إنه الاسم الرابع الذي يحتلّ واجهة «المهرجان اللبناني للكتاب» بعد غريغوار حداد، ووديع الصافي، ومنصور الرحباني. منير أبو دبس (1932 ــــ 2016) المسرحي الرائد الذي خرجت من معطفه تجارب الستينيات الطليعية، يهدي المهرجان الثقافي نسخته السادسة والثلاثين إليه، كتحية على إسهامه الفني، وكعلم من أعلام المسرح في لبنان وبعده الأوروبي، وأيضاً لما له من فضل على هذه التظاهرة الثقافية السنوية، وفق ما يؤكد لنا أمين الإعلام في «الحركة الثقافية انطلياس» المؤرخ والأكاديمي عصام خليفة. فـ «أبو المسرح اللبناني»، يعدّ «مرجعية» في عالم المسرح، وشكل «ظاهرة»، وكان له التأثير الأكبر خاصة في الفترة الأخيرة.
«المهرجان اللبناني للكتاب» (من 4 الى 19 آذار/ مارس)، الموعد السنوي في «دير مار الياس» في أنطلياس، ينطلق اليوم، ليضم تحت جناحيه أكثر من 50 ندوة، تحاكي كل الشرائح العمرية والاتجاهات والتيارات الفكرية والسياسية والثقافية، مع استضافة لأكثر من مئة شخصية مشاركة في الندوات، أو موقعّة على إصداراتها الجديدة. ويشهد المهرجان أيضاً مشاركة 120 دار نشر ومكتبة باللغات الثلاث. وبخلاف «معرض بيروت العربي الدولي للكتاب» الذي يلقى رعاية رسمية، ويتمتع بثقل سياسي وثقافي، وحتى بمساحة جغرافية أكثر، ما زال «المهرجان اللبناني للكتاب»، يقاوم وحده مع «الحركة الثقافية» وفي مساحة ضيقة نسبياً للإبقاء على هذا المنبر الوحدوي والتنويري.

الختام مع لقاء غنائي فني بمشاركة نخبة من طلاب «المعهد الوطني العالي للموسيقى»



35 عاماً ليس رقماً عابراً لسنوات امتدت من أتون الحرب الأهلية الى السلم المهتز في الأيام الحالية. إصرار على إقامة هذا المعرض، وإعطاء الكتاب الورقي، الحيّز الأكبر مواءمةً مع العالم الرقمي، وتكريسه منبراً تنويرياً وطليعياً في عصر الانحطاط والظلامية، إضافة الى فلشه لمروحة واسعة من الخيارات، التي تبدأ بشؤون صغيرة وحياتية وتوعوية تخص الناس، وتصل الى مناقشة وطرح القضايا الكبرى كندوة «النظام الإقليمي: تحولات وتحديات» (5 /3 ـــــ س:16:00). وكما في كل عام، يخصص المعرض عدداً من التكريمات لأعلام من الثقافة والفن من ضمنهم الباحثة اللبنانية كارمن بستاني (11/3 ــ س:18:00)، والقانوني فايز الحاج شاهين (17/3 ــــ س:18:00). الى جانب التكريمات، وفي مناسبة «يوم المرأة العالمي»، يكرّم نائبة رئيس الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية ليلى عازوري جمهوري (8 /3 ـــ س:18:00)، فيما يحتفي بالمعلمين نريمان كيال، وجان حايك في «عيد المعلم» (9/3 ــــ س:18:00). إذاً، مروحة واسعة من القضايا والندوات، ستحويها هذه النسخة، التي تخصص أيضاً فسحة للموسيقى والشعر والأغاني، على أن يكون الاختتام مع لقاء غنائي فني بمشاركة نخبة من طلاب «المعهد الوطني العالي للموسيقى» بقيادة أندريه مسّن، وسيقدم هذه الحفلة الموسيقية الياس كسّاب (19/3 ــ س:18:00).
يشهد المعرض إصدارين جديدين لعصام خليفة سيوقعهما في 17 آذار (بين 17:00 و21:00). الأول بعنوان «مقاومة أهوال المجاعة» (1916-1918)، الذي يتناول حقبة المجاعة في العهد العثماني في منطقة جبل لبنان. الحماس للذهاب قدماً في هذا التأريخ، جاء بسبب خلو الفيلم الذي عرضه «مؤتمر بكركي» الأخير عن المجاعة من ذكر المطران بولس عقل ودوره في التصدي لهذه المجاعة. لذا، لجأ خليفة الى هذا المبحث ــ كما يسرد لنا ــ بغية وضع خلفيات المجاعة في إطارها من منظار أوسع، وليس فقط إيديولوجياً، مستنداً الى دراسات فرنسية (1921) ووثائق عثمانية. يؤرخ المؤّلف لهذه الحقبة، التي لبى فيها المغتربون اللبنانيون وحتى الفرنسيون نداء البطريرك الياس الحويك الذي دعاهم إلى التبرع بأموال ومساعدات عينية هائلة بغية مساعدة سكان جبل لبنان وإنقاذهم من المجاعة، كما يسرد الكتاب آلية تهريب هذه المساعدات بالبحر. يصل خليفة الى نتيجة مفادها أنّ على الكنائس ورجال الدين مساعدة الفقراء والجياع، وعدم الاكتفاء فقط بتلاوة المواعظ الدينية، ويدق ناقوس الخطر أيضاً، إزاء احتمال إعادة هذا المشهد مجدداً مع الكثافة الديموغرافية التي يشهدها لبنان، واستمرار الأزمات المعيشية فيه. أما الإصدار الثاني فهو «لبنان في القرن 16»، في العهد العثماني. يستند العمل الى مجموعة دراسات ديموغرافية عن بعض المناطق في تلك الحقبة، أمثال دوما (البترون)، بشعلي، حدشيت (بشري)، كسروان، ليتحدث عن التحولات الديموغرافية التي طالتها، وطرق الإنتاج داخلها، مستنداً الى خرائط عثمانية.
النسخة السادسة والثلاثون التي يخّيم عليها طيف المسرحي منير أبو دبس، لا شك في أنّها تعبر خير تعبير عن هذه المقاومة الثقافية، التي تصمد، وسط نيران الصراعات الدموية، والمصير المفتوح للكتاب الورقي. تعيدنا هذه الدورة إلى الحديث عن المبادرات الفردية، التي تغيب عن دعمها الدولة، لتقدّم وجهاً جميلاً في عالم الثقافة. بعد 36 عاماً، يقف خليفة، متأملاً هذه السنوات، ليعيد التأكيد على تمسك «الحركة الثقافية» بهذا الصرح، من أجل نشر «قيم الثقافة والمجتمع»، وسط خطر «تهميش الكتاب» كما يقول، مع التأكيد على التعاون ما بين الكتاب والشبكة العنكبوتية، كنوع من «الإصرار على تكريس المعرض جناحاً من أجنحة الثقافة» في لبنان.

«المهرجان اللبناني للكتاب» بدءاً من اليوم حتى 19 آذار (مارس) ـــ دير«مار الياس» ــ (انطلياس) ــ للاستعلام: 04/405510




مسرح منير أبو دبس 15/3 ــ س: 16:00

منير أبو دبس (1932ــــ 2016) الأب الروحي للمسرح اللبناني، سيكون محور ندوة يشارك فيها الفنانون المسرحيون نضال الأشقر، وميراي معلوف، ورفعت طربيه، والمهندس جيل أبو دبس، بإدارة نجاة الصليبي الطويل. سيتحدث هؤلاء عن مسيرة هذا الرائد الذي خرجت من عباءته تجارب الستينيات الطليعية.