تصدرت أبو ظبي، في الأيام القليلة الماضية، المشهد السياسي والعسكري في اليمن، متخطية بذلك شريكتها الأساسية وقائدة تحالف العدوان، الرياض، التي تواصل البحث عن استراتيجية للخروج من الأزمة تحفظ لها ماء الوجه.
ففي حين كانت السعودية في الواجهة منذ بدء العدوان قبل عامين ونصف عام، يبدو أن الأطماع الإماراتية المتزايدة في اليمن وسعي أبو ظبي إلى التوسع وامتلاك زمام المبادرة باتا يشكّلان تهديداً لا يقل خطورة وجدية بالنسبة إلى صنعاء. وانعكس هذا الأمر بشكل واضح في خطاب زعيم حركة «أنصار الله» عبد الملك الحوثي، أمس، أكّد فيه أن الإمارات، بالإضافة إلى السعودية، «باتت في مرمى صواريخنا»، معلناً بذلك بدء مرحلة ما بعد الرياض.
وكشف الحوثي، الذي ظهر وخلفه شعار الذكرى الـ 55 لثورة الـ 26 من سبتمبر 1962، عن نجاح تجربة صاروخية تصل إلى العاصمة الإماراتية، مؤكداً أن ما قامت به القوة الصاروخية التابعة للجيش واللجان الشعبية «إنجاز كبير، وهناك أعمال حثيثة للوصول إلى أهداف داخل الإمارات في سياق الرد على جرائمها بحق أبناء الشعب اليمني».

استعرض زعيم
«أنصار الله» عناصر قوة «الحركة» البحرية

ومتوجهاً إلى «الدول والشركات التي لديها استثمارات في الإمارات»، حذّر الزعيم اليمني من أنه إلى جانب السعودية، فإن «أي هدف داخل الإمارات بات في مرمى صواريخنا»، داعياً إياها إلى أن «لا تنظر للبلاد كأنها آمنة، لأنها اليوم هدف للقصف الصاروخي اليمني».
أما في ما يخص السعودية، فأكّد أن «لدينا طائرات من دون طيار دخلت الخدمة، واخترقت أجواء السعودية بعشرات الكيلومترات، وفي المستقبل سيتم العمل على تدشين أعمال القصف، واستهداف مواقع العدو من خلال هذه الطائرات التي لا تزال تخضع للتطوير المستمر»، مشيراً إلى أن «صواريخنا باتت تصل إلى المنشآت النفطية السعودية»، ومعلناً أن «الصاروخ الذي وصل إلى ينبع في السعودية لم تتمكن صواريخ الباتريوت الأميركية من اعتراضه».
كما استعرض زعيم «أنصار الله» عناصر القوة البحرية التي تملكها الحركة، لافتاً إلى أنه «على الصعيد البحري، باتت البحرية اليمنية تمتلك قدرات لا يملكها العديد من الدول في المنطقة، وتستطيع ضرب البوارج الحربية والعتاد البحري للعدو بكل أشكاله وأنواعه»، متابعاً أن «أي تهديد للنشاط التجاري العالمي في البحر الأحمر تتحمل مسؤوليته قوى العدوان التي تحتل باب المندب وجزيرة ميون». وحذر الحوثي من استهداف تحالف العدوان محافظة الحديدة، معتبراً أن «هناك مؤامرة كبيرة على الحديدة وعلى ما تبقى من الساحل اليمني، وإذا اتجهت دول العدوان بحماقة إلى غزو الحديدة والميناء والساحل فإن القوة البحرية اليمنية ستستهدف السفن النفطية السعودية». وأشار إلى أن العدوان «يحضّر لتصعيد عسكري»، معتبراً أن السعودية تريد «التعويض عن هزائمها في العراق وسوريا في اليمن».
