من هو الممرّض؟ هل هو ذلك الشخص الذي يحقن مرضاه، وينادي على الأطباء إذا حدث طارئ؟ هل تنحصر مهماته في الشق التقني؟ ما الفرق بين الخدمة والعناية؟ هذه بعض من الأسئلة التي تطرّق إليها المؤتمر الوطني الأول لأخلاقيات التمريض الذي نظمه برنامج سليم الحص للأخلاقيات الإحيائية والاحتراف في الجامعة الأميركية أمس، ويستمر يومين، تحت عنوان «أخلاقيات التمريض والرعاية الصحية: إحداث فرق من أجل المرضى». لكنه ركز على موضوع الأخلاق والشخصية، وكيفية اكتساب صفات الممرض الجيد وإحداث فرق في حياة المريض.
وقالت المديرة المؤسسة للبرنامج تالية عراوي إن «المؤتمر يناقش أخلاقيات التمريض في لبنان، علاقة الممرّض بالمريض والطبيب، وفلسفة التمريض كمهنة»، لافتة إلى أن الممرض «يواجه يومياً معضلات أخلاقية. مثلاً، يبوح المريض له أحياناً بمعلومات عن صحته ويسأله عدم إخبار الطبيب. كيف يتصرف الممرض في هذه الحالة، بين الحفاظ على سرّ مريض وحياته؟».
تسأل عراوي: «لماذا أخلاقيات التمريض؟». الإجابة بسيطة. «لأن الأخلاق تؤثر في التمريض». تعرّف الأخلاق من خلال طرح سؤال: ماذا يجب أن يفعل؟ ثم تشرح أنه «دراسة للحق والباطل في المساعي الإنسانية». تتوقف عند خطأ لغوي، تقول إن «الغرب يفسر مصطلح nurse (ممرض) بكلمة care أي العناية»، لافتة إلى أن «كلمة تمريض تأتي من مرض، ولا توحي بالإيجابية التي يفترض أن يتّسم بها الممرض».
وتستذكر عراوي قصة الممرضات البلغاريات الخمس والطبيب، الذين اتهموا بحقن أطفال ليبيين بفيروس «الإيدز»، لافتة إلى أن الاتهام أمر غير مقبول، لأن الممرّض يجب أن يكون بطلاً. تتحدث عن شخصية الممرض التي يجب أن تتّسم بالطاعة والتواضع والتعاطف والولاء والإخلاص، إضافة إلى صفات أخرى. فليس كل طالب تمريض يصلح ليكون ممرضاً.
من جهتها، تسأل الأستاذة في جامعة «جورج تاون» والممرضة كارول تايلر: «من نحن؟». تجيب وقد اكتست ملامحها صفات الممرضة : «نحن نحمل في أيدينا وقلوبنا رفاهية جميع من نلمس». تتحدث عن أخلاق الممرض وكيفية استجابته. وترى أن «الاستجابة الجيدة ترتكز على تعزيز كرامة الإنسان، زيادة الخير وتقليل الضرر، واحترام الحقوق». الأسئلة المتعلقة بالأخلاقيات كثيرة. ماذا لو دخل المستشفى مريض تعرض للطعن خلال معركة مع إحدى العصابات، واكتشفت الممرضة المسؤولة عنه أنه ضرب أخاها منذ فترة؟ هل تكون مجبرة على الاعتناء به وإنقاذ حياته؟
يجري العمل حالياً على إعداد قواعد أخلاقية للممرضين في لبنان. لكن قبل كل شيء، يجب على الممرض امتهان الرحمة وجميع الصفات الإنسانية، قبل حقن الإبر. هذا ما يجهله ربما الممرضون أنفسهم... والناس.