لم يكن الإفطار الذي أقامه حزب الاتحاد برئاسة الوزير السابق عبد الرحيم مراد، في البقاع الغربي قبل يومين، سوى مؤشّر بالنسبة إلى القوى السياسية في القضاء على قدرة مراد وظهوره كقوّة لا يستهان بها في المنطقة، قبل أقل من عامٍ على الانتخابات النيابية المقبلة.
وفيما تعمّد منظّمو الحفل إظهار أكبر حشد ممكن من المحازبين والمناصرين والأصدقاء وعلى قدرة عالية في التنظيم، تحوّل الإفطار إلى «حفل مبايعة» للوزير السابق، خصوصاً في ظلّ التراجع الكبير الذي أصاب تيّار المستقبل في المنطقة، وحفاظ مراد على مستوى مستمرّ من الخدمات، مترافقاً مع خطاب سياسي متميّز عن فريقي 8 و14 آذار، يبدو أنه يناسب المزاج العام في البقاع الغربي.
قبل موعد الإفطار، كان ملعب «جمال عبد الناصر» في «مدينة البقاع الرياضية» في بلدة الخيارة يغصّ بالمشاركين، الذين تجاوز عددهم 7000 شخص، من أبناء البقاعين الغربي والأوسط وراشيا، ليأتي الإفطار/المهرجان في سياق إثبات الحضور، بعد إفطارين أقامهما تيار المستقبل على شرف الرئيس سعد الحريري في البقاع، ولم يتجاوز عدد الحاضرين فيهما 2400 شخص.

ريفي ألغى
الإفطار الذي كان
مقرّراً على شرفه في البقاع الغربي
وفيما تعتبر مصادر الاتحاد الإفطار «إنجازاً كبيراً ودليلاً على قوّتنا ومحبّة الناس لنا وتقديراً لخطابنا»، تقلّل مصادر قيادية في تيار المستقبل من أهمية الحشد، معتبرةّ أن حسن مراد، نجل الوزير السابق، «أخذ صورة لكمية الحضور وليس للنوعية، حتى إنه كان يوجد بين الحاضرين سوريون». وتتّهم المصادر حسن مراد بأنه «خدع الحاضرين حين قال إن الحضور مبايعة لوالده، بينما الناس أتوا لتناول الإفطار وليس للمبايعة». إلّا أن المصدر يستدرك موقفه، مؤكّداً «أننا لا ننكر كتيار قوة مراد في الغربي وقدرته على الحشد الجماهيري، لكن هذا الأمر يعود إلى سياسة الشيخ سعد التسامحية التي انتهجها، ما فتح المجال أمام مؤيدي التيار لأن يحضروا مهرجاناته». ولا يغيب عن حديث المصدر المستقبلي الإشارة إلى إخفاقات تيار المستقبل، معتبراً أن «ما نراه هو نتيجة لما كنا نقوله سابقاً، من أنه لا يمكن أن يقوم حزب أو تيار على مبدأ التجييش العاطفي، ودم الشهداء والشرخ داخل البيت الواحد، وبسبب التراجع السياسي وعدم الثبات على موقف، ما أفقد تيارنا جمهوره». وختم المصدر بأن «عدم إتمام مصالحة مراد مع التيار يعود إلى إقتناع الرئيس الحريري، من أحد مستشاريه البقاعيين، بأن المصالحة مع مراد والتحالف معه، في ظل غياب نوابنا عن المنطقة وعدم قدرتهم على استيعاب الناس، ستحوّل الناس وجمهور التيار إلى مراد الذي لديه القدرة على استيعابهم، ويصبح مراد هو المقرر الأساسي في البقاع».
في المقابل، تؤكّد مصادر قيادية في الاتحاد أن «الإفطار السنوي وجّهت الدعوات اليه باسم الحزب للمحازبين والمؤيدين والأصدقاء، وكنا نتوقّع عدداً أقلّ، إلا أن الحضور تجاوز 7800 شخص، ووقعنا في إرباك لتأمين جلوس الجميع، لكن الحمد لله الناس تفهّمونا». وعلّقت المصادر على اتهامات المستقبل، مؤكّدة أن «الإقبال على إفطارنا هو ثمرة ما نزرعه منذ عقود، وهذا يؤكد أن للبقاع الغربي مرجعيته الوطنية التي تعرف معاناة البقاعيين وتعمل على مساندتهم، مضيفاً أنه «لو أن الناس رفضوا المبايعة التي تحدّث عنها حسن مراد، لكنّا رأينا الرافضين انسحبوا، وهذا لم يحصل، لأن الجميع موافقون على أن مراد المرجعية الوطنية للبقاعيين». من جهته، يقول حسن مراد لـ«الأخبار» إن «المقصود لم يكن إحراج الناس بالقول إن الأمر كان مبايعة، لكن نحن نعرف نبض الناس، لأننا على احتكاك دائم معهم ونقدّر محبّتهم وتأييدهم لدور الحزب؛ فالمسألة ليست مسألة خدمات فحسب، بل خطاب سياسي معتدل لم يتغيّر منذ سنوات، وهو بالتأكيد على العروبة كخيار يجمع اللبنانيين وإخوتهم العرب، وضرورة العودة إلى العروبة الآن في ظلّ ما يحصل حولنا، بدل التشرذم والتفكّك الحاصلين».
ولم تكن كلمة مراد في الإفطار تقليدية، بل رفع الوزير السابق «شعار مد اليد للجميع وتسوية البيت الداخلي والحوار»، في شبه ردٍّ على ما قاله الحريري في إفطار البقاع قبل عشرة أيام، من دون أن يسمّيه. ورأى مراد أن «تنظيف الليطاني حق للبنانيين على الدولة، وتنظيفه ليس منّة من أحد»، وأن «الأوتوستراد العربي تأخر إنجازه سنوات عن موعده المحدد، ما أعاق حياة اللبنانيين وأوقع العشرات من الضحايا نتيجة وضع طريق بيروت البقاع السيّئ وغياب الإنارة والتجهيز بمقومات السلامة العامة». كذلك طالب مراد بـ«إعادة ما سلب من المزارعين وضرورة عودة معمل السكر، ومكتب تسلّم القمح ووجوب تشجيع الصناعات الزراعية». وحول قانون الانتخاب الجديد، رأى أنه «غير مرض وغير منصف»، مطالباً بقانون انتخابي منصف يعتمد النسبية الكاملة على صعيد لبنان دائرة واحدة، ويعطي الشباب في سن الـ18 حق المشاركة في الانتخابات.
لا شكّ في أن الوقت لا يزال مبكراً للحديث عن التحالفات والنتائج في دائرة البقاع الغربي ــ راشيا، إلّا أن الحركة الانتخابية قد بدأت بالفعل منذ ما قبل صدور قانون الانتخاب الجديد، في تطوّرات وخلط أوراق ستنتج حتماً نتائج مغايرة عن انتخابات 2009.
من جهة ثانية، وعلى الرغم من الحركة التي يقوم بها الوزير السابق أشرف ريفي في البقاع الغربي، إلّا أنه ألغى الإفطار الذي كان مقرّراً على شرفه هذا الأسبوع، من دون أن تتّضح الأسباب.