مجدداً، بقي عارض وحيد في الجولة الثالثة من «استدراج العروض لاستقدام معامل توليد الكهرباء»، وبالتالي لم يُفتح عرضه. هذا السيناريو هو نفسه الذي حصل في الجولة السابقة، إذ ظهرت نواقص جوهرية في المستندات المقدمة من ثلاث شركات فُتحت عروضها من أصل أربعة عروض مقدمة، ما دفع لجنة فضّ العروض إلى إعلان «عدم الأخذ بالعرض الوحيد وعدم السير بالتلزيم».
يومها، أي بعد فشل الجولة الثانية، قرر مجلس الوزراء مخالفة قانون المحاسبة العمومية ومنح الشركات مدّة أسبوع إضافية لاستكمال النواقص في ملفاتها، وفرض على إدارة المناقصات إعادة فضّ العروض ورفع النتيجة إلى لجنة وزارية شكّلها خصيصا، لكن ما لم يحسب حسابه أن تأتي نتائج الجولة اللاحقة مشابهة للجولة الثانية، أي بقاء عرض وحيد وعدم السير بالتلزيم.
جاءت هاتان الجولتان بعد جولة ملغاة أسفرت أيضاً، بعد دراسة العروض في إدارة المناقصات، عن بقاء عارض وحيد واقتراح إدارة المناقصات عدم السير بالتلزيم، سنداً إلى الرأي الاستشاري لديوان المحاسبة رقم 11 الصادر بتاريخ 14/3/1979. فقد ضُمِّن دفتر الشروط بنوداً صعبة التحقيق في مهل قصيرة للغاية، وتمديدها لا يلغي صعوبة تأمين هذه الشروط، إذ شارك في الجولة الأولى 8 شركات، ثم انخفض العدد إلى أربعة بعد تعديل الشروط وزيادة مستوى صعوبتها... وفي المحصَّلة النهائية لكل الجولات، بطلان التلزيم ثلاث مرّات للسبب نفسه، ما ترك أثراً واسعاً على الصفقة بكاملها. فهو يشكّل إرباكاً وحرجاً للجنة الوزارية التي بات عملها «لزوم ما لا يلزم». فأي خطوة في اتجاه إمهال الشركات المزيد من الوقت، لن يفهم منها سوى أنها فعل فاسد لتمرير صفقة مشبوهة، وأي تساهل في التعاطي مع المستندات غير المستوفاة للشروط والمرفوضة من إدارة المناقصات يعكس شبهة إضافية في هذا الملف المثقل أصلاً بالشبهات... وبالتالي بات على مجلس الوزراء البحث جدياً في مدى حاجة لبنان لاستقدام معامل كهرباء يستأجر منها خدمات تحويل الفيول أويل إلى طاقة كهربائية بدلاً من إطلاق مناقصات إنشاء معامل ثابتة ذات العمر الطويل، وعليه أن يعيد صياغة دفاتر الشروط بما يتلاءم مع الأصول المنصوص عليها في قانون المحاسبة العمومية، ويعكس إظهاراً للشفافية في إعداد المناقصات، وتكريس أهداف واضحة من المعامل المطلوب أن تعمل بواسطة الغاز الطبيعي على أنواعه الأرخص كلفة (فاعليته أكبر) والأنظف بيئياً، لا أن تكون المناقصات مربوطة بعقَدي استيراد مازوت وفيول أويل تحوم حولهما الكثير من الشبهات والعمولات أيضاً.
على أي حال، كانت لجنة التلزيم في إدارة المناقصات قد تابعت عملها، أمس، استناداً إلى قرار مجلس الوزراء رقم 35 الصادر في تاريخ 20/10/2017، الذي يمهل الشركات مدة أسبوع لاستكمال النواقص في عروضها. وبحسب محضر فضّ العروض فإن الشركات التي قدّمت عروضها هي أربع:

قرّرت اللجنة عدم السير
بالتلزيم وإعادة كامل
الملف إلى إدارة المناقصات


ـــ تحالف شركتي «بي بي إينرجي» (لبنانية مملوكة من آل البساتنة) مع شركة «السويدي» المصرية. وقد تبيّن للجنة التلزيم، أن العارض قدّم أوراقاً من شركة Wartsila لاعتمادها كمتعهد التصميم والتوريد وإنشاء EPC، وكمتعهد صيانة وتشغيل، لكن مذكرة التفاهم الموقعة بين Wartsila والسويدي تذكر فقط ضمن بنودها خدمات صيانة للمولدات دون ذكر خدمات التشغيل. ولم يبرز العارض شهادات تثبت تقديم Wartsila خدمات الصيانة والتشغيل، علماً بأن جدول الخبرة لحظ وجودها. وكان لافتاً أن البساتنة قدموا مستندات إضافية خلال الجلسة، لكن لم يؤخذ بها لاعتبارها قدمت خارج المهلة المحددة من قبل مجلس الوزراء، ولكن رغم ذلك، اطلعت اللجنة عليها وتبيّن أنها لا تفي بالمطلوب.
ـــ تحالف «يونس بروس» مع STX Heavy Industries. لم يبرز العارض كفالة مصرفية، مع الإشارة إلى أنه حين فضّ المغلف المقدم سابقاً لم يتبين وجود نسخة عنها أيضاً. وتبيّن أنه لا توجد شهادة أيزو، وأن الطرف الأجنبي في عقد التحالف لم يقدم أي شهادات أو مستندات من مراجع صالحة تثبت براءة ذمتها، بل أرفق إفادة موقعة منه بأنها ليست قيد التصفية أو الإفلاس... من دون التقدم بأي مستندات أو شهادات من المراجع الصالحة. ولم ترفق شركة يونس تقارير مدقق الحسابات عن السنوات 2014 و2015 و2016 التي تثبت صحة المعلومات المالية الواردة. وبعد التدقيق في المستندات المقدمة من العارض حول التصميم والتوريد والإنشاء تبيّن وجود خبرة لأربع مواقع في دولة العراق بقيمة إجمالية 900 ميغاوات، فيما قدم العارض صفحتين لخبرات التشغيل والصيانة، وذكر أن العقد الكامل يمكن الاطلاع عليه من خلال الموقع الإلكتروني للجمهورية العراقية، وقد أرفق العارض مستندات إضافية لا يحق له استكمالها.
ـــــ تحالف شركات MEP/OEG/india/Arkay IBPIL/ Navtek/Erkal قدم نماذج معدات التصنيع مختلفة عن النموذج المحدد في دفتر الشروط، إضافة إلى كونه غير مختوم وغير مصدَّق من وزارة الخارجية، ولم تُضَمّ إفادات خاصة عن كل طرف من أطراف التحالف تبين المعلومات العامة والخبرة الخاصة بكل طرف. كذلك لم يبرز العارض أي إفادات من المراجع الصالحة والمختصة لجهة عدم وجود دعاوى ورشى وإفلاس وبراءة ذمة من الإدارات الضريبية والضمان الاجتماعي وعدم التصفية وعدم الإفلاس. ولم ترفق الأطراف الأجنبية تقارير مدقق الحسابات عن السنوات 2014 و2015 و2016 التي تثبت صحة المعلومات المالية الواردة، فيما خبرة تركيب التجهيزات لهدف إنشاء المعمل غير موجودة.
وبحسب لجنة فضّ العروض، فإن «معظم العارضين تقدموا بإفادات خبرة غير مصدقة وغير مترجمة وفقاً للأصول، خلافاً لأحكام دفتر الشروط، علماً بأن اللجنة اطلعت عليها. كذلك لم يُرفِق أي من العارضين شهادات أيزو خاصة بالشركات المصنعة للمعدات». لذا، إن اللجنة بعد المداولة «قررت رفض العروض الثلاثة لمخالفتها دفتر الشروط بشكل جوهري رغم استكمال النواقص في عروضهم لناحية المستندات الإدارية تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء، وبالتالي لم يُفَضّ العرض الأخير العائد لشركة كارادينيز لبقائه وحيداً، وسنداً لرأي ديوان المحاسبة رقم 11 بتاريخ 14/3/1979 والمتضمن عدم الأخذ بالعرض الوحيد، قرّرت اللجنة عدم السير بالتلزيم وإعادة كامل الملف إلى إدارة المناقصات لاتخاذ الإجراء المناسب».




MEP تطعن: لا منافسة ولا مساواة

قدّم تحالف شركات MEP/OEG/india/Arkay IBPIL/ Navtek/Erkal طعناً أمام مجلس شورى الدولة يطلب فيه إلغاء استدراج العروض وتعليق ووقف الإجراءات وإبطال المواد المتعلقة بمدة إنجاز الأعمال والتقييم المالي وقرار مجلس الوزراء، الذي يحصر مهلة تقديم العروض بمهلة 21 يوماً، وتعليق العقد إلى حين التزام وزارة الطاقة بالتقيد بمبدأي المساواة والمنافسة. وتقول الشركة إن مدّة إنجاز المعمل «تعجيزية»، وهو ما أشارت إليه إدارة المناقصات في تقرير يتضمن الآتي: «إن مدة 3 أشهر و6 أشهر سوف تلغي المنافسة، إذ يستحيل على أي شركة لم تحضر الباخرة مسبقاً التقيد بهذه الفترة». وتقول الشركة إن خيار تشييد معامل كهرباء على اليابسة كان خياراً «وهمياً»، يضاف إلى مدة الإنجاز المستحيلة واستحالة تقديم العروض بـ21 يوماً، علماً بأن دفتر الشروط نصّ على أن اختيار الأرض يستوجب توافر الشروط الفنية الملائمة وفقاً لتقدير وزير الطاقة من دون أن يتضمن دفتر الشروط أي بنود متعلقة بهذا الأمر، كما أن الوزارة لم ترد على طلبي الاستفسار المقدمين بهذا الشأن. وطعنت الشركة بمعادلة التقييم المالي التي لا تتضمن كل الأكلاف الفعلية، ولا تعكس القيمة الحقيقية لسعر الكيلوات/ ساعة، علماً بأن عنصر الزمن هو العنصر الأساسي وشبه الوحيد في تقييم العروض وليس الكلفة، ما يؤدي حتماً إلى الحدّ من المنافسة، لكون دفتر الشروط يمنح الأفضلية للعارض الذي أعدّ المعامل العائمة مسبقاً على حساب باقي العارضين مهما بلغت الكلفة التي عرضها.