مقدار ما تطبع العجلة التصويت على اول القوانين المعجلة الثلاثة المطروحة امام مجلس النواب في جلسة بعد غد الاثنين، وهو قانون الضرائب، ينتظر ثالث رزمة المشاريع الثلاثة، وهو ادخال بند في مشروع موازنة 2017 يتعهد فيه وزير المال انجاز قطع الحساب ما بين ستة شهر وسنة، جدل مستفيض في الجانب الدستوري منه. برّرته التسوية الرئاسية في انه المدخل الوحيد للتمكن من اقرار مشروع موازنة 2017 بلا موانع دستورية، كالتي تطلّبتها المادة 87، واشتراطها اولاً اقرار قطع الحساب، غير المتوافر في الاصل مالياً وسياسياً. في حجة التسوية الرئاسية ان إقرار موازنة للمرة الاولى عام 2005 يعيد انتظام دورة الادارة المالية للبلاد وضبط الانفاق، ثم ينظر في قطع الحساب.
مع ذلك لا يسع هذا التبرير ابتلاع فكرة المخالفة الدستورية في مشروع القانون، المعرّض للابطال اذا كان ثمة مَن يفعل. اذ يؤول مشروع القانون الى تعليق المادة 87 من الدستور بقانون عادي، بينما يتطلب تعليقها ــــ كوجه آخر للتعديل ــــ نصاباً موصوفاً تبعاً للمادتين 77 و78 سواء ورد من الحكومة او من مجلس النواب. أخفق اقتراح تعليق المادة 87 وفق الاصول الدستورية المنصوص عليها لاعادة النظر في الدستور، فإذا التسوية هذه ليست المحاولة اليتيمة للعهد والحكومة في آن للخروج على القواعد الدستورية. بسبب خلاف سياسي على تعليق المادة 87، ملازم لتوافق سياسي على ضرورة اقرار موازنة 2017 في اقرب وقت بلا شروط مسبقة بما فيها قطع الحساب، جيء بهذا الاقتراح كي يلتحق في اقل من شهرين بمخالفة دستورية سبقته لا تقل تأثيراً عن مشروع القانون المعجل، هي التهرّب من اجراء انتخابات نيابية فرعية تطبيقاً للمادة 41.
لم يتكبّد احد، في العهد والحكومة معاً، عناء البحث عن مخرج للمادة 41 على غرار المخرج الوارد في مشروع القانون المعجل في جلسة الاثنين.
بسبب رفض مَن لا يريد اجراءها في طرابلس كما في كسروان، تهرّب المسؤولون من مقاربة الانتخابات النيابية الفرعية على انها استحقاق دستوري ملزم، وليس خياراً متروكاً للمفاضلة بين ان تجرى او تُرجأ. لم يؤتَ على ذكر تعليق المادة 41 على نحو التفكير في تعليق المادة 87، وكلتا المادتين تتساويان في كونهما ملزمتين للسلطات المعنية في تطبيقهما: قطع الحساب لا يقل اهمية عن الانتخاب الفرعي، والعكس صحيح.

برّي: وحده غضب الطبيعة قد يؤثر على اجراء الانتخابات، لكن ليس اي احد آخر


بذلك بدا المسؤولون المعنيون بالشأن يقاربون كلتي المشكلتين على نحو منفصل وبطريقة مختلفة. فاذا الانتخابات الفرعية معطلة اكثر منها مؤجلة على نحو ما يمكن ان يفسره تعليق المادة 41، كتأجيل تطبيق المادة 87. بذلك يتفادون الدنو من المادتين الملزمتين تارة بمخالفة دستورية، وطوراً بتعمّد إهمالها والتهرّب منها بلا اي مبرر دستوري او قانوني او سياسي حتى.
طُوي نهائياً اي خوض في الانتخابات النيابية الفرعية، الا ان السجال بكّر في ولوج الاستحقاق الاكبر والابعد عام 2018.
لا يرى رئيس مجلس النواب نبيه بري تفسيراً لاستعجال الكلام في الاستحقاق المقبل سوى انه الملف الذي يلي مشروع موازنة 2017 اهمية. بعدما صار الى تأليف هيئة الاشراف على الانتخابات، وينتظر ان تقسم اليمين امام رئيس الجمهورية الاسبوع المقبل، وبعد تخصيص مجلس الوزراء البارحة الاعتمادات المالية اللازمة لمهمتها، باتت الخطوات الاجرائية التالية على الطريق، أهمها صدور مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في شباط المقبل حداً اقصى، 90 يوماً على الاقل قبل الموعد المقرر لاجراء الانتخابات النيابية العامة. على ان رئيس المجلس يقطع للفور الطريق على مواقف تترنح من حين الى آخر.
يقول: «لا تمديد لمجلس النواب وإن ليوم او اثنين. الانتخابات ستجرى في موعدها وسيذهب الجميع اليها. لكن ايضاً لا بحث على الاطلاق في تعديل قانون الانتخاب الجديد كما يطرح البعض، او يحاول ان يوحي بوجود ورشة نيابية للتعديل. هذا موقفي على الاقل. وُضع القانون الجديد كي يطبق، لا كي يصير الى المطالبة بتعديله قبل ان نبصر تطبيقه للمرة الاولى في احسن الاحوال. بنوده واضحة، والجميع وافق عليها، وصوّت بعد مخاض طويل».
يضيف: «لا اسباب تقنية لعرقلة تطبيقه. اذا لم يُتح انجاز البطاقة الممغنطة فإن الحل يكمن في القانون نفسه، وهو ان يقترع الناخبون ببطاقة الهوية، لكن في اماكن قيودهم وليس في اماكن سكنهم على نحو ما اوصت به البطاقة الممغنطة. الوقت لم يعد يسمح بانجازها. قلت مرة تلو مرة نجري الانتخابات الآن بما هو متوافر، وهي بطاقة الهوية، على ان يصير في غضون السنوات الاربع المقبلة الى انجاز البطاقة الممغنطة. بذلك يصبح امامنا متسع كاف من الوقت، في الامكان معه توزيع مليون بطاقة في السنة عوض ان نعمد الآن الى توزيع مليون بطاقة في الشهر الواحد قبل الوصول الى انتخابات ايار، وهو امر مستحيل. على مهل يحضّرون لانجاز البطاقة الممغنطة ما ان ننتهي من الانتخابات المقبلة».
يسارع رئيس المجلس الى القول ايضاً: «ليس مسموحاً بعد الآن ان لا نجري انتخابات نيابية بعد ثلاثة قوانين تمديد. لا يمكن الدفاع عن اي تمديد ولا القبول بالكلام عنه حتى. لا يحدثنني احد بظروف استثنائية تحول دون اجرائها. وحده غضب الطبيعة قد يؤثر على اجرائها لكن ليس اي احد آخر. الانتخابات واقعة في موعدها».