الخلاف السياسيّ بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية أكبر بكثير وأهم من الزكزكات المتبادلة للحصول على عضو إضافي هنا في مجلس الإدارة ومدير عام هناك؛ موقف القوات والعونيين المتناقض بشأن النازحين السوريين هو الأهم.
شدّ الحبال المتواصل بين الطرفين سيجد لنفسه ذريعة جديدة كل بضعة أيام، من دون أن يؤدي ذلك إلى انقطاع الحبل، في انتظار ما سترسو عليه التحالفات النيابية: من ملف الكهرباء، حيث تسعى القوات إلى إجهاض مشروع وزير الطاقة العوني سيزار أبي خليل، إلى ملف مستشفى البوار الحكومي (في كسروان)، حيث يستفحل الخلاف بين «الحليفين» على حصة كل منهما في مجلس الإدارة.
وتتواصل الاتصالات بعيداً عن الأضواء بشأن بعض التعيينات. ولا شك في أن خلافات صغيرة ستسبق وتتبع كل حفلة تعيين، من دون أن يكون لها تأثير سلبي كبير ما دام ملف التحالفات النيابية لم يفتح بعد. لكن ما يمكن ملاحظته اليوم من رفض عوني لإعطاء القوات أكثر من حجمها، وإصرار القوات على حصة تفوق حجمها، يؤكد أن تقاسمهما المقاعد النيابية لن يكون سهلاً أبداً. ولا شك في أن بعض الملفات الإقليمية كفيلة بإظهار حجم كبير من التناقضات السياسية التي تم إخفاؤها خلف بعض شعارات «الأخوة». ففي موضوع النازحين السوريين، ثمة من أيّد مطالبة نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بتنسيق الحكومة اللبنانية مع الحكومة السورية للوصول إلى حلول سريعة لأزمة النزوح، وهناك من سارع إلى رفضها. وقد بادر وزير العدل سليم جريصاتي إلى التأكيد أمس أن التواصل مع السلطات السورية مطلوب لإعادة النازحين إلى سوريا. لكن وزير الدولة، المستقبلي، معين المرعبي رأى أن «حزب الله يريد القول إن سوريا كمونتي كارلو، وهي بلد آمن ليعود النازحون إليه»، موحياً برفضه عودة النازحين. وأكدت مصادر القوات اللبنانية أن «التصدي لعودة الاتصالات الرسمية بين الحكومتين اللبنانية والسورية تحت ذرائع مختلفة» سيكون أولويتها المطلقة في الأيام المقبلة، وهي واثقة من تجاوب رئيس الحكومة سعد الحريري معها، في وقت بدا فيه واضحاً من بيان لقاء الأحزاب وعدة بيانات أخرى أن مطلب الشيخ نعيم قاسم سيأخذ مداه في الأيام القليلة المقبلة، ليتبيّن من يريد عودة سريعة للنازحين السوريين وحلّ جزء كبير من هذه الأزمة ومن يريد انتظار الأمم المتحدة كما كان وما زال ينتظرها لإعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى بلادهم، منذ 69 عاماً.
(الأخبار)