بروكسل | خمس عشرة ساعة من الاجتماعات والمفاوضات، وليلة كاملة من الأخذ والرد، توصل بعدها وزراء مال منطقة اليورو، بحضور رئيسة صندوق النقد كاترين لاغارد، إلى اتفاق يسمح بموجبه لليونان بأن تتلقّى دعماً مالياً قُدّر بـ130 مليار يورو، في إطار المرحلة الثانية من المساعدات التي قررتها المنظومة الأوروبية الموحدة. وبعد الشكوك التي حامت حول نية الدول الأوروبية دعم اليونان، يبدو أن صوت الحكمة والتعقل هو الذي ساد هذا الاجتماع، بعدما بيّن الخبراء أن تكلفة طرد اليونان من منطقة اليورو ستكون أكثر كلفة من تكلفة مساعدتها، على الصعيدين الاقتصادي والسياسي.
ونص الاتفاق، بفضل مفاوضات شاقة مع القطاع الخاص، على شطب 53,5% من القيمة الأصلية للسندات التي بحوزتهم، ما يوازي إلغاء 107 مليارات من الديون اليونانية. ولكن الشروط التي وضعت تعتبر قاسية جداً، فأوروبا ستراقب عبر لجنة خاصة من المفوضية الأوروبية إلى جانب الترويكا الأوروبية كيفية صرف المبالغ التي تقدم