يسعى «معرض دمشق الدولي للكتاب» (يستمر حتى 12 آب/ أغسطس الحالي)، الى استعادة عافيته تدريجاً، في «بروفة» ثانية، بعد الحرب. دورته الـ29 نوع من «تزييت العجلات» باستقطاب عددٍ أكبر من دور النشر المحليّة والعربية (150 داراً). بالطبع غابت دور النشر العربية الكبرى التي اعتادها القارئ السوري.
غياب سياسي في المقام الأوّل، ذلك أنّ الحرب ألقت ظلالها على توجّهات دور النشر خشية أن تُحسب على ضفةٍ، وتخسر ضفةً أخرى أكثر دسماً. لن نجد ذلك الزحام الذي يميّز معارض الكتب الأخرى. ثلاثة أروقة متقاطعة في محيط «مكتبة الأسد الوطنية»، ثم تنتهي الجولة. لن يغرينا أيضاً، البرنامج الثقافي المرافق لفاعليات المعرض، ذلك أننا سنجد الأسماء نفسها تقريباً، بغياب شامل للمثقفين العرب، في إعادة انتاج مضجرة لعناوين عمومية مثل «الثقافة والحرب»، و«الترجمة»، وأمسيات لشعراء منبريين مسلّحين بحناجر عالية.
هكذا يتوزعون «الغنيمة» بسطوة ذائقة موظفي المكاتب، من دون اقتراحات جديّة، أو خيال خلّاق. طابور وحيد سنجده أمام جناح «الهيئة العامة السورية للكتاب» التي أعلنت عن حسومات على مطبوعاتها تصل إلى 70 في المئة، ممّا أغرى قرّاء كثر لاقتناء كتاب ما، بأقل من ثمن فنجان قهوة في كافتيريا المعرض. ارتفاع كلفة الطباعة وضع دور النشر الخاصة في مأزق، نظراً لتدهور القوة الشرائية للقارئ السوري، فكان على هذه الدور تخفيض أسعار الكتب بالمقارنة مع أسعارها في المعارض الخارجية، واللجوء إلى استقطاب بعض المؤلفين لتوقيع كتبهم. هكذا سيوقّع اليوم الجمعة، فراس السوّاح أعماله الكاملة (21 كتاباً) في جناح «دار التكوين»، كما ستستضيف الدار نفسها عادل محمود لتوقيع روايته الجديدة «قطعة جحيم لهذه الجنّة»، وكتابه «الموت أقدم عاصمة في التاريخ»، كما سيحضر من طوكيو الشاعر محمد عضيمه لتوقيع أعماله الشعرية. سنقع على عناوين لافتة في دار «دال»، مثل «التجربة الداخلية» لجورج باتاي، و«يوميات يالدا رحيمي» لماريون روجييري، و«عازف البيانو الأفغاني» لشابنام زارياب.
من جهتها، تقترح «دار نينوى» عناوين في التصوّف واللسانيات والأدب، مثل «الرد بالجسد» لكريم الساعدي، و«الحياة المشتركة» لتزفيتيان تودوروف، و«كتاب مشرب الأرواح» لأبي محمد الشيرازي.