بعد لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي في واشنطن، والذي أنبأ بتحولات في مسار «السلام في الشرق الأوسط» بعد تأكيد ترامب عدم تمسكه بحل الدولتين، نشرت صحيفة «هآرتس»، يوم أمس، معلومات عن «اجتماع سرّي» نظمه وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري، جمع فيه نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك الأردني عبدالله الثاني، «بهدف الحديث عن السلام في الشرق الأوسط».
وأكدت الصحيفة أن اللقاء عُقد في شباط 2016 في مدينة العقبة الأردنية، وذلك بحسب «مسؤولين كبار سابقين في إدارة (الرئيس الأميركي السابق باراك) أوباما طلبوا عدم كشف أسمائهم».
وأوردت مصادر الصحيفة أن كيري طلب من المسؤولين الثلاثة «دعم ستة مبادئ لحل النزاع» كان قد عرضها في خطاب ألقاه في كانون الأول الماضي. ومن بين هذه المبادئ: الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، مع إمكان تبادل الأراضي التي يتفق عليها الطرفان، إقامة دولة فلسطينية بجانب إسرائيل، اعتراف الفلسطينيين باسرائيل كـ«دولة يهودية»، وإعلان القدس عاصمة للدولتين. وأضافت «هآرتس» أن «نتنياهو رفض اقتراح كيري، وقال إنه سيكون من الصعب الحصول على موافقة ائتلافه الحكومي».
الجانب المصري كان الوحيد (حتى مساء أمس) الذي علّق على ما نشرته الصحيفة الإسرائيلية، من خلال بيان صادر عن الرئاسة المصرية أكدت فيه «عدم إدخار جهدٍ من أجل إحلال السلام». مصدر رفيع في الرئاسة قال لـ«الأخبار» إن هناك اتصالات مستمرة بين السيسي ونتنياهو، لا يُعلن عنها لأنها عادةً ما تخرج من دون نتائج ملموسة، مشيراً إلى أن السياسة المصرية «ليس لديها ما تخفيه»، لكن في الوقت نفسه «ليس كل ما تقوم به من تحركات يتم الإعلان عنها، وذلك لإعطاء فرصة من أجل تحقيق نتائج أفضل».
وفي السياق، قالت مصادر مصرية لـ«الأخبار» إن اللقاء «لم يكن الوحيد غير المعلن بمشاركة الرئيس المصري، إذ سبق للسيسي أن شارك في لقاءات مماثلة، مثل لقاء جمع بينه وبين الملك الأردني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بمفردهم»، مشيرةً إلى أن ثمة اجتماعات مماثلة شارك فيها وزير الخارجية سامح شكري مع مسؤولين إسرائيليين لم يعلن عنها، بعضها جرى في عواصم عربية.
وبحسب المصادر، فإن الإعلان الإسرائيلي عن اللقاء لم يكن متفقاً عليه، وقد «وضع السيسي في حرج كبير». وأشارت إلى أن هناك دعوة لرئيس الوزراء الإسرائيلي لزيارة مصر لبحث استئناف «المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية»، وهي دعوة لا تزال قائمة، «لكن التصرفات الإسرائيلية واستمرار المماطلة هي التي تعيق تنفيذها».

طلبت القاهرة من سفيرها في إسرائيل نقل انزعاجها عقب كشف اللقاء



وعلقت المصادر على البيان الرئاسي قائلةً إنه «صيغة جرى التوافق عليها، خصوصاً بعد تلقّي عشرات الاستفسارات من وكالات الأنباء الأجنبية»، لافتةً إلى أن الرئاسة كلفت سفير مصر في إسرائيل «بنقل انزعاج الرئاسة المصرية وعدم رضاها عن كشف تفاصيل الاجتماع، بالرغم من السرية التي اشترطت قبل إجرائه حرصاً على العلاقات بين البلدين».
في هذا الوقت، وبعد اللقاء الأخير الذي جمعه بترامب، أعلن نتنياهو، يوم أمس، تشكيل فريق إسرائيلي ــ أميركي لبحث قضية المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة. وقال نتنياهو إنه خلال إجرائه محادثات الاسبوع الماضي في واشنطن مع ترامب، اتفقا على «تشكيل فرق مشتركة لرفع مستوى العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة في جميع المجالات الرئيسية... وتشكيل فريق في مجال لم يتم الاتفاق عليه من قبل، أعني بالطبع المستوطنات».
وجدير بالذكر أنّ نتنياهو قال أيضاً أمام وزرائه، في مستهل جلستهم الأسبوعية، إنّ التحالف مع الولايات المتحدة «كان دائماً متيناً، ولكنني قلت هناك وأقول لكم أيضاً هنا، إن هذا التحالف قد تعزز أكثر لسببين: أولاً، هنالك علاقات شخصية طويلة تربط بيني وبين الرئيس ترامب، وهي مهمة، ولكنها أهم بسبب الشيء الآخر الذي تعزز، وهو الرؤية المشتركة حول المخاطر والفرص في الشرق الأوسط. كلانا نتشاطر الرؤية حول التهديد الرئيس والمتزايد الذي تشكله إيران وضرورة التصدي للعدوان الإيراني على الصعد المختلفة».
(الأخبار، أ ف ب)