لم تفاجئ التصريحات والمواقف الرسمية العربية تل أبيب. ردّ فعل العواصم العربية على قرار الرئيس الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل جاء تماماً كما توقعته: موزون و«على قدر المسؤولية»، ولا يتوقع منه أن «يكسر الأواني».
وبدت إسرائيل أمس مطمئنة، إلى أنه لا أحد في العواصم العربية أو في الداخل الفلسطيني، وعلى رأسهم السلطة، سيتجاوز التوقعات. اطمئنان وصل إلى الحد الذي وصفت فيه، على لسان رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، إعلان ترامب بأنه وعد بلفور جديد، من دون أن تهتم بردّ الفعل العربي والفلسطيني على هذا التوصيف.
وقال نتنياهو في أول تعقيباته على القرار الأميركي إنه «توجد لحظات تاريخية كبرى في تاريخ الصهيونية: وعد بلفور (1917)؛ إقامة الدولة (1948)؛ تحرير (احتلال) القدس (1967)؛ وإعلان ترامب أمس». وأضاف «قلت لترامب في السابق: عزيزي الرئيس أنت على وشك أن تصنع التاريخ. وأمس قلت له، عزيزي الرئيس، أنت صنعت التاريخ».

الزعماء العرب الأساسيون متفقون على ضرورة العمل لتقليل أضرار الإعلان

ودعا نتنياهو دول العالم إلى السير على خطى الولايات المتحدة «لأن تصريحات (ترامب) تربط جميع الأطراف بالواقع على الأرض. الحقيقة بسيطة والواقع هو أنه لن يكون هناك سلام من دون الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل».
مصادر سياسية إسرائيلية أشارت في تسريبات إلى الإعلام العبري، أمس، إلى أن «لا مفاجآت» أعقبت إعلان ترامب: لا من الدول العربية ولا من شرق أوروبا، و«إذا كانت المشكلة تتركز على دول غرب أوروبا، فإنهم في إسرائيل لم يتأثروا بها، وستعمل على معالجتها». وفي هذا السياق، كشفت صحيفة «معاريف» أن نتنياهو سيتوجه في الأسبوع المقبل إلى العاصمة البلجيكية ليشارك في جلسة وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي، وسيعمل هناك على تخفيف حدة الرفض الأوروبي للقرار الأميركي حول القدس.
اطمئنان إسرائيل، رغم حذرها وإجراءاتها الميدانية للحؤول دون تحوّل الاحتجاجات إلى انتفاضة ثالثة، يعود كما بدا من التعليقات والتسريبات العبرية إلى جملة أسباب، كان وزير الشؤون الاستخبارية يسرائيل كاتس قد أجملها بخلاصات واضحة: الزعماء العرب يعتمدون على السياسة الأميركية ويحتاجون إلى الأميركيين، وكذلك يحتاجون إلى إسرائيل. أمس، كشفت «القناة 12» أن «الزعماء العرب الأساسيين، أي الرئيس المصري (عبد الفتاح) السيسي، والملك الأردني عبدالله الثاني، وكذلك الملك السعودي (سلمان بن عبد العزيز)، كلهم متفقون على ضرورة العمل لتقليل أضرار إعلان ترامب، وعدم تحويل الموضوع إلى أزمة مستمرة».
مع ذلك، ورغم مستوى الاطمئنان المرتفع، أعربت مصادر أمنية إسرائيلية عن خشية من إمكان التصعيد في أعقاب صلاة الجمعة (اليوم)، الأمر الذي استدعى من الجيش الاسرائيلي جاهزية خاصة لمواجهة الغضب الفلسطيني في أول جمعة بعد إعلان ترامب، ومن ضمنها استدعاء عدد من الكتائب إلى الضفة الغربية، وكذلك إصدار إجراءات وقواعد عمل ميدانية تهدف إلى احتواء رد الفعل الفلسطيني وتخفيف ما أمكن، بحسب ما ورد في صحيفة «هآرتس»، من الإصابات في صفوف المحتجين كي لا تكون الاصابات نفسها وقوداً لمزيد من الغضب، والتصعيد الفلسطيني الميداني.
إلى ذلك، أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية تعليمات خاصة إلى رؤساء البعثات والممثليات الدبلوماسية الإسرائيلية في الخارج، تقتضي التقيد بها، في أعقاب الخطوة الأميركية: تشجيع التصريحات العلنية المؤيدة للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، في موازاة الدعوة إلى ضبط النفس والامتناع عن إطلاق تصريحات غير موزونة، والعمل على تسويق دعوة رئيس الحكومة لمزيد من الدول إلى الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفاراتهم إلى المدينة.