بعد أكثر من عامين ونصف عام من بدء العدوان على اليمن في آذار 2015، تتباين حسابات الربح والخسارة وتختلف وجهات النظر في تقييمها للمكاسب السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تحققت أو لم تتحقق، إلا أن هناك حقيقة لا يمكن إنكارها وأثبتتها الوقائع، هي أن «الحرب الخاطفة التي ستنتهي خلال أيام» تحولت إلى حرب استنزاف طويلة، تكبد فيها تحالف العدوان خسائر مادية وبشرية كبيرة.
وفيما تحمّلت الرياض النصيب الأكبر من الخسائر المادية، فإن الخسارة «المعنوية» المتمثلة بـ«صورة» البلد أمام المجتمع الدولي والرأي العام العالمي، طاولت كل الدول المشاركة في العدوان، بما في ذلك دولة الإمارات التي كشفت الرسائل المسرَّبة لسفيرها في الولايات المتحدة الأميركية يوسف العتيبة، سعيها إلى إنقاذ ما بقي من سمعتها عبر إنشاء شبكات ضغط قوية بكلفة مالية باهظة.
ولكن عملية «الإنقاذ» لم تنجح حتى الآن، ولا سيما في ظل تواصل العدوان وتصاعد الأصوات المنددة لعمليات القصف العشوائية والحصار المفروض، الذي دفع اليمن إلى حافة «المجاعة الأكبر التي شهدها العالم منذ عقود».
وعلى الرغم من تحميل المنظمات الحقوقية الدولية الرياض المسؤولية الأكبر عن الخروقات والانتهاكات الصارخة بحق المدنيين، فإن أبو ظبي هي المتهم الوحيد والمباشر في ملف شبكة السجون السرية، الذي عاد إلى الواجهة، أمس، مع رفع «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» شكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد الإمارات بتهمة «ارتكاب جرائم حرب» في اليمن.
وقال محامي المنظمة جوزيف بريهام، إن الشكوى تتعلق «باستخدام أسلحة محظورة» و«هجمات عشوائية ضد مدنيين» و«أعمال تعذيب في السجون اليمنية يرتكبها مرتزقة توظفهم الإمارات»، في إشارة إلى ما كشفه تحقيق أجرته وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية حول وجود شبكة سجون سرية (18 سجن على الأقل) في جنوب اليمن، تديرها القوات الإماراتية أو قوات يمنية خضعت لتدريبات إماراتية. وجاء في التقرير، الذي نشرته الوكالة في حزيران الماضي، أن تلك السجون مُخفاة داخل قواعد عسكرية وموانئ، وفي أحد المطارات، وكذلك في فيلات، وحتى في ملهى ليلي. ونقل عن وزير الداخلية اليمني، حسين عرب، قوله إن بعض المعتقلين نُقلوا إلى قاعدة إماراتية في إريتريا للاستجواب.
وأكّدت وكالة «أ ب» في تقريرها، الذي «يعتمد على شهادات سجناء سابقين، وذوي بعض السجناء، ومحامين ناشطين في حقوق الإنسان، ومسؤولين عسكريين يمنيين»، أن قرابة ألفي شخص اختفوا أثناء احتجازهم في تلك السجون السرية، ما دفع أقارب هؤلاء المفقودين إلى الاحتجاج بشكلٍ شبه أسبوعي، علماً أن بعض السجناء السابقين وصفوا، في تصريح للوكالة، أساليب وحشية للتعذيب تعرضوا لها هناك، بما في ذلك وضع الضحية معصوب العينين في حاوية قمامة لأسابيع، والضرب المبرح، «الشواء فوق النار» والاعتداءات الجنسية.
(الأخبار)