أثار مشروع المختلط الذي قدمه التيار الوطني الحر في الاجتماعات السياسية الأخيرة لغطاً كبيراً في الأيام القليلة الماضية، لاعتبارات عدة، أولها أن التيار كان يرفض صيغة المختلط عموماً ومشروعي الرئيس نبيه بري والقوات ـــ المستقبل ــــ الاشتراكي. ثانياً، إن النسخة التي جرى التداول بها خلقت تساؤلات عن أوجه الشبه بينها وبين مشروع الستين، أو الدوحة المعدل، ولا سيما في الدوائر المسيحية، ما يناقض مطالب الثنائية المسيحية برفض الستين.
ثالثاً، الأُحادية التي يكرّسها القانون في الدوائر المسيحية والسنية والشيعية، عبر تكريس تمثيل هذه الطوائف للمرجعيات السياسية الحالية. رابعاً، التعامل مع الطوائف المسيحية ككتلة واحدة، لا كمذاهب. خامساً، موقع النائب وليد جنبلاط والدروز في هذه الصيغة. وقد حفلت الساعات الأخيرة باتصالات على مستويات عدة، بحثت فيها تعديلات على النسخة الأصلية للمشروع. لكن هذا لا يعني أن هذا الاقتراح قابل للحياة بعد الاعتراضات عليه، ما يعيد مناقشة قانون الانتخاب إلى النقطة الصفر، ويحيي مشروع النسبية الكاملة لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي مع تعديلات على دوائره.

لا مفرّ من تصنيف المسيحيين كتلةً واحدة مع الإصرار
على المناصفة



وعن الفارق بين مشروع التيار وقانون الستين، يقول النائب في كتلة التغيير والإصلاح النائب آلان عون لـ «الأخبار»: «الفارق كبير. فالدوائر التي لا مشكلة بالتمثيل المسيحي فيها، ككسروان والمتن والبترون والكورة وبشري وزغرتا، تركت على الأكثرية، أي كقانون الستين. أما في الدوائر حيث التمثيل المسيحي معدوم، كالشوف وعاليه وبعبدا وزحلة وعكار وطرابلس وبيروت الثانية والثالثة، فقد وضعناها على النسبية».
في حسابات الربح، يؤكد عون قائلاً: «أصبح المسيحيون مؤثرين جداً في اختيار من 52 إلى 53 نائباً: 32 وفق الأكثري و20 وفق النسبي».
وهل يُصمّم المشروع بناءً على تحالف التيار حالياً مع القوات؟ يجيب: «غير صحيح. نُعدّ القانون لنزيد تأثير المسيحيين في اختيار مقاعدهم. صدف أن التيار والقوات متفاهمان، ولكن إن لم يتفاهما على خوض الانتخابات فسيتنافسان ضمن الإطار نفسه». لكنه لا ينفي في الوقت عينه أن «المستفيد منه هو المسيحي القوي».
وهل تقاصصون المسيحيين الآخرين في تطبيق هذا المشروع، كالمردة والكتائب والمستقلين؟ يردّ: «للمردة حضور كامل في زغرتا. إذا تحالف في الكورة مع المستقبل والقومي ألن يربح؟».
ولماذا وضعتم المسيحيين ككتلة واحدة؟ يجيب: «لأنه إذا طبق معيار الثلثين الذي اعتمد في المشروع، على المذاهب المسيحية، يعني ذلك أنهم سيكونون كلهم على النسبية إلا في كسروان إلى حدٍّ ما. أما في المتن، فلا تملك أي طائفة مسيحية الثلثين. سياسياً قد تكون هناك مخاطرة لأنه يمكن أن يُقال إن ذلك تكريس للمثالثة واعتراف بها. لكن لا مفر للمسيحيين من أن يفكروا عملياً في هذا التوزيع، مع الإصرار على المناصفة».
كرّستم في المشروع أُحادية لدى الشيعة والسنّة. «جزئياً. لكن بقدر ما أزيد النسبية، أزيد من الخيارات والتنوع عند السنّة والشيعة والمسيحيين. لكن حين رفضوا النسبية الكاملة، جربنا أن نطبق النسبية على نصف عدد النواب، أي أن نعطي حظاً لنصف كل طائفة».
وتستوردون الأُحادية للمسيحيين؟ يجيب: «نضع كمية تنوع، لكن ليست كافية. الستين لم يؤمن التنوع وأخذ في طريقه المقاعد المسيحية. اليوم أُضيف قدر من التنوع وحُرِّرت المقاعد المسيحية».
وهل المشروع صالح لعشرين سنة إلى الأمام، أم فقط لأربع سنوات؟ يقول: «هذا المشروع لا يزال فكرة. إذا تطور إلى نسبية كاملة يصبح مثالياً. تواجهنا مع مشروع المختلط للرئيس نبيه بري والقوات والمستقبل والاشتراكي، وناقشوا ولم يتوصلوا إلى نتيجة. المقارنة بين هذين المشروعين ومشروعنا، تظهر أنه الأفضل، لكنه ليس مثالياً، وليس خيارنا الأول. خيارنا التأهيل والنسبية الكاملة والأرثوذكسي. في جولتنا النيابية لم نناقش المختلط، بل ضغطنا من أجل النسبية الكاملة، لكن المستقبل والاشتراكي والقوات رفضوها. رغم أننا طرحنا على المستقبل تعديل الدوائر، وقلنا للنائب وليد جنبلاط إنه سبق أن قبل بمشروع ميقاتي، إلا أن النائب مروان حمادة قال لنا في أحد الاجتماعات إن آخر معقل لنا في الشرق الأوسط كدروز في الشوف وعاليه».
وعن كيفية حل إشكالية جنبلاط، يجيب: «الإشكالية مع جنبلاط قائمة مهما كان القانون. في مشروع المختلط الأخير، يمكن إضافة معيار ألّا يكون تمثيل طائفة ما كلها على النسبية. لكن جنبلاط يطمح إلى كتلة من عشرة مقاعد على الأقل. وحتى يحقق ذلك، يريد أن يأخذ خمسة مسيحيين، وهذا يعني أنه يجب أن نتنازل له عن هذه المقاعد. فأي تصحيح في الخلل الحاصل يجب أن يكون على حساب الدروز والسنّة، فمع الشيعة أصبح العدد أقل بعد الستين».
ماذا عن مصير المشروع إذاً؟ يقول عون: «بري والحريري لا يقبلان به من دون جنبلاط. والنقاش حالياً أن تجتمع القوى الأربع وتوافق عليه، ومن ثم يقتنع جنبلاط به، فالمستقبل طرح بعض التعديلات والقوات موافقة عليه». لكنه يلفت إلى أن «الإشارات السلبية كثرت حول المشروع، ولا سيما بعد الحملة عليه وموقف بري، وعودة حزب الله إلى قانون ميقاتي، فالنقاش كان جدياً. لكن تسريب المشروع في هذا الشكل كان لإطلاق النار عليه وإفشاله. فمن سرّبه متضرر منه، إذ كان يجب أن يطبخ بصمت، ثم يعرض للنقاش بين الكتل الأساسية وعلناً. أما اليوم، فعادت الأمور إلى مكانها وعدنا إلى نقاش المشاريع المطروحة سابقاً».