وفي هذا السياق، قال إن «هناك أكثر من أربعين جبهة، تمتد من البحر إلى تعز وإب والضالع وشبوة ومأرب ونهم والجوف، ومن ثمّ إلى الحدود مع السعودية في نجران وعسير وجيزان وميدي وحرض وساحل الحديدة»، كاشفاً عن وجود «عشرات الآلاف من أبناء الشعب اليمني... من شافعيين وزيدية وسلفيين وإسماعيلية» على هذه الجبهات.
وتسعى «أنصار الله» إلى الحفاظ على وحدة الصف في الجبهات وكذلك في الداخل، إذ أكّد زعيم الحركة أن «التفاهمات مع المؤتمر الشعبي العام والحلفاء أثمرت في الاستقرار السياسي والاجتماعي... وأي طرف يتجه نحو تقسيم الداخل يرتكب حماقة وخيانة وخدمة مجانية للعدوان»، معلناً مباركته «لكل المساعي التي تسعى إلى وحدة الصف والتفاهم».
وكانت وكالة الأنباء الرسمية «سبأ» قد كشفت، أمس، عن اتصال جرى بين الحوثي ورئيس «المؤتمر» علي عبدالله صالح، ناقشا فيه المستجدات على الساحة الوطنية وعلاقة الشراكة القائمة بين الطرفين، مؤكدين حرصهما «على مواجهة العدوان والدفاع عن الوطن وإدارة شؤون الدولة طبقاً للدستور والقوانين، وكذلك الاتفاق السياسي الموقّع بينهما في 28 تموز عام 2016»، والذي بموجبه تمّ تشكيل «المجلس السياسي الأعلى».
وأشارت الوكالة إلى أن وجهات النظر بين الزعيمين «متطابقة»، ولا سيما في ما يخص «الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية ووحدة الصف، وتوجيه كل الجهود والطاقات الوطنية للتصدّي للعدوان».
وفي هذا السياق، أكّد لقاء جمع رئيس «المجلس السياسي الأعلى» صالح الصماد، بالقيادات الإعلامية لـ«أنصار الله» و«المؤتمر»، أمس، بدء «مرحلة جديدة من التعاون والتنسيق والتكامل، وخاصةً على صعيد الإعلام الرسمي»، الذي من واجبه «الحفاظ بشكل كامل على الجبهة الداخلية، وتعزيز الصمود على جبهات القتال».
وتشكّل وحدة الداخل اليمني هزيمة سياسية إضافية للسعودية، التي اعترفت، أمس، بسقوط طائرة تابعة لها في محافظة أبين ومصرع طيّارها.
وأعلن المتحدث الرسمي باسم تحالف العدوان تركي المالكي، أنه «في تمام الساعة السابعة والنصف من مساء الأربعاء، سقطت طائرة تابعة للقوات الجوية الملكية السعودية، ما أدّى إلى استشهاد المقدم الطيار الركن مهنا بن سعد البيز»، مشيراً إلى أن السبب يعود إلى «عطل فني».
وأكّدت المواقع الإخبارية المحلية أن سبب السقوط هو «ارتطام الطائرة بأحد جبال منطقة جحين في المحافظة»، مشيرة إلى أنه «تمّ العثور على حطامها في جبال آل كشميم».
ويعتبر هذا الحادث الثاني من نوعه هذا الأسبوع، إذ أعلنت الإمارات، الاثنين الماضي، سقوط طائرة تابعة لها أثناء مشاركتها في العمليات العسكرية ومقتل طيّارها. كما تحطّمت، الشهر الماضي في محافظة شبوة، طائرة عسكرية إماراتية، وقتل طيّارها وعدد من مساعديه.
وأيضاً على الصعيد العسكري، أعلنت قناة «المسيرة» التابعة لـ«أنصار الله»، أمس، إطلاق «القوة الصاروخية صاروخين من طراز أوراغان وعدداً من القذائف على تجمعات الجيش السعودي والمرتزقة في معسكر الجربة» في منطقة عسير، وذلك بعد يوم من قصفها «رقابة الزج والمواقع المجاورة وتجمعات للجنود السعوديين قبالة منطقة مجازة» في المنطقة نفسها.
(الأخبار)