دمشق | مع استمرار الضغط العسكري على قرى وبلدات وادي بردى، بدأت بوادر اتفاق مصالحة تظهر أمس في المنطقة. ارتفاع الزخم العسكري والتصميم على الوصول إلى محيط عين الفيجة، ضيّق الخناق على مسلحي الوادي وأخرج نحو 500 شخص، بينهم 50 مسلحاً من المحسوبين على «أحرار الشام»، من بلدات دير مقرن وبسيمة وعين الفيجة، إلى أحد حواجز الجيش لتسليم أنفسهم وتسوية أوضاعهم، في ضوء التعنت المتزايد من قبل مسلحي «جبهة النصرة» برفض المصالحة والخروج إلى إدلب.
التصريح الرسمي الأول حول التطورات، كان لمحافظ ريف دمشق علاء إبراهيم، الذي أوضح أنه جرى التوصل إلى «اتفاق أولي يقضي بتسليم المسلحين أسلحتهم الثقيلة وخروج المسلحين الغرباء من منطقة وادي بردى، ودخول وحدات الجيش العربي السوري إلى المنطقة... تمهيداً لدخول ورشات الصيانة والإصلاح إلى عين الفيجة لإصلاح الأعطال والأضرار التي لحقت بمضخات المياه والأنابيب».
وبدوره، أفرز الحديث عن الاتفاق اجتماعاً مسائياً، أمس، بين لجان المصالحة المحلية وقيادات مسلحي المنطقة، الذين طلبوا مهلة للتشاور ببنود الاتفاق المتضمن شروط الجيش السوري، لوقف العملية العسكرية على مراكز المسلحين ضمن قرى وبلدات وادي بردى. مصادر ميدانية لفتت إلى أن تعثر الاتفاق باستمرار كان بسبب قيادات «النصرة»، الموجودة على محاور بسيمة وعين الفيجة وعين الخضرة وعين حاروش. ويشير إلى استمرار العملية العسكرية ضمن هذه المناطق، في محاولة لفرض الاتفاق وفق شروط الجيش في أسرع وقت ممكن. وتؤكد المصادر أن الجيش ما زال مستمراً في هجومه على مواقع المسلحين في تلك المحاور، واستهدف سلاح الجو أكثر من 40 هدفاً لـ«جبهة النصرة» في قرى وبلدات الوادي، بالتزامن مع تغطية مدفعية وصاروخية.
ودفع استمرار العملية العسكرية إلى بدء وساطة روسية، تعمل على ضمان تنفيذ بنود الاتفاق، بما يؤدي إلى إدخال ورش الصيانة لإعادة ضخ المياه إلى العاصمة السورية، بعد مرور ثلاثة أسابيع لم تحمل جديداً، في ظل تعثر محاولات إقرار الاتفاق. وكان الجيش قد تقدم ببطء خلالها، ووصل قبل أيام إلى ضهر المسابي وتلال محيطة ببلدتي دير مقرن وكفر الزيت، حيث تركزت قوات الجيش على بعد كيلومترين (خط نظر) عن النبع الحيوي.
ويتوقع مشرف التنسيق والمتابعة في وزارة المصالحة السورية فراس باشا، أن تفرز الساعات المقبلة نتائج جديدة على صعيد المصالحة. ويرى أن فرص إتمام الاتفاق هذه المرة أكثر نضجاً من سابقاتها، إذ إن العمل العسكري يفرض واقعاً جديداً على الأرض. ومن المتوقع، بحسب العسكريين في المنطقة، أن يصل الجيش إلى نبع الفيجة في وقت قريب جداً، سواء من طريق التسوية السياسية أو العمل العسكري، في ضوء إصرار القيادة السورية على إنهاء الملف العالق منذ أسابيع.
ومن الجدير بالذكر أن نبع الفيجة الذي خرج عن الخدمة، الشهر الفائت، والواقع تحت سيطرة مسلحي وادي بردى، يمدّ العاصمة السورية بأكثر من 70% من احتياجاتها المائية، الأمر الذي أدى إلى تهديد الأمن المائي لدمشق، ووقوع المسؤولين الحكوميين في أزمة توفير بدائل مؤقتة عبر آبار صغيرة في محيط العاصمة.