تخطى عدد المصابين بمرض السكري في العالم ٣٥٠ مليون نسمة، ما يجعل هذا الداء المتفشي، وخصوصاً في البلدان الفقيرة، وباءً شاملاً يذهب ضحيته أكثر من ثلاثة ملايين شخص سنوياً. ويعود سبب زيادة المصابين خلال العقود الثلاثة الماضية إلى التبدلات في العادات الغذائية والـ«فاست فود» الغني بالدهون المشبعة والسكر. وربط عدد من الباحثين انتشار المرض السريع في البلدان الفقيرة بالتخلي عن الأغذية التقليدية واتباع العادات الغذائية الغربية التي اجتاحت الكوكب. وفي السياق، أشارت دراسات مشابهة في لبنان إلى أن نسبة المصابين بالسكري تفوق الأرقام العالمية (الضعف تقريباً)، وتراوح بين ١٣ و١٤ في المئة من الراشدين. ويعاني لبنان نقصاً حاداً في منظومات الترشيد والإنذار المبكر للتعامل مع الأمراض المزمنة كالسكري، فضلاً عن أن خصخصة القطاع الصحي تجعل العلاج الفعال حكراً على الأغنياء. ويُعَدّ غلاء المعيشة أيضاً عائقاً أساسياً أمام الراغبين في تبني حمية خاصة بالسكري.
وتجدر الإشارة إلى أن الدولة وبعض الجمعيات الخيرية تقدم العلاج والدواء لعدد من المصابين، لكن المنطق يفرض على القيّمين وضع حد لتفشي السكري من خلال مقاربات وقائية مثل الحمية. ويعد الغذاء التقليدي في بلادنا نقطة انطلاق أساسية؛ فمطبخ بلاد الشام غني بالأطباق التي تكثر فيها الخضار والألياف، مع ضرورة إلغاء ثقافة المشروبات الغازية المشبعة بالسكر. التزام يبدو ممكناً قبل أن يصطدم بعوائق عدة، منها مصالح المستثمرين في صناعة المشروبات الغازية، والتجار والمستفيدين من استيراد الغذاء الرخيص والرديء. كذلك، يسهم تدهور القطاع الزراعي التقليدي في تفاقم المشكلة. وفي النتيجة، لا يمكن معالجة مشكلة السكري كقضية صحية من دون الالتفات إلى الأبعاد السياسية.