهتها، خاطبت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، خلال مؤتمر حول المتوسط في العاصمة الإيطالية، الرئيس السوري بشار الأسد، بالقول «إنك تستطيع أن تكسب حرباً، لكنك قد تخسر السلام»، مضيفة أن «سقوط حلب لن ينهي الحرب. سنرى تصعيداً عسكرياً من جديد».
إلى ذلك، تستمر المساعدات الإغاثية في الوصول إلى أحياء المدينة الشرقية التي سيطر عليها الجيش أخيراً، إذ أشار مسؤول الإغاثة في «المركز الروسي للمصالحات» في قاعدة حميميم العقيد دانيال ريتشكوف، الى أن المركز أرسل قافلة مساعدات إغاثية إلى أهالي أحياء حلب الشرقية القاطنين في مراكز الإقامة المؤقتة، موضحاً أن القافلة «تتألف من 33 شاحنة تحوي مساعدات طبية وغذائية وألبسة وغيرها». وبالتوزاي، نقلت وكالة «سانا» أن «10 أطنان من المواد الغذائية والإغاثية مقدمة من أهالي دمشق وريفها، وصلت إلى حلب لتوزيعها على العائلات التي خرجت من الأحياء الشرقية».