اسطنبول | يُشاع بين عدد من متابعي «ملف الإخوان» في تركي، أنّ الإفطار الأخير الذي أقامته جماعة «الإخوان المسلمين» المصرية في اسطنبول في الرابع من الشهر الجاري، بحضور أقطاب، يتقدمهم الأمين العام للتنظيم محمود حسين، أثار «إحراجاً» للحكومة التركية، واشتد لاحقاً بفعل استعار الأزمة الخليجية ــ الخليجية منذ نهاية الأسبوع الأول من الشهر نفسه.
ويقول متابعون إنّ «الظرف الإقليمي الحالي»، وما سمته أطراف سياسية تركية مطلعة «الهجمة الإقليمية والغربية على تركيا»، عاملان جعلا «من غير المناسب على الإطلاق بروز نشاط سياسي للإخوان، وإن كان مغلفاً في إطار اجتماعي، وخاصة في ظل إخفاقات التنظيم ونشوب اشتباكات كلامية وصدامات داخل تركيا، بين طرفي الأزمة في التنظيم خلال الأشهر القليلة الماضية».
ويقول سياسي تركي إنّ مواصلة «الإخوان» نعت الرئيس رجب طيب أردوغان، بأنه «الرئيس المؤمن، أو السلطان، أو مؤسس الدولة الإسلامية الجديدة في تركيا، وصاحب المشروع الإسلامي، تزعج الحكومة حالياً». ويشير هذا السياسي القريب من الحكومة، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أنه «قلق إزاء تزايد وتيرة تلك الأوصاف لأردوغان، وخاصة أنه يجري استغلالها في الداخل التركي من جانب المعارضة، ويُبنى عليها لدى دوائر غربية، طمعاً في مزيد من الضغط على الحكومة التركية».
وتتصاعد هكذا أحاديث منذ «إفطار الإخوان»، وهي تجري ضمن دوائر تشمل «إخواناً» مصريين وبعض السياسيين الأتراك، فيما يحاول «الإخوان» الرد عليها عبر الإيضاح بأنهم من خلال تصريحاتهم يهدفون إلى «شكر تركيا وأردوغان»، والإقرار في الوقت نفسه بالعجز «عن ضبط الخطاب الإعلامي».
هذه الأجواء التركية، الغريبة عملياً عن سياسات أنقرة طوال السنوات الماضية، لا بد أنّ لها ما يبررها، وقد توضح الأيام المقبلة على نحو أكبر مدى جديتها. لكن لعلّ الأمر الأكثر أهمية الذي جرى خلال الأيام الماضية، والذي يمكن الوقوف عنده، يكمن في تفعيل مبادرة كان قد أطلقها في منتصف شهر نيسان الماضي، الإعلامي والباحث السياسي التركي محمد زاهد غول، بطلب من أطراف تركية رسمية، ترمي إلى إنشاء جمعية تحت اسم «بيت الإعلاميين العرب»، هدفها تشكيل «وعاء يجمع كل بيانات الإعلاميين والباحثين والصحافيين العرب (بمن فيهم المصريون)، المقيمون في تركيا».
أحد الصحافيين المصريين في اسطنبول، علّق على إنشاء هذا «البيت»، بالقول، إنّ الأمر يمثّل «محاولة من جانب الحكومة التركية والمخابرات، للإحاطة من الآن فصاعداً بكل تفاصيل وأخبار ومعلومات العمل الإعلامي والبحثي والسياسي (العربي) في تركيا، ليكون تحت نظرهم، بحيث يستطيعون التحكم فيه بسهولة».
ويوم الاثنين الماضي، أقامت الجمعية التي أسسها زاهد غول إفطاراً في اسطنبول، حضره المتحدث الرسمي باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، والذي قُرئ حضوره من باب أنّ «الرئاسة التركية تراقب الأمر وتدعمه وتوافق عليه».
ويُعتبر زاهد غول، الذي يتقن العربية، أحد الإعلاميين الأتراك المتابعين لشؤون المنطقة، وهو مقرّب من الحكومة التركية وعضو في «حزب العدالة والتنمية». وبرغم دفاعه الدائم عن سياسات أردوغان وحكومته، وقربه من جماعات «الإخوان» العربية، إلا أنّه كان لافتاً قبل أيام تعليقه على الأزمة الخليجية ــ الخليجية، بالقول إنّ النهج الذي تبنته القيادة التركية يجب تعديله سريعاً، وخاصة «إذا أرادت استمرار العلاقات الجيدة مع السعودية». وقال: «في اجتماع خاص مع بعض الصحافيين في الرياض منذ عدة أشهر، أوضح (ولي العهد السعودي) محمد بن سلمان أن مخاوفه الكبرى تتمثل في الإسلام السياسي والإخوان المسلمين ومن يساندهما»، مضيفاً: «ستحتاج الحكومة التركية إلى إدراك هذه الحساسية إذا أرادت الحفاظ على العلاقة مع ابن سلمان».
وكان زاهد غول قد أوضح سابقاً أنّ تركيا تستقبل «قنوات تلفزيونية (عربية) تصل إلى نحو ١٥ قناة، ونحو ٥٠ موقعاً إلكترونياً، ومجلات، أو مطبوعات أسبوعية، وبعضها يومية، تنشط في عدد من المدن التركية، فضلاً عن الإذاعات الصوتية»، مشيراً إلى أن «بالإمكان الحديث عن حضور إعلامي (عربي) يُقدَّر بألفي شخص».