عكست زيارة وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون الأولى إلى أنقرة، وما رافقها من معطيات، جانباً كبيراً من استراتيجية الإدارة الأميركية الجديدة «المنتظرة» حول سوريا. وتشير تصريحات تيلرسون التي خرجت من أنقرة، والتي قال فيها إن بلاده ترى أن مستقبل الرئاسة في سوريا أمر «يقرره الشعب السوري»، إلى أن الولايات المتحدة وضعت رهاناتها على ما حققته على الأرض، وخاصة في الشمال السوري، بعيداً عن أروقة التفاوض الأممية في الوقت الحالي.
كذلك، يحمل تركيز تيلرسون في أنقرة على «المنطقة الآمنة» بعداً خاصاً، لكونها تعدّ نقطة التقاطع الأهم بين تركيا والإدارة الأميركية الحالية، وإن اختلفت تعريفاتها وتفاصيل إدارتها بينهما.
موقف وزير الخارجية «المحايد» تجاه مستقبل الرئيس بشار الأسد كرّرته المندوبة الأميركية لدى الامم المتحدة نيكي هايلي، موضحة أمس لعدد من الصحافيين أن أولوية الإدارة الجديدة «لم تعد الجلوس والتركيز على إزاحة الأسد». وقد يعكس هذا التوجه الأميركي نيّات في استثمار التفاهم مع كل من تركيا وروسيا على الأرض، لعزل مناطق الشمال عن نار الاشتباكات في الميدان السوري، وإقامة استقرار مؤقت فيها، يمكن توظيفه سياسياً في وقت لاحق، كما جرى في محيط منبج والباب.

شدّد أردوغان على ضرورة التعاون مع أطراف «مشروعة»
ضد «داعش»

وخلال محادثات أمس في أنقرة، أكد تيلرسون «عدم وجود أي فجوة» بين تركيا وبلاده حول التصميم على هزيمة «داعش»، رغم تأكيد نظيره التركي أن هناك نقطة خلاف «رئيسية» بينهما. وأوضح أن محادثاته خلال زيارته ركّزت على «إنشاء مناطق آمنة» في سوريا وبحث عدد من الخيارات بشأن تأمين تلك المناطق.
بدوره، لاقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تصريحات الضيف الأميركي، مستثمراً فيها ضد الأكراد، عبر التأكيد على ضرورة التعاون والتنسيق مع «أطراف مشروعة» ضمن جهود محاربة «داعش». ومع اعتبار الحساسية التركية تجاه الوجود الكردي الحالي في الشمال السوري، يبدو لافتاً إعلان عدة فصائل منضوية تحت مظلة «درع الفرات» عزمها على «مواصلة المعركة» بالرغم من إعلان تركيا وقف تلك العملية العسكرية. ورأى رئيس المكتب السياسي في «لواء المعتصم»، مصطفى سيجري، أن «المنطقة دخلت في مرحلة جديدة... وستحقق نتائج إيجابية في صالح الشعب السوري». وقال سيجري إن «تركيا تنطلق من توازنات دولية وإقليمية يجب مراعاتها، وكانت قد أعلنت عدداً من الأهداف، نرى أنها تحققت»، مضيفاً «أن (الجيش الحر) لديه أهداف بتحرير كامل الأراضي السورية».
بدوره، قال وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو إن بلاده تتوقع تعاوناً أكبر مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن سوريا، مشدداً على أنه لا فرق بين «وحدات حماية الشعب» الكردية السورية و«حزب العمال الكردستاني». ورأى أن أي دعم أميركي لـ«وحدات حماية الشعب» سوف يعني خطراً على مستقبل سوريا.
وفي سياق متصل، قال قائد قوات «التحالف الدولي» في العراق وسوريا، ستيفن تاونسند، إن «(قوات سوريا الديموقراطية) أتمّت عزل الجانب الشرقي من الرقة بشكل كامل»، مضيفاً أنها «تخوض حالياً معركة صعبة للسيطرة على كل من سد الطبقة ومدينة الطبقة». وأضاف أن «السد ليس هدفاً لـ(التحالف)»، لافتاً إلى أن «لدى (قوات سوريا الديمقراطية) خطة للعناية بالسد بعد تحريره من (داعش). وهذه الخطة تلحظ أهمية السد للاقتصاد والزراعة والحاجات الإنسانية الأساسية».
وبالتوازي مع الحراك الأميركي في تركيا، جدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعوته الولايات المتحدة الأميركية إلى إظهار الاستعداد للحوار والتنسيق مع بلاده، مشيراً إلى «تعمّق» التعاون بين الجانبين حول سوريا.
(الأخبار)