القاهرة ـ «الأخبار» في الوقت الذى كانت فيه اللجنة العليا لـ «معرض القاهرة الدولي للكتاب» تجتمع لاختيار موضوع «القوة الناعمة... كيف؟» عنواناً عريضاً لمناقشات الدورة القادمة للمعرض (27 ك 2/ يناير)، كانت هناك قوة أمنية تقتحم مكتبة «البلد» في وسط القاهرة لتصادر كتبها وأثاثها، وتقرر إغلاقها بدعوى عدم وجود تصريح لعمل المكتبة التي افتتحت عام 2007، أي إنها تعمل منذ عشر سنوات، ويمتلكها فريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي.

تواصل مسلسل إغلاق المكتبات الذي بدأ بإغلاق سلسلة مكتبات «الكرامة» التي أسسها الناشط الحقوقي جمال عيد في مناطق شعبية عدة.
وفي الوقت الذي تمنح فيه الجمعية الملكية الطبية البريطانية أكبر جوائزها العلمية للدكتور محمد أبو الغار، عن أبحاثه العلمية التى أفادت صحة المرأة، كانت جريدة «المصري اليوم» تمنع مقالته «رسالة من مواطن إلى الرئيس» في تواصل لمسلسل المنع المعلن في الصحافة المصرية، والمستتر الذي تقوم به أجهزة الأمن لبعض الكتب دون أن يُعلَن ذلك!
وفي الوقت الذي تواصل فيه السفيرة مشيرة خطاب المرشحة لمنصب المدير العام لليونسكو مؤتمراتها الصحافية لوسائل الإعلام الأجنبية، كانت أجهزة الأمن تلقي القبض على أحد الشباب (19 عاماً) لمشاركته فى حفلة لفرقة «مشروع ليلى» اللبنانية، وتقديمه لمحاكمة عاجلة والحكم عليه بست سنوات من السجن المشدد بتهمة نشر الفجور، و«الإعلان عن نفسه كـ«شاذ» خلال حفلة غنائية» كما جاء في تفاصيل الحكم الصادر من محكة الدقي. وكان أحد «أدلة الاتهام» تليفون الشاب الذي حوى مقاطع لأغنيات حفلة «مشروع ليلى»!

شخصيات مقربة من الأجهزة الأمنية سألت: «كيف يحدث هذا الفسق في بلد الأزهر؟»


وكانت فرقة «مشروع ليلى» قد أقامت حفلة غنائية الأسبوع الماضي بمشاركة فرقتين موسيقيتين أخريين هما «المربع» من الأردن، و«شارموفورز» من مصر، بحضور ما يقرب من 30 ألف مستمع. وقد رفع عدد من الجمهور علم قوس قزح، وهو شعار المثليين، ليبدأ بعدها هجوم شديد على الفرقة وجمهورها فى وسائل الإعلام الحكومية، ومن خلال شخصيات مقربة من الأجهزة الأمنية مثل أحمد موسى، ومحمد الغيطي الذي سأل: «كيف يحدث هذا الفسق في بلد الأزهر؟»، محمّلاً باسم يوسف مسؤولية تشجيع الفرقة عبر استضافته لها في برنامجه. نقيب الموسيقيين هاني شاكر خرج مؤكداً أنه «تصدى من قبل لعبدة الشيطان... وسيتصدى لشواذ الفن»! وأوضح وكيل نقابة الموسيقيين رضا رجب أن النقابة ستمنع الحفلات المقبلة للفرقة. كذلك أمرت نيابة أمن الدولة العليا باستدعاء أعضاء فرقة «مشروع ليلى» لسؤالهم في الاتهامات الموجهة إليهم بـ «نشر الشذوذ الجنسي في مصر». وأعلنت وزارة الداخلية القبض على سبعة شباب قالت إنّهم من رفع العلم، ووجهت إليهم «تهمة نشر الفجور» التي تصل عقوبتها إلى السجن ثلاث سنوات. وحتى الآن لم يتوقف الجدل حول القضية!
غداً السبت، ستعقد مشيرة خطاب مؤتمراً صحافياً لوسائل الإعلام الأجنبية في قاعة المتحف المصري. بالتأكيد لن تخرج أسئلة الصحافيين عن هذه الوقائع: إغلاق مكتبات، منع كتّاب، مصادرة كتب، إلغاء ندوات، حبس مثليين، منع موسيقيين... بإمكانهم رصد عشرات الوقائع عن إغلاق المجال العام الثقافي. ترى بماذا ستجيب الحالمة بمنصب المدير العام لليونسكو أو «وزيرة ثقافة العالم» القادمة من بلد بلا ثقافة حرة؟!