خرج الموظفون في TSC عن صمتهم، واعتصموا مجدداً. يقومون بالأمر الذي، في ظروفهم، أقصى ما يمكن أن يقوم به «موظف» في لبنان، ليدافع عن حقّه: الاعتصام. لا أحد يسأل عنهم. إنهم مجرد عمال (راجع عدد «الأخبار» ٣٢٩٩ الاثنين ١٦ تشرين الأول ٢٠١٧). هكذا، اجتمعوا، أمس، أمام مبنى السفارة الكويتية، للمطالبة بحقوقهم، وتزامن ذلك مع سريان خبر «مؤكد» يتحدث عن «إعلان الشركة إفلاسها». الشركة رسمياً انتهت، أعلنت إفلاسها.
كان فرع «الأسواق التجارية» آخر ما تبقى، ولكنّه، أمس، ما لبث أن التحق بالفروع السبعة. انضمت لائحة جديدة إلى الموظفين المتضررين إذاً. سرعان ما انضم هؤلاء إلى الاعتصام الصباحي!
هذا ما نفترضه، ولكن دعونا لا نبالغ. من أصل 300 موظّف في هذه الشركة، لم يحضر إلى الاعتصام أكثر من خمسين متضرراً. لكن الخمسين يمثلون عينة أكبر. والـ 300 شخص، يمثلون 300 عائلة. الرقم أكبر من الحشد. قرب السفارة، رفعوا حقوقهم في الهواء. كتبوها على «كراتين». شعارات كثيرة، معتادة في الاعتصامات المشابهة، على نسق: «أين الوزارة؟»، «وينك يا أيمن سلطان»، وغيرهما من الشعارات.

إن كانت المُنشأة
في الأصل كويتية، فهذا لا يُبرّر «اختفاء» الدولة اللبنانية
أصواتهم ارتفعت ولكنها لم تتجاوز أسوار السفارة. حسب ما يقول المعتصمون، فإن مشكلة الموظفين ليست مع الكويت ولا مع الكويتيين. إنهم يعترضون على الطريقة اللبنانية، ويبحثون عن أبواب يمكن أن تكون الأجوبة خلفها. يحمّلون «السلطان» مسؤولية ما حصل. أحد المشاركين في الاعتصام يؤكد أن السلطان «لا يبدي الجدية اللازمة في هذا الملف». أكثر من ذلك، اتهمه «بسرقة الأموال التي كانت قد تصل إلى لبنان ليستثمرها في مشاريع رديفة وخاصة في أفريقيا». وبعيداً عن أفريقيا، هنا في لبنان تحديداً، لفت أحد النقابيين المشاركين، إلى أن «الموقفين الرسميين، اللبناني والكويتي، يتسمان بلا مبالاة تامة حيال الأمر»... يتابع معلقاً: «حكينا مع دبلوماسي كويتي، وقدّمنا كتاباً للمراجع الكويتية». وطبعاً، لجوء العمال إلى دولة أخرى، سببه «اليأس من الدولة اللبنانية»، كما يقول مشاركون، وإن كانت جنسية المنشأة في الأصل كويتية، فهذا لا يبرّر «اختفاء» الدولة اللبنانية.
مشارك آخر، على مقربة من مواقف الحافلات، التي تقلّ عمالاً وأشخاصاً من طبقات «أقل» من الطبقة التي ينتمي إليها «السلطان» غالباً، أكد أن القصة تتجاوز الموظفين والشركة، متهماً «الضمان الاجتماعي بالإهمال والفساد»، حيث أشار إلى أن «كميات طائلة من الأموال كانت مكتوبة باسم الموظفين من طبابة ومستشفيات على نسق الفواتير الطبية تأتي من الضمان، لم تُدفع لهم». أين ذهبت هذه الأموال؟ يسأل معترضاً، ويضيف أن الوزارة أعطتهم وعداً بعقد اجتماع «طارئ» (يا للدقة) يوم الأربعاء المقبل، لمراجعة الأحداث والنظر في حال الموظفين. وقبل الاجتماع، «الطارئ»، يوم الأربعاء، تجدر الإشارة إلى أن الموظفين يؤكدون أنهم سجّلوا الوقائع في الوزارة، ولكن الوزارة لم تقم بواجباتها حيث أنها لم تصدر قراراً يتعلق بالصّرف التعسّفي».
نعود إلى الاعتصام. رغم مأساة المتضررين، وصفه أحد المعنيين بـ «الرسالة السلمية». القوى الأمنية قامت بواجبها من دون ضبط أي اعتداءات أو أي حالات شغب تحصل عادة ضمن الاعتصامات. مجرّد مطالبة بالحقوق، وبدفع رواتبهم، وتعويضاتهم .لا حرق إطارات. ولا تكسير. لا قطع طرقات. مجرد «قطع أرزاق»، حلّ بموظفي الـ TSC، الذين وجدوا أنفسهم وحدهم أمس، في اعتصامهم، قبل أن ينسحبوا من أصواتهم، وتعود حركة السير إلى طبيعتها، قرب مستديرة السفارة الكويتية.