يبحث مجلس الوزراء، في جلسته اليوم، بنداً على جدول أعماله، يتضمن طلب إدارة نادي الغولف تجديد عقد استثمار نحو 225 ألف متر مربع من الاملاك العامة التابعة للمديرية العامة للطيران المدني، لمدّة 10 سنوات إضافية.
أحال وزير الأشغال العامة يوسف فنيانوس (بوصفه وزير الوصاية) هذا الطلب على الأمانة العامة لمجلس الوزراء منذ بضعة أسابيع، وهو يتضمن كتاباً رفعته اليه إدارة النادي، وأرفقه بعبارة تقول: «أودعكم ربطاً كتاب نادي الغولف والمتضمن طلب تجديد عقد أشغال العقارات التابعة للمديرية العامة للطيران المدني»، أي إن الوزير فنيانوس لم يتقدّم بأي توصية محددة، ولم يقترح قبول الطلب أو رفضه، وهو ما فُسّر على أنه «حياد سلبي».
لا يذكر الكتاب قيمة عقد الاستثمار ولا شروطه، ولكنه يحاول تثبيت منشأ هذا العقد بوصفه «عقد استثمار زراعي» لا «عقد اشغال أملاك عمومية»، إذ كان النادي قد فاز قبل 54 عاماً بعقد «زراعة الأراضي الرملية المحيطة بمطار بيروت الدولي في مقابل الترخيص له باستعمال هذه الأراضي لممارسة رياضة الغولف». يومها جرى تحديد بدل رمزي قيمته 1100 ليرة سنوياً عن كامل هذه الارض، بحجة أن زراعتها وريّها وصيانتها تكلّف مبالغ طائلة!

بلدية الغبيري: مستعدون للمزايدة

بلدية الغبيري مستعدة لدفع مليون دولار وتحويل الأرض الى حديقة عامة

يقول رئيس بلدية الغبيري، معن الخليل، إن هناك حاجة كبيرة لمساحات عامة وخضراء في منطقة الغبيري (المكتظة بالسكان والبناء العشوائي) التي تقع ضمنها عقارات المديرية العامة للطيران المدني والمشغولة من نادي الغولف. يؤكد الخليل أنه في حال أطلقت وزارة الأشغال العامة والنقل مزايدة علنية لتلزيم أشغال زراعة الاراضي وريّها وصيانتها، فإن بلدية الغبيري ستشارك في هذه المزايدة، وهي مستعدة لتدفع مبلغاً يصل إلى مليون دولار سنوياً لاستئجار الارض وتحويلها إلى مساحة عامة مفتوحة للسكان ولكل من يرغب في زيارتها، لا أن تبقى حكراً على فئة وممنوعة عن كل الفئات الأخرى.

الحريري مع التجديد

على الرغم من طرح بلدية الغبيري وانسجامه مع مفهوم المصلحة العامة، تقول مصادر مطّلعة إن رئيسَ الحكومة سعد الحريري يصرّ على تجديد عقد النادي، وأوعز إلى وزرائه بالسير في هذا الاتجاه وعدم قبول مبدأ «المزايدة» الذي يسمح للنادي بالمشاركة ويفرض عليه المنافسة مع جهات أخرى وطرح سعر مرتفع للفوز، وهو ما يحقق إيرادات إضافية للخزينة في أسوأ الأحوال. أما رئيس مجلس النواب نبيه بري، فطلب من وزراء حركة أمل أن يصرّوا على تحصيل إيرادات إضافية للخزينة من عقد إيجار الأرض التي يشغلها نادي الغولف.

مخالفات كثيرة

بحسب المعطيات، فإن وزارة الأشغال العامة والنقل كانت قد أطلقت مزايدة علنية لاستثمار أراضٍ تابعة لها في عام 1963. رست المزايدة يومها على نادي الغولف اللبناني بمبلغ 1100 ليرة سنوياً. وقد نظّم العقد بعد تسليم مواقع العمل بتاريخ 27/9/1964 لمدّة 15 سنة، انتهت بتاريخ 26/9/1979. إلا أنه منذ ذلك الوقت، في ظل الحرب الأهلية وبعدها، عمد مجلس الوزراء الى تمديد العقد رضائياً مع إدارة النادي، وجرى آخر تمديد لمدّة 7 سنوات تنتهي في 26/9/2017.
وكانت الإدارة المعنية في الوزارة قد أعدّت دراسة للملف، تشير إلى أن أساس العقد، أي التلزيم لمدّة 15 سنة وما تلاها من تمديد متكرر، هو مخالف للقوانين المرعية الإجراء، ولا سيما للأحكام القانونية المتعلقة بإشغال الأملاك العامة التابعة للمطار ولغايات استثمارية، ولأحكام المادة 60 من القرار التشريعي 275 ولأحكام المادة 30 من قانون موازنة 1990 ولقرار مجلس الوزراء رقم 21 بتاريخ 1990.

خيارات لم تُدرس

طرحت الوزارة هذه الدراسة على مجلس الوزراء في عام 1999، إلا أن المجلس قرر يومها تمديد العقد بصورة مؤقتة لبحث طرق علاج المشكلة الناشئة عن هذا الوضع القانوني، واستمر في التمديد لبحث طرق العلاج، علماً بأنه كلّف لجنة لاقتراح الحلول، إلا أن الضغوط أدّت إلى استقالة رئيسها واعتذاره عن عدم قبول المهمة الموكلة إليه، ليصدر لاحقاً تقرير عن اللجنة يشير إلى أن العلاقة بين النادي والوزارة هي علاقة التزام أشغال عامة تستوجب البحث في 3 خيارات:
1ــ استمرار إشغال النادي لقاء رسم والاستمرار في تنفيذ التزاماته تجاه الأراضي المشغولة منه.
2ــ الترخيص للنادي لقاء رسم رمزي إذا اعتبر الغرض من الإشغال هو للمنفعة العامة.
3ــ اعتباره مشروعاً سياحياً تطبّق عليه القوانين المرعية في هذا المجال.
اللافت في هذا السياق أنه تبيّن لوزارة الأشغال أنه «ليس هناك أي مرسوم يرخّص لنادي الغولف بإشغال الأراضي المذكورة».