يمكن الجزم بأن عمل المجالس البلدية قد يواجه بعض الإخفاقات، أو سوء التقدير لأولويات المشاريع الخدماتية والإنمائية، ما يؤدي إلى هدر للأموال من جهة، وأضرار تلحق بالعلاقة ما بين المواطنين والسلطة المنتخبة من جهة ثانية. هكذا تتولّد نظرة سيئة تجاه المجلس البلدي في القرى والبلدات مع توالي الإخفاقات، وخصوصاً أن بعض البلديات تعمد إلى قياس نجاحها بحجم المشاريع الحجرية التي أنشأتها، من دون أن تكون هناك التفاتة إلى شيء يدعى تنمية المجتمع المحلي وتمكينه من النهوض في مختلف المجالات الثقافية منها والتربوية والعلمية.في محاولة لمنع تلك الإخفاقات، أو الحدّ منها، ولدت «جمعية العمل البلدي»، التي اختارت منذ تأسيسها أن تكون بمثابة «الرافعة للبلديات» من خلال توفير التوجيهات والمتابعات اللازمة لها، بغية الوصول إلى «تنفيذ خدمات تنموية تخدم البلدية وأهلها». وأشار مسؤول العمل البلدي في بعلبك ـــــ الهرمل حسين النمر، إلى أن دور مديرية العمل البلدي تمثّل في «جمع المجالس والاتحادات البلدية والتنسيق معها من خلال ورش عمل تدريبية، بغية مساعدتها في النهوض الإنمائي وفق أسس قانونية وإدارية وأولويات خدماتية»، مشدداً على «العمل ضمن إطار الفريق والتخطيط، فلا تأتي المشاريع بطريقة عشوائية، بل وفق خطط مدروسة ومنظمة تُنَفَّذ تنفيذاً صحيحاً يمنع هدر الأموال ويوفر التطور والإنماء في البلدات والقرى».
ولأن البلديات مؤسسات رسمية، فمن الضروري أن تتمتع بجهاز إداري ذي بنية تنظيمية قوية ومعرفة بالقوانين. لذلك، أقامت مديرية العمل البلدي ورش تدريبية للمجالس البلدية وكوادرها الإدارية منذ عام 2009، الهدف منها، بحسب النمر، «تمكينهم من الأمور القانونية والأعمال الإدارية والتأكيد أن القوانين هي الحاكم الأساسي في مسيرة عمل البلديات، الأمر الذي يساعد على أن تكون البلديات شفافة تجاه الجميع، وفي مقدمهم الأهالي».
ورش العمل التي تابعتها المجالس البلدية تركزت على «نمط دراسة الحاجات والأولويات والحركة التنموية في المنطقة، وكيفية وضعها ضمن خطط تفصيلية وإطار تسلسلي، بموازاة ورش عمل عن كيفية إدارة المشاريع واعتماد التخطيط قبل صرف الموازنات، من دون السهو عن تطوير الأنظمة الداخلية للبلديات». وأوضح النمر أن بلديات المنطقة باتت جميعها تعمل «وفق خطة بعدما جرت مناقشتها، ونحن نساهم في متابعتها معهم لدى الوزارات ونواب المنطقة»، مشدداً على أن «البلدية ليست لتعبيد الطريق أو حلّ مشكلة انسداد مجرور، بل إن الهم الأساسي أن تكون البلدية حاضرة اجتماعياً وثقافياً ورياضياً وتنموياً»، مشيراً إلى أن «بعض البلديات وضعت في أولوياتها التنموية إنشاء قصور بلدية، لكن بعد مناقشة هذه الخطط معهم، عمدوا إلى تغييرها باتجاه مشاريع أكثر أهمية كالصرف الصحي ومياه الشفة وإقامة برك صناعية، وأمور تربوية مدرسية وجامعية وثقافية، وأخرى تهتم بالتعاونيات والنقابات وغيرها من المشاريع».
بناءً عليه، أنجزت نحو 40 بلدية، وبالتنسيق مع مديرية العمل البلدي في بعلبك ـــــ الهرمل مشاريعها وخططها التنموية والخدماتية، في الوقت الذي اتفقت فيه اتحادات بلديات المنطقة على خطط مشتركة في ما بينها تشمل القرى والبلدات في المحافظة، وهي لا تدخل ضمن إطار خطط ومشاريع البلديات، الأمر الذي يسمح «بمنع هدر الأموال بسبب تضارب المشاريع» يقول النمر. الدور الذي تقوم به مديرية العمل البلدي لا يقتصر على التوجيهات من خلال ورش عمل، بل يتعدى ذلك إلى متابعة ملفات المشاريع البلدية العالقة، مع نواب المنطقة والوزراء والإدارات الحكومية المعنية.
هذا في ما خص المشاريع ومتابعتها والتنسيق بخصوصها، لكن ماذا عن الدعم المالي للبلديات من المديرية؟ النمر يؤكد أن «المديرية لا توفر الدعم المالي»، بل تُعَدّ بمثابة «همزة وصل بين البلديات وحزب الله لتوفير الدعم المالي المطلوب لبعض المشاريع».