لم تعد أنقرة وقواتها المشاركة في «درع الفرات» قادرة على تحقيق إنجازات سريعة على غرار ما فعلته في محيط جرابلس، بعد وصولها إلى أطراف مدينة الباب. ومع تزايد أعداد القتلى في صفوف القوات التركية المشاركة في العملية، والقيود التي فرضها «لقاء موسكو» الثلاثي الأسبوع الماضي، سعت بجهد إلى استمالة قوات «التحالف الدولي» لتنفيذ غارات جويّة تدعم محاولات اختراق دفاعات «داعش» الحصينة حول المدينة.
وهو ما جاء صريحاً أول من أمس على لسان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، الذي أشار إلى أن «التحالف يجب أن يقوم بواجباته، في ما يتعلق بالدعم الجوي للمعركة التي نخوضها في الباب، وعدم تقديم هذا الدعم أمر غير مقبول».
وبلغت محاولات الضغط التركي على «التحالف» أوجها يوم أمس، مع إعلان صريح من قبل الرئيس رجب طيب أردوغان، عن امتلاك بلاده «أدلة ووثائق» تثبت تورط قوات «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن بتقديم دعم لـ«تنظيمات إرهابية» في سوريا، ومن بينها «وحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديموقراطي، وأيضاً داعش».
أردوغان أشار خلال مؤتمر صحافي أمس في أنقرة، مع نظيره الغيني ألفا كوندي، إلى أن «التحالف الدولي لا يلتزم في الوقت الراهن التعهدات التي قطعها» حول دعمه أي عملية عسكرية ضد «داعش»، موضحاً أن قوات بلاده لن تتراجع عن العملية العسكرية التي بدأتها في منطقة الباب، حتى في حال «عدم تلقي أي دعم خارجي».

أوضحت موسكو
أن أغلبية المشاركين في أستانة هم من العسكريين

ومن جهتها، رأت وزارة الخارجية الأميركية على لسان المتحدث باسمها مارك تونر، أن مزاعم أردوغان بدعم «التحالف» لجماعات إرهابية «مثيرة للسخرية والضحك».
وأشار تونر إلى أن بلاده «لا تقدّم أية أنظمة دفاع جوي محمولة على الكتف للمعارضة السورية، ولديها مخاوف من وصول مثل هذه الأسلحة إلى سوريا».
وبالتوازي مع الضغط والخسائر المتزايدة التي تلحق بتركيا في عملياتها شمال سوريا، جدد أردوغان تأكيد دعم بلاده العرض الروسي للمشاركة في محادثات أستانة المقبلة على مستوى وزراء الخارجية، لدعم انطلاق عملية سلام ووقف إطلاق نار شامل ودائم في سوريا، مشدداً على رفض بلاده مشاركة أي من «التنظيمات الإرهابية» في تلك المحادثات. كذلك أعرب عن أمله في مشاركة دول مثل السعودية وقطر في تلك المحادثات، نسبة إلى «إسهاماتهما في هذا الملف».
وضمن هذا الإطار، أكد وزير الخارجية سيرغي لافروف، أن التعاون متواصل مع أنقرة وطهران للعمل على صياغة اتفاق بين الحكومة السورية والمعارضة «ضمن مباحثات مستمرة بهذا الخصوص». وبينما نقلت وكالة «انترفاكس» الروسية ما مفاده أن المحادثات التي تحدث عنها لافروف تجري بين الحكومة والمعارضة السورية، نفى عضو «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة جورج صبرا، علم «الهيئة» بهذه المحادثات بشكل كامل.
وفي السياق، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن مصدر ديبلوماسي لم تكشف عن هويته قوله إن «ممثلين عن الجيشين الروسي والتركي يجرون مشاورات مع المعارضة السورية في أنقرة بشأن كيفية إنجاح وقف محتمل لإطلاق النار على مستوى البلاد». وأوضح المصدر أنه «بالإضافة إلى المعارضة السورية، ستشارك الجهات الضامنة، بما في ذلك نحن والإيرانيون، والأهم طبعاً ممثلون عن الجيش السوري»، مشيراً إلى أن «القسم الأكبر من المشاركين سيكونون من العسكريين».
وعلى صعيد متصل، أشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إلى توقعاتها بوجود حضور «قوي» لقوى المعارضة المسلحة في مفاوضات أستانة، موضحة أن هذا سيشكّل «الميزة الأساسية لها، من دون تحديد أي موعد مبدئي لانطلاقها بعد». وأوضحت أن «المعارضة السياسية ستحضر بدورها. أما تشكيلة الوفود وصيغة المشاركة، فتجري دراسة هذه المسألة حالياً». وأضافت أن ما يجري حالياً هو «صياغة الرؤى والأطر الأساسية» للمفاوضات في أستانة، مشددة على أن من السابق لأوانه الحديث عن مشاركة (الهيئة) في حوار أستانة».
وبالتوازي، بحث لافروف مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، تطورات الملف السوري الأخيرة، خلال اتصال هاتفي بناءً على طلب الجانب الروسي. كذلك ناقش مع نظيره الأميركي جون كيري، في اتصال هاتفي، ما تحقق ضمن التحضيرات لطرح مبادرة للحل السياسي في سوريا، مشيراً إلى قلق موسكو من قرار الولايات المتحدة تخفيف بعض القيود على تسليح القوى المتعاونة معها على الأرض السورية. وبدوره، بحث جاويش أوغلو مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، متابعة الإجراءات لتعزيز نتائج اجتماع موسكو الثلاثي.
(الأخبار)