اتخذت قاضية التحقيق لدى المحكمة العسكرية نجاة أبو شقرا قراراً جريئاً بمنع المحاكمة عن بطل «صفقة تحرير التشيكيين» علي فياض، الذي يشغل منصب مستشار وزير الدفاع الأوكراني، والذي تتهمه الولايات المتحدة الأميركية بتزويد منظمة الفارك الكولومبية ومنظمات أخرى يعتبرها الأميركيون إرهابية، بصواريخ مضادة للطائرات وأسلحة حربية.
وقفت القاضية في وجه أميركا التي حاولت اختطاف فياض وإطاحته لكونه لبنانياً يشغل منصباً أمنياً رفيعاً في إحدى أهم الدول المصنّعة للسلاح، وينحدر من عائلة مؤيدة للمقاومة، ما اعتبره الأميركيون تهديداً لإسرائيل. أميركا التي تتهم فياض بـ«الإرهاب» وبالارتباط بحزب الله، رغم توقيفه من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية تنفيذاً لمذكرة توقيف صادرة عن الإنتربول، لم تترك وسيلة لتسلم فياض الذي كان يشغل منصب مستشار لصفقات السلاح لدى وزارة الدفاع الأوكرانية بتهمة التورط في دعم منظمات إرهابية وتبييض الأموال. غير أن القضاء اللبناني رفض طلباً من السلطات الأميركية بإيداعه الأدلة التي تُثبت تورط اللبناني ــ الأوكراني فياض بما ينسبه إليه الأميركيون. وقبلها حاولت الولايات المتحدة تسلّمه من الدولة التشيكية التي أوقفته بناءً على طلب السلطات الأميركية، إلا أن عملية اختطاف خمسة مواطنين تشيكيين في لبنان (تموز 2015) حالت دون ذلك، ليُسلّم بعدها إلى لبنان على متن طائرة خاصة بموجب صفقة التبادل التي انتهت بإطلاق سراح التشيكيين (شباط 2016).

أميركا تتّهم
فياض بنقل صواريخ مضادة للطائرات إلى منظمة «الفارك»


وكان فياض قد أوقف وجاهياً بتاريخ 29/3/2016 وأخلي سبيله بكفالة مالية بعد أربعة أشهر مع منعه من السفر لمدة سنة. فياض الذي وُصف بأنه «بطل» صفقة تحرير التشيكيين الذين خطفوا في لبنان منذ نحو عامين قبل إطلاقهم، كان قد أوقف في العاصمة التشيكية براغ في ٥ أيار ٢٠١٤، بموجب مذكرة اعتقال صادرة عن محكمة أميركية بتاريخ ٢٦ آذار ٢٠١٤، بتهمة «التآمر لقتل ضباط وموظفين في الولايات المتحدة، وحيازة ونقل صواريخ مضادة للطائرات، وتقديم دعم مالي لمنظمة إرهابية». وحُكم عليه بالعقوبة القصوى بأربعة أحكام، ثلاثة منها بالسجن لمدى الحياة والرابع بالسجن ١٥ عاماً. وفي ١٦ أيلول ٢٠١٥، عمّم الأنتربول بطلب من الولايات المتحدة نشرة للبحث عن فياض وتوقيفه، ليجري توقيفه أثناء زيارته لتشيكيا. وبعد توقيفه نحو سنة وعشرة أشهر في براغ، قررت وزارة العدل التشيكية، في ما يشبه «صفقة تبادل»، إطلاق سراح فياض بالتزامن مع إطلاق خمسة تشيكيين ومعهم صائب فياض، شقيق علي، كانوا قد خطفوا في لبنان منتصف تموز 2015. ساد الغموض عملية خطف التشيكيين وإطلاقهم، فلم تُعرف الجهة الخاطفة ولا مكان الاحتجاز ولا تفاصيل الصفقة. الأجهزة الأمنية اللبنانية أجرت تحقيقاتها على عجل، وكان جواب المحررين التشيكيين واحداً: «خطفنا مسلّحون ملثّمون لم نرَ وجه أيّ منهم، ولا يمكننا تحديد لهجة الخاطفين ولا الأماكن المختلفة التي تنقّلنا بينها أثناء احتجازنا».
وبعد وصوله إلى بيروت، ادّعى مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر على فياض، بموجب الطلب الأميركي الوارد عبر الانتربول. ورغم الضغوط الأميركية على السلطات اللبنانية، قررت القاضية نجاة أبو شقرا منع المحاكمة عن علي طعان فياض لعدم كفاية الدليل ورفعت قرار منع السفر عنه.