أثارت القرارات الأخيرة التي أصدرها الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، بإجراء تغييرات في بعض المناصب العسكرية المحسوبة عليه، علامات استفهام كثيرة وتفسيرات متباينة لخلفياتها وأهدافها. مرد ذلك أن القرارات الجديدة أعادت إلى الواجهة شخصيات محسوبة على حزب «التجمع اليمني للإصلاح» (إخوان مسلمون)، في وقت تواصل فيه الإمارات جهودها للدفع بمقاتلي نجل شقيق الرئيس السابق، طارق محمد عبد الله صالح، إلى جبهة الساحل الغربي. يوم السبت الفائت، أصدر هادي 3 قرارات متسلسلة قضى أولها بتعيين يحيى حسين صلاح قائداً للمنطقة العسكرية الخامسة، ونص ثانيها على تعيين هاشم عبد الله الأحمر قائداً للمنطقة العسكرية السادسة، وعُيّن بموجب ثالثها إسماعيل حسين زحزوح قائداً للعمليات الخاصة.
اللافت في تلك القرارات أن آل الأحمر يحوزون حصة رئيسة منها، وأن شخصيتين من الشخصيات المعنية بها (هاشم الأحمر وإسماعيل الزحزوح) كانت الإمارات بذلت جهوداً لإزاحتهما من منصبيهما (الأول من أركان حرب المنطقة السابعة، والثاني من قيادتها). حقيقة تؤشر إلى أن التعيينات المذكورة تأتي ضمن مساعي الرياض إلى كسب ودّ آل الأحمر، أملاً في أن يشكلوا «ثقلاً إضافياً» في المعركة التي يتم التخطيط لها ضد «أنصار الله»، جنباً إلى جنب آل صالح الذين تتولى الإمارات مهمة تأهيلهم.
تعزز القراءة المتقدمة معلومات تفيد بأن التعيينات الأخيرة صدرت عقب اجتماع بين نائب الرئيس المستقيل، علي محسن الأحمر، وبين ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، شكا فيه الأول للثاني «محاولات تهميشه»، ملوّحاً بتقديم استقالته، الأمر الذي قوبل برفض ابن سلمان، ليطلب «الجنرال» إثر ذلك الإبقاء على المنطقتين الخامسة والسادسة تحت قيادته (مقابل تعهد بات معتاداً بـ«الوصول إلى مران»)، وهو ما حدث فعلاً من خلال القرارات التي أصدرها هادي. تلبية مطلب «الجنرال» يبدو أنها فتحت شهية «الإصلاح» على تعيينات «أكثر حساسية»، من شأنها عرقلة الجهود الإماراتية لتوحيد قيادة القوات الموالية لـ«التحالف».

شكا الأحمر
لابن سلمان محاولات تهميشه ملوحاً بالاستقالة

هذا ما أوحى به تداول الماكينة الإعلامية التابعة للحزب أنباء تفيد بصدور قرار رئاسي بتعيين اللواء علي صالح الأحمر قائداً لـ«قوات الاحتياط» (الحرس الجمهوري سابقاً)، ما من شأنه، في حال وقوعه، إرباك خطط أبو ظبي التي تعمل على تجميع فلول «الحرس» تحت قيادة طارق صالح. وبمعزل عن صحة تلك الأنباء من عدمها، فإن «الإصلاح» تمكن، على ما يظهر، في خضم المفاوضات بين علي محسن الأحمر وبين المسؤولين السعوديين، من انتزاع قرار لصالحه في مدينة تعز.
إذ أفادت معلومات موثوقة بأن هادي أصدر، في الـ14 من الشهر الجاري، قرارين لم تنشرهما وكالة «سبأ» الموالية له، ينص أولهما على تعيين عبده فرحان علي سالم مستشاراً لقائد محور تعز، ويقضي ثانيهما بتعيين عبد العزيز دبوان المجيدي قائداً للواء 170 دفاع جوي، والعقيد عبد الله حمود المخلافي رئيساً لعمليات اللواء 170 دفاع جوي. ويبرز من بين الأسماء المذكورة مقدماً الاسم الأول، بوصف صاحبه «الرجل الأول للإصلاح» في تعز كما يوصف، وذا نفوذ متمثل في قيادته لواءً عسكرياً مرتبطاً به حصراً (اللواء 145)، وامتلاكه معسكرات كان استحدثها بنفسه. ويرى مراقبون في قرار ترقية سالم إيذاناً بتصعيد متضاد ستشهده تعز، لا سيما وأن «الإصلاح» لا يسهل عليه تهميشه في هذه المدينة، مثلما حدث في عدن. تصعيد ربما يكون اقتحام مكتب المحافظ، المحسوب على أبوظبي، أمين محمود، من قبل مسلحين موالين لـ«الإصلاح»، يوم الثلاثاء الفائت، أول مؤشراته.

«الصليب الأحمر» في سجون عدن السرية

انعقدت، أمس، في العاصمة اللبنانية بيروت، جلسة إعلامية لـ«اللجنة الدولية للصليب الأحمر» بعنوان «سوريا، العراق، واليمن: عدسة إنسانية». وحذر المنسق الإقليمي للعمليات في الشرقين الأوسط والأدنى، روبير مارديني، في كلمة خلال الجلسة، من أن «الشعب اليمني وصل إلى مرحلة الضعف الشديد»، لافتاً إلى أن «الحرب تواصل استنزاف مقدرات البلد»، مضيفاً أن «اليمن يعيش اليوم على ما بقي له من احتياطي في الموارد». من جهته، دعا رئيس بعثة «الصليب الأحمر في اليمن»، ألكسندر فايتي، في حديث إلى «الأخبار» على هامش الجلسة، إلى رفع الحظر عن دخول البضائع التجارية إلى اليمن، حاضاً الأطراف كافة على «احترام القانون الدولي». وأفاد بأن البعثة تمكنت من زيارة عدد من مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية في عدن وتعز وصنعاء والحديدة، كاشفاً أنه «سُمح لنا للمرة الأولى بدخول مخيم بئر أحمد» (أحد السجون التي تديرها الإمارات في عدن)، حيث «تمكنا من مقابلة نحو 279 محتجزاً، بعضهم من أنصار الله، والبعض الآخر من الجهاديين».
(الأخبار)