بعد مرور عقد على سيطرة حركة «حماس» على الحكم في غزة، وطردها عشرات المسؤولين الفلسطينيين وأُسرهم إلى الضفة المحتلة، يدرس رئيس السلطة محمود عباس، إعلان قطاع غزة «إقليماً متمرداً»، وفق ما نقلت صحيفة «إسرائيل اليوم» عن مسؤول فلسطيني رفيع المستوى.
المسؤول الفلسطيني، المقرب من أبو مازن، وصف في حديث، أمس، إعلان غزة إقليماً متمرداً، بأنه «سلاح يوم الحساب» الذي قد تستخدمه السلطة لوضع حد للأزمة بينها وبين «حماس»، ما قد يدفع الأخيرة «إلى تسليم زمام الحكم في القطاع إلى الحكومة الفلسطينية في رام الله».
ووفق الصحيفة الإسرائيلية، في حال أُعلنت غزة «إقليماً متمرداً»، ستُفرض مباشرة حالة الطوارئ في القطاع، ثم يوقع أبو مازن مرسوماً يقر بموجبه أن «حماس حركة متمردة غير قانونية، وممنوعة من ممارسة نشاطها». جراء ذلك، من المفترض أن تُصادر ممتلكاتها، وتُوقف حساباتها المصرفية، ويُعتقل قادتها، ثم تتوقف السلطة عن دفع رواتب موظفي القطاع العام في غزة. وقد تطلب أيضاً من الأمم المتحدة والجامعة العربية وكل المنظمات الدولية وقف المساعدات والمنح عن القطاع المحاصر.
بالإضافة إلى هذه الإجراءات، قالت «إسرائيل اليوم» إن السلطة ستطلب من المحكمة العليا الفلسطينية حل المجلس التشريعي، وإعلانه غير شرعي، ما يعني رفع الحصانة عن أعضاء المجلس التشريعي كافة، كما ستُحل الحكومة الحالية وتشكل حكومة انتقالية في مرحلة الطوارئ.
في هذا السياق، أكد المسؤول الفلسطيني نفسه أنهم في رام الله يرون أن مساراً كهذا له تداعيات سياسية بعيدة المدى ليس على الصراع داخل البيت الفلسطيني فقط، وإنما يمكن أن يشكل ضغطاً على الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وإسرائيل والأردن ومصر، ودول أخرى للدفع بحل سياسي ينهي الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي، وهذا «سيكون بتدخل قوى إقليمية في موضوع الصراع، وأزمة غزة. وهو أمر من شأنه أن يمنع تصعيداً قد يجر إلى حرب بين الحركة وإسرائيل».

لا تبدي إسرائيل حماسةً لخطوات السلطة إلا بقدر حذر ومدروس

ووفق المسؤول نفسه، وُضع المستوى الأمني الإسرائيلي في صورة القرار الذي يدرسه أبو مازن حالياً، لكن الجهات الإسرائيلية قالت إنها «لا تدعم مثل هذه الخطوة ما دامت المحاولات التي تجريها جهات إقليمية ودولية لحل أزمة القطاع لم تستنفد».
برغم ذلك، أشار المسؤول نفسه إلى أن طبيعة التداعيات الحقيقية لهذا الإجراء غير واضحة حالياً. لكنه رأى أن الإجراءات التي اتخذتها السلطة أخيراً، بدءاً بتقليص رواتب العاملين في السلطة داخل غزة، مروراً بالتوقف عن دفع رواتب أعضاء في المجلس التشريعي التابعين لـ«حماس»، وكذلك التوقف عن دفع مخصصات أسرى فلسطينيين، لم تكن سوى «طلقة البداية» نحو الإعلان عن القطاع «إقليما متمرداً».
ولفت أيضاً إلى أن السلطة شكلت أخيراً طاقماً من القانونيين التابعين لوزارة العدل في رام الله، بهدف دراسة آليات تطبيق إعلان غزة «إقليماً متمرداً» بموجب النواحي القانونية التي يفرضها القانون الفلسطيني الداخلي، وكذلك التي يفرضها القانون الدولي.
وتأكيداً للموقف الإسرائيلي الذي يصف نفسه بأنه «غير مندفع» مع إجراءات السلطة، كان المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، قد قال إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أوعز إلى الوزراء بألا يتحدثوا مع وسائل الإعلام الإسرائيلية عن أزمة الكهرباء في غزة، كما قال نتنياهو خلال لقاء مع مسؤولين عسكريين إن قضية الكهرباء «شأن فلسطيني داخلي بين السلطة وحماس، وإسرائيل لا تنوي التدخل... (لأنها) غير معنية بالتصعيد».
على جهة مقابلة، حتى إن اتخذت السلطة إعلاناً من قبيل أن غزة «إقليم متمرد» فإن ذلك لا يجبر أياً من الأطراف العربية أو الدولية على الحذو حذو رام الله، علماً بأن إسرائيل كانت قد أعلنت ضمن معاييرها أن غزة «إقليم متمرد» منذ سنوات. وفيما تدرس السلطة إمكانية تحويل هذا الإعلان إلى إعلان شبه إقليمي عبر الجامعة العربية، فإن دون هذا السيناريو عقبات كبيرة، منها الموقفان المصري والأردني اللذان ليس بالضرورة أن يطابقا موقف عباس.
أما «حماس»، فترى وفق مقربين من الحركة في الوضع القائم حالياً بعد إجراءات عباس الأخيرة «أسوأ السيناريوات الممكنة»، وخاصة أنه في حال تحقق الانفتاح مع مصر وتوافر منفذ بري فعلي للأفراد والبضائع لغزة، سيكون رد فعل السلطة قد فات أوانه، بل قد يدفع نحو سيناريو آخر يجري الحديث عنه منذ مدة، وهو ربط غزة بمصر اقتصادياً، والضفة بالأردن بالكونفدرالية.
(الأخبار)