بينما كان السائق علي ف. يقود سيارة يابانية من طراز 2009، في محلة العدلية على أوتوستراد الرئيس الياس الهراوي، شعر بزيادة في السرعة بنحو كبير ومفاجئ. حاول كبح جماح السيارة لكنه أخفق في ذلك، إذ لم تنفع الفرامل في وقف الاندفاع السريع للسيارة، ليكتشف أن دوّاسة البنزين قد «علّقت». فقد السائق السيطرة كلياً، فاصطدمت السيارة بحاجز حديدي. الاصطدام كان عنيفاً بسبب السرعة التي بلغتها السيارة، إلا أن أيّاً من وسادات الهواء (airbag)، المصمّمة لحماية ركاب السيارة، لم يفتح. وقد أدى الحادث إلى إصابة السائق إصابات بالغة استدعت نقله إلى المستشفى، فضلاً عن تعرّض السيارة لأضرار جسيمة. ونتيجة لذلك، ادّعى كلّ من علي ف. ووفاء ن. على وكيل شركة السيارات بجرم الغش والاحتيال والإيذاء القصدي، باعتبار أن ملكية السيارة تعود للمدعية ن. فيما يعمل علي سائقاً لديها ويتولى نقل أولادها الثلاثة إلى المدرسة يومياً.
وتضمنت الشكوى المقدمة إلى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان إشارة إلى وجود تقارير صحافية صادرة في الولايات المتحدة تتحدث عن وجود مشكلة فنية في التصنيع، قد تكون خلف الارتفاع غير الإرادي في سرعة السيارات. ولفتت الشكوى إلى أن التقارير نفسها ذكرت أن هناك خللاً في النظام الإلكتروني للتحكم في سرعة السيارة Electronic throttle control system، علماً بأن السيارات الجديدة لم تعد تستخدم دعسات بنزين ميكانيكية للتحكم في سرعة السيارة، بل تستخدم دعسات مرتبطة بحساس إلكتروني يعطي إشارة كهربائية تعكس سرعة السيارة التي يريدها السائق. أضف إلى ذلك، فإن التقارير، بحسب الشكوى دائماً، تطرّقت إلى ظهور خلل في النظام الإلكتروني لدى تعرضه للتشويش أو لموجات إلكترومغناطيسية خارجية تؤثر سلباً في أدائه، مع الإشارة إلى أن هذه التقارير لم يجر تأكيدها من قبل الشركة المصنّعة التي عادت ونفت صحّتها.
كذلك تطرّقت الشكوى التي تقدمت بها وكيلة الادعاء، المحامية عليا المعلم، إلى وجود تقرير خبير ونشرات أجنبية عدة تؤكد أن هناك خللاً مصنعياً في سيارات الشركة المذكورة، وبالتحديد في طراز عام 2009، مشيرة إلى أنه جرى سحب سيارات هذا الطراز من الأسواق العالمية، لكنها لفتت إلى أن وكيل شركة السيارات المذكورة في لبنان، باع هذه السيارات رغم علمه بهذا الخلل. وتضمنت الشكوى معلومات تشير إلى وجود سبع حالات خلل فني في دواسة البنزين ووسادات الهواء في طراز واحد من سيارات الشركة المذكورة.
وتجدر الإشارة إلى أن عشرات التحقيقات الصحافية المنشورة على الشبكة العنكبوتية تشير إلى أن الشركة المصنّعة نفسها كانت قد سحبت «أكثر من 5 ملايين سيارة في العالم بعد تقارير متزايدة عن وجود هذا الخلل».
استناداً إلى ما سبق، وبناءً على الشكوى المقدمة، بدأت القوى الأمنية تحقيقاً أوّلياً، فاستمع المحققون إلى إفادة رئيس مجلس إدارة الشركة المذكورة في لبنان، الذي نفى كل التهم، واصفاً إياها بـ«المغلوطة والكاذبة». وأشار المدّعى عليه إلى أنه يحتفظ بحقه في ملاحقة المدّعين بتهم التشهير والابتزاز المادي والمعنوي لشخصه وللشركة التي يمثّلها. كذلك أفاد بأن مالكة السيارة تنازلت عن كامل حقوقها ضده وضد شركة السيارات وشركة التأمين بعد حصولها على ثمن السيارة. أما في ما يتعلق بالتقارير التي تتحدث عن خلل مصنعي في تصنيع هذا الطراز، فقد أكد أن الإدارة العامة للسلامة المرورية في الولايات المتحدة حققت في السرعة غير المتعمدة لسيارات الشركة، وتوصلت إلى أن المركبات خالية من أي عيب أو أعطال. كذلك أشار إلى أن الشركة المصنعة للسيارة في اليابان كانت قد نفت وجود أي عطل فني في دواسة البنزين وأكياس الهواء. اللافت وجود تقريرين لخبيرين أجريا كشفاً على السيارة نفسها، ورغم ذلك جاءت نتائجهما متعارضة. ففيما يفيد الأول بوجود خلل في دواسة البنزين، ينفي الثاني أن يكون هناك أي عطل.
الشكوى لا تزال لدى القاضي المنفرد الجزائي في جبل لبنان رولان الشرتوني الذي يُنتظر أن يبتّها، فإما أن يحفظها أو يطلب التوسّع في التحقيق.