أثارت التحذيرات الأمنية التي أطلقتها السفارة الأميركية لرعاياها في بيروت حالة من البلبلة في الشارع اللبناني طوال يوم أمس. فما إن انتشر البريد الإلكتروني الذي وزّعته السفارة، محذّرة رعاياها من زيارة كازينو لبنان، حتى ألغت السفارة المكسيكية حفلاً كانت ستنظمه ليل أمس في الكازينو، خشية تعريض المدعوّين للخطر، خصوصاً أن بلاغ السفارة الأميركية حذّر من مخاطر أمنية قد يتعرّض لها هذا المرفق الحيوي تحديداً.
ونزل الخبر كالصاعقة على إدارة الكازينو الذي أكّدت مصادره لـ«الأخبار» أن «هكذا تحذيرات علنيّة تضرّ بالقطاع السياحي اللبناني من دون وجه حقّ»، منتقدّة التعميم الأميركي. غير أن بيان السفارة الكندية بدا أكثر فجاجةً، حين أعاد نقل ما تضمّنه التحذير الأميركي، وتوجّه إلى الرعايا الكنديين بتجنّب زيارة الكازينو ومحيطه يوم 14 أيلول (أمس)، وكأن حدثاً أمنياً مؤكّداً على وشك الحدوث. ثمّ أصدرت السفارة البريطانية تحذيراً تالياً للتحذيرين السابقين، كرّرت فيه التعليمات التي كانت قد أصدرتها السفارة سابقاً لرعاياها بتجنّب التجمّعات والمقاهي والفنادق والمرافق التي يرتادها الاجانب بشكل دائم، من دون تحديد كازينو لبنان بالاسم، معتبرةً أن تحديد مكان بعينه قد يرفع من نسبة الخطر باستهداف أماكن أخرى.

ملف بواخر الكهرباء يثبت تحالف المستقبل - التيار ضد امل والقوات والمردة



حالة البلبلة قوبلت بصمت من الجانب اللبناني، خصوصاً من الجهات الأمنية المعنية، لا سيّما وزارة الداخلية أو الجيش اللبناني. وفيما لم يتضح ما إذا كانت السفارة الأميركية قد أصدرت تحذيرها بناءً على معلومات مؤكّدة عن عمل إرهابي ما يجري الإعداد له لاستهداف كازينو لبنان، وإن كانت قد وضعت الاجهزة الأمنية بصورة هذه المعلومات أو العكس، إلّا أن أكثر من مصدر أمني أكّد لـ«الأخبار» أن «الأميركيين عادةً لا يطلقون مثل هذه التحذيرات إلّا بناءً على معلومات»، بينما قالت مصادر أخرى إن «تحذير أمس ليس مبنيّاً على معلومات مؤكّدة، بل على معطيات يجري تداولها منذ أيام حول نيّة تنظيم داعش استهداف لبنان ودول المنطقة، في محاولة للانتقام من هزائمه المتلاحقة».

صدام قواتي ــ عوني حاد

من جهة ثانية، أعادت إثارة ملفّ الكهرباء في مجلس الوزراء، أمس، رفع سقف الصدام بين التيار الوطني الحرّ وحزب القوات اللبنانية حول هذا الملفّ. وسادت مجلس الوزراء أمس أجواء متشنّجة على خلفية الكتاب الذي وجّهه رئيس دائرة المناقصات جان عليّة إلى وزارة الطاقة حول مناقصة الكهرباء، ما رفع من سقف التوتّر بين وزراء التيار والقوات تحديداً، في انعكاس لخلافات متراكمة حول عدّة ملفّات، أبرزها اختلاف وجهات النظر في معركة الجرود الأخيرة والموقف من الحكومة السورية، وأزمة التحالف الانتخابي في ظلّ قانون الانتخاب الجديد، وتقاسم الحصص المسيحية بين الفريقين في التعيينات.
وبحسب أكثر من مصدر وزاري، فإن جلسة أمس حملت السقف الأعلى لجهة تراشق التهم بين وزراء القوات ووزراء التيار، لا سيّما كلام الوزير جبران باسيل عن القوات في الجلسة، وردّ الوزير سيزار أبي خليل على الوزيرين غسان حاصباني وبيار أبي عاصي.
وذكر رئيس الجمهورية في بداية الجلسة أن أبي خليل سيتحدّث عن ملفّ الكهرباء وكتاب عليّة، ليقوم بعدها الوزير بشرح ما تضمنته رسالة عليّة. مصادر وزارية أكّدت لـ«الأخبار» أن «وزير الطاقة حرص في الجلسة على أن لا يقدّم لمجلس الوزراء المراسلات التي تحصل بينه وبين إدارة المناقصات. وبعد إصرار وزراء القوات، تنازل أبي خليل وقرأ الفقرة الأخيرة من 33 صفحة من التقرير الذي قدّمه عليّة». وتقول المصادر: «أبي خليل كان يقول إن إدارة المناقصات لا تريد أن تجري المناقصة، ثمّ تبيّن أن الإدارة حرصاً منها على المال العام، طلبت إعادة الملفّ إلى مجلس الوزراء لاتخاذ ما يراه مناسباً، ولا تريد أن تتحمّل المسؤولية».
أبي خليل حمّل عليّة مسؤولية عرقلة المناقصة، مشيراً إلى أن هناك جهات سياسية تدفعه إلى القيام بذلك، وأن هناك من يسرّب الكتب لجريدتي «الأخبار» و«الجمهورية»، طارحاً حلّاً من اثنين، إمّا طلب رئيس الحكومة سعد الحريري من عليّة إجراء المناقصة، وفي حال رفض ذلك، إعادتها إلى مؤسسة كهرباء لبنان. فما كان من حاصباني إلّا أن اعترض على هذا الطرح، وجاراه بذلك الوزير علي حسن خليل، الذي رفض أيضاً أن يعود الملفّ إلى كهرباء لبنان، مصرّاً على إشراف إدارة المناقصات على المناقصة. وردّ باسيل بغضب على حاصباني، قائلاً: «شو ما عملنا رح تضلوا تقولوا لا، إنتو ما بدكم الكهرباء وما بدكم تنجحوا المشروع، لأنه مشروع التيار الوطني الحرّ». وبدا الحريري متناغماً مع موقف باسيل، إذ انتقد بدوره موقف القوات اللبنانية. وأدلى الوزير يوسف فنيانوس بموقفه أيضاً، مؤكّداً خشيته من أن يقوم أحدٌ ما بالطعن في هذه المناقصة أمام مجلس شورى الدولة ويتخذ قراراً بوقف التنفيذ.
وانفرد وزراء حركة أمل وحزب الله خلال الجلسة، قبل أن يخرجوا بموقف موحّد يرفض عودة الملفّ إلى كهرباء لبنان، وضرورة إجراء المناقصة عبر إدارة المناقصات.
وأعاد خليل وفنيانوس طرح مسألة إقامة معامل كهرباء على الأرض بدل استئجار بواخر، مع الحفاظ على دفتر الشروط نفسه، أي تأمين كفالة خمسين مليون دولار والالتزام بمهل الـ3 أشهر والـ6 أشهر التي حددت في الدفتر. وبعد أن فتح الحريري الحديث عن مسألة الأرض، قال أبي خليل إنه لا توجد أرض مناسبة، فردّ علي خليل بالقول إن هناك 5 ملايين متر مربّع في الزهراني يمكن استعمالها، الأمر الذي أثار حفيظة باسيل، فردّ بشكل مباشر على خليل بالقول: «هلق صار في أرض؟ في الماضي قلنا خلينا نصلّح الخزانات في الزهراني ببلاش ولم تقبلوا، هلق صار في أرض؟». وردّ خليل: «كنت مختلف معك بالسياسة في الماضي ما كان بدي خليك، هلق للكهرباء بدي خليك». فسأل باسيل: «بلكي اختلفنا بكرا؟».
وعلّق الحريري مؤكداً أنه مستعدّ لأن يستمع لمن لديه عرض حول موضوع الأراضي، مؤكداً أنه يتحمّل هذا الأمر على مسؤوليته إذا كان هناك توفير على الدولة، فاعترض باسيل مؤكّداً أنه «لا نستطيع فتح هذا الفتوح». وبعد أن تمّ التوصّل إلى صيغة عودة الملفّ إلى كهرباء لبنان في حال لم تطلق إدارة المناقصات المناقصة، تحفّظ فنيانوس وخليل ووزراء القوّات، ثمّ تراجع خليل عن تحفّظه بعد أن وعد الحريري بأخذ اقتراح الأرض في الاعتبار، مع طرح الحريري تشكيل لجنة وزارية لنقاش الأمر في حال لم تطلقه الإدارة.
في المقابل، ردّت مصادر التيار الوطني الحرّ على حديث المصادر الوزارية الأخرى، مؤكّدة لـ«الأخبار» أن «عليّة يتمرّد على مجلس الوزراء ويطلب إعادة بنود كان قد سبق أن رفضها»، مشيرةً إلى أن «هناك ثلاثة كتّاب يكتبون معه التقارير، وهناك جهات سياسية معروفة تعرقل مشروعنا». وأشارت المصادر إلى أن «هناك تقاطعاً بين ما حدث في مجلس الوزراء وبين ما يقوم به أصحاب المولدات الذين يرفضون أن يستخدموا عدادات، وفي حال لجأوا إلى مجلس شورى الدولة فإن القضاء سيكون أمام حيرة، لأنهم ليسوا شرعيين أصلاً».
وفيما لم تستطع الحكومة الخوض في جدول الأعمال بعد استمرار نقاش الكهرباء لساعات، وتحديد جلسة استثنائية مساء الأحد المقبل لمتابعة جدول الأعمال، أقرّ مجلس الوزراء بند تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات النيابية، قبل يومين من انتهاء المهلة المحدّدة لتشكيلها.