بعبارات «الفحش»، و«الفجور»، «الانحدار الأخلاقي»، و«الشذوذ الجنسي»، طالعتنا صفحة «وينييه الدولة؟» الفايسبوكية، أول من أمس، بمنشور تحت عنوان «مشهد مرعب في جونيه +18»، مرفقاً بفيديو، يشرح حالة «الشذوذ الجنسي»، التي باتت تأخذ «منحى علنياً». ووعدت الصفحة بنشر الهوية الكاملة لمن ظهر في الفيديو، داعية القوى الأمنية الى التحرك لوقف «الفحش والفجور».
وامس، وبعد انتشار الفيديو المذكور، استكملت الصفحة متابعة هذه القضية «الهامة» على الصعيد الوطني، وأعلمت المتابعين بأنه تم القبض على الشاب الظاهر في الشريط، و«الطامة الكبرى»، اكتشاف الصفحة المذكورة أن المرأة التي كانت برفقته ليست «إمرأة، أو فتاة، أو حتى سيدة»، بل «شاب متحول جنسياً يعمل في مجال الدعارة» مع ذكر إسمه ومكان سكنه!
الصفحة الفايسبوكية، التي تأسست عام 2013، تفتخر في التعريف عنها، بأنها استطاعت تشكيل «ظاهرة فريدة في الإعلام الإلكتروني»، عبر «دمج النشاط الأمني والإجتماعي». عبر منشور «الفسق والفجور»، سرعان ما شكل مضمون الخبر مادة دسمة للإعلام اللبناني بكل تفرعاته الإلكترونية والتقليدية، فباتت الأخيرة تنقل عن هذه الصفحة الواشية، ما حوّلته الى قضية رأي عام وأخلاق، ومحاضرة في العفة، متناسية اتكائها بالأصل على صناعة ونقل الفضائح الجنسية، واختراع الأخبار والمعلومات المثيرة في هذا المجال.
فجأة، تحولت هذه المنابر الى منصات مهنية وعفيفة، تلبس لبوس الأخلاق، وتمارس دور الشرطي الرقيب على ممارسات الناس وحريتهم الفردية. «ليبانون فايلز» عنونت: «هذا هو بطل فيلم الاعمال المنافية للأداب في ضبية». موقع otv، أعلم المتابعين ما حصل «بعد انتشار فيديو عن أعمال شاذة في جونية». أما موقع صحيفة «الجمهورية»، فأخبرنا بالصدمة الكبرى: «كبّلته بجنزير وألبسته ثياباً نسائية في جونية... والصدمة هويّة الفتاة»! وموقع mtv، أخرج السكوب من جيبه معلماً متصفحيه: «هذه الفتاة شغلت اللبنانيّين... وستصدمهم». أعداد لا تحصى من العناوين والمضامين المشابهة خرجت بين الأمس واليوم، عن فيديو صورّ في جونيه وضبيه، من قبل شخص أراد بكاميرا هاتفه النقال، تتبع اثنين الى المارينا، ونشر ما يقومان به أمام الملأ، وتحويل ذلك الى إخبار وتعقّب وفضح هويات الشخصية والجنسية لهذا الثنائي.
مرة جديدة، ركب الإعلام، سيما الإلكتروني منه، وجهة التنظير بالفضيلة والأخلاق وإلهاء الناس بقصص هامشية، لا تحمل أي منفعة أو ضرر للناس، في إزدواجية واضحة في الأداء، وفي تحويل مشهد مصوّر في الشارع الى قضية رأي عام، ومنصة محاكمة أخلاقية لأبطاله!