تمضي الأزمة الخليجية على الوتيرة نفسها من التصعيد، في ظل انطفاء الحديث عن الوساطة الكويتية التي يبدو أنها آلت إلى طريق مسدود. وفيما يسلك الموقف التركي مساراً أكثر وضوحاً لجهة مساندة قطر في وجه السعودية والإمارات، تواصل الولايات المتحدة الأميركية «لعبها على حبال» النزاع المستجد بين دول مجلس التعاون، باعثة بمزيد من الرسائل الموارِبة إلى كل من الدوحة والرياض وأبو ظبي.
في غضون ذلك، دعا الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يوم أمس، قطر إلى «التوقف فوراً عن تمويل الإرهاب»، معتبراً أن الدوحة، «للأسف، موّلت تاريخياً الإرهاب على مستوى عالٍ جداً». وقال ترامب، في مؤتمر صحافي في البيت الأبيض مع الرئيس الروماني، كلاوس يوهانيس، إنه «لا يمكن لأي بلد متحضّر أن يقبل هذا العنف أو يسمح لهذا الفكر الخبيث بأن ينتشر على شواطئه». وأمل أن تكون قمة الرياض، التي انعقدت أخيراً، «بداية النهاية لتمويل الإرهاب»، في إشارة هي الأوضح حتى الآن إلى أنّ تلك القمة أصبحت تشكّل أرضية للسعودية، ولحليفتها الإمارات، كي تعيد ترتيب «البيت الخليجي»، وربما العربي، بما يتماشى والتوافقات الثنائية مع واشنطن.

الإمارت ترحّب
بـ«قيادة ترامب»
وتدعو قطر إلى مراجعة سياساتها


ترامب ذكر في سياق حديثه أنه «كان علينا أن نتخذ قراراً... فهل نسلك الطريق الأسهل أم علينا في النهاية أن نتخذ خياراً صعباً لكنه ضروري». وقال: «قررت مع وزير الخارجية ريكس تيلرسون، وكبار جنرالاتنا وطواقمنا العسكرية، أن الوقت حان لدعوة قطر إلى التوقف عن تمويل (الإرهاب)». وأضاف: «أريد أن أطلب من كل الدول التوقف فوراً عن دعم الإرهاب... أوقفوا تعليم الناسِ قتل أناس آخرين».
وكان البيت الأبيض قد أعلن في بيان، أن ترامب تحدث مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وأكد «أهمية الحفاظ على الوحدة بين الدول العربية»، وذلك في رابع اتصال هاتفي يجريه الرئيس الأميركي مع زعيم في المنطقة منذ قطع دول عربية علاقاتها الديبلوماسية مع قطر. وقال البيت الأبيض إن الزعيمين اتفقا أيضاً على ضرورة أن تنفذ كل الدول الاتفاقات التي تم التوصل إليها أخيراً في قمة الرياض.
من جهة أخرى، حضّ تيلرسون، السعودية والإمارات والبحرين ومصر، على «تخفيف الحصار» الذي فرضته على قطر، حاثّاً في الوقت نفسه الدوحة التي «حقق (أميرها) تقدماً في وقف الدعم المالي وطرد عناصر إرهابية من بلاده»، على «القيام بالمزيد وبشكل أسرع في مجال مكافحة الإرهاب».
ورأى تيلرسون، في تصريح مقتضب للصحافيين، أن «الحصار يضرّ بالعمل العسكري للولايات المتحدة في المنطقة، وبالحملة ضد تنظيم (داعش)»، في تناقض مع ما أعلنه المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، جيف ديفيس، حين قال إنه «في هذه المرحلة، ليس هناك أيّ تأثير (للحصار المفروض على قطر) في عملياتنا». وأشار وزير الخارجية إلى أن «قطر لديها تاريخ في دعم جماعات تراوح بين ممارسة النشاط (السياسي) وبين ممارسة العنف»، مطالباً الدوحة بأن «تتجاوب مع مخاوف جيرانها». كما لفت إلى أن «هناك تداعيات إنسانية لهذا الحصار»، واصفاً إياها بأنها «غير مقصودة»، ومؤكداً أن «هذه التداعيات تمكن معالجتها فوراً».
مواقف واشنطن المتفاوتة في مستوى التصعيد تزامنت مع صدور بيان مفاجئ، مساء أمس، عن سفير الإمارات لديها يوسف العتيبة، قال فيه إنّ دولته «ترحّب بقيادة (ترامب) في مواجهة دعم قطر المقلق للتطرف»، مضيفاً أنّ «الخطوة التالية هي أن تقرّ قطر بهذه المخاوف، وتلتزم مراجعة سياساتها الإقليمية». كما قال إن هذا «سيوفر الأساس الضروري لأي مناقشات».
على المقلب القطري، استنكرت الدوحة إدراج السعودية والإمارات والبحرين ومصر أشخاص وكيانات «مرتبطة بقطر» على قوائم الإرهاب. واتهمت الخارجية القطرية، في بيان، الدول الأربع بـ«الافتراء»، واصفة اتهاماتها بـ«الباطلة».
وكانت الرياض وأبو ظبي والمنامة والقاهرة قد أصدرت في وقت متأخر من مساء أول من أمس، بياناً مشتركاً أعلنت فيه إدراج 59 شخصاً، بينهم الشيخ يوسف القرضاوي، و12 كياناً «مرتبطاً بقطر»، على قوائم الإرهاب المحظورة لديها.
على خطّ مواز، وفي تطور لافت، صادق الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على مشروع قانون أقرّه البرلمان، يوم الأربعاء الماضي، لإرسال قوات إضافية إلى قطر. ولم يحدّد المشروع الذي نُشر في الجريدة الرسمية أمس عدد الجنود الذين سيتم إرسالهم أو موعد ذلك، لكن صحيفة «حرييت» قالت، أمس، إن طائرات وسفناً حربية تركية ستُرسل إلى قطر بعد نشر أوّلي لقوات يُتوقّع أن يتراوح عديدها بين 200 و250 جندياً في قاعدة الريان في الدوحة. كذلك، كشفت الصحيفة أن وفداً تركياً سيسافر إلى قطر في الأيام المقبلة.