كل الجهد لنصرة اخوتنا في دماج، وعلى المسلمين اقتناء السلاح وتخبئته والاستعداد، وعلى الكل التدرب على السلاح وتدريب اطفالهم على استخدامه. دماج في اليمن تستعد لجولة جديدة من النزاع بين القاعدة وبين السلطات والسكان، تحسمها كالعادة الطائرات الاجنبية التي لا يعلم احد هل تنطلق من السعودية لتضرب قياديين في القاعدة ام تأتي من البحر. في العراق الخيارات تختلف قليلاً، هناك لا يطيل اعضاء القاعدة لحاهم. هم اصبحوا في موقع آخر. المهاجرون منهم باتوا في حالة يأس، ويعدّون العدة للرحيل، ويتركون خلفهم عراقاً ستتكفل القوى المشاركة في العملية السياسية والفئات التي لم تشارك، مهمة تدميره مجدداً على ما يبدو، بينما القاعدة تنتج جيلاً جديداً من المقاتلين المحليين، ويتجه المهاجرون من المقاتلين والقياديين الى الالتزام بقرار الدكتور ايمن الظواهري العمل في سوريا.
في مصر لم تزدهر السلفية الجهادية، بل كان النظام يحضن سلفيات دعوية، تكفّر المشاركة بالانتخابات، وتسيطر على الشارع بنسب عالية جداً، تعيش في نعيم الظلام في الاحياء الفقيرة، وتتسلى بلعبة شتم النظام القديم والنظام يتجاهلها مستفيداً من وجودها حتى اللحظة الاخيرة، وحين كان الرئيس المصري حسني مبارك ينهار اخرج لحية السلفية والاخوان ليخيف بها الغرب، لكن التمويل السعودي لهذه المجموعات المصرية لم يخف احداً، وعلى العكس، حين انقضّ المجلس العسكري على السلطة اصبحت الانتخابات واجباً، ومن لا ينتخب حزب النور فهو كافر (بحسب تصريحات الحزب بالأمس).
التكفير هذا لم يقف هنا، وتجمع عدد من قوى السلفية الدعوية في مصر لم يؤدّ الى هجمات ضد من لا يحكمون بشرع الله، ولا الى الانتفاض على الجدار الفاصل الذي يميت الشعب الفلسطيني، ولم يعد احد في مصر يذكر جهاد الاخوة السلفيين في غير دار، ومقتل آلاف من المصريين ضمن عمليات تنظيم القاعدة وهم يحاولون الوصول الى «الغرب المجرم واليهود الكفار وقتلة الانبياء»، ونسي السلفيون في مصر الجبهة العالمية لقتال الصليبيين واليهود، التي اسسها الشيخ اسامة بن لادن والدكتور ايمن الظواهري، والانكى انهم نسوا الدكتور ايمن، المصري الاصل، الذي لا يزال تائهاً في مكان ما في قتاله الاسطوري ضد الظلم.
راح السلفيون في مصر الى الطريق القويم والصراط المستقيم، فبات السلام مع اسرائيل اولى من شرع الله، والحكم بما انزل الله لاحقاً وتابعاً للمصالح العليا، التي اصبحت وضعية، بعدما كانت مستقاة من الكتاب الإلهي والاحاديث المثبتة ومن السلف الصالح حصراً. وصار صعباً تمييز لحى السلفية الدعوية المسالمة في مصر من لحى مقاتلي حركة كاهانا في اسرائيل.
في سوريا قررت القاعدة التدخل، كانت البيانات الاولى للدكتور ايمن الظواهري تشير الى عدم قدرة التنظيم على نصرة اهله في بلاد الشام، ثم تغيرت اللهجة، وبدأت النصائح بعدم استخدام العنف في سوريا، ومن بعدها، مرة اخرى، خرجت نصائح جديدة، باسم كتائب عبد الله عزام وبعض اهم محرضي التنظيم عبر الانترنت على التسلح ومقاومة النظام السوري بالقوة، وتنفيذ عمليات محددة لإنهاك النظام والجيش.
بكل الاحوال، نقلت القاعدة ثقلها من العراق الى اماكن اخرى اهمها سوريا، وستصبح سوريا خلال الاشهر المقبلة ملاذاً آمناً للتنظيم، بعدما كانت ممراً لمقاتليه الى العراق، وسيكون الشعار أن هذا النظام لم يقاتل اسرائيل، بل هو نظام ظالم لأهل السنة ومساوم على حقوقهم، في الوقت الذي باتت فيه كتائب عبد الله عزام تنفي اطلاق صواريخ من لبنان على فلسطين المحتلة.
خريطة عجيبة اذاً هي تلك التي يرسمها المسار السلفي بأجنحته المختلفة، من السلفية الدعوية المسالمة الى السلفية الجهادية المقاتلة، من دون ان ننسى انها في ليبيا قاتلت ضد نظام معمر القذافي بحمى الطائرات الغربية.
وفي لبنان يختبئ بعض السلفيين وراء النزاع السني الشيعي، لا مجال لهؤلاء للتورط بلعبة الامن، ليس حالياً على الأقلّ، هم يعتلون المنابر، ولهم في ذلك طول باع، واليوم يسدّون فراغات يتركها تيار المستقبل خلفه بعد اختفاء عدة العمل ورؤيته المستقبلية.
لا ضرورة لأن يخيفنا وزير الدفاع بمعلومات عن تحول قرى الى تأييد تنظيم القاعدة، وانتشار السلفية فيها، السلفية فكر ديني، ولكل ان يؤمن بما يريد، اما بث الخوف فلا يفترض ان يأتي من بضعة عناصر من التنظيم اتوا من سوريا او عبروا نحوها، بل ربما على الوزير والحكومة الالتفات الى شخصيات سياسية معروفة، وموجودة على مفكراتهم الهاتفية تدعم الجهاد القاعدي في اكثر من مكان وبأكثر من شكل.
المشكلة ان هذه اللحى لم تعد سلفية تماماً، وهي تستعدّ لمصافحة اللحى الاسرائيلية المتطرفة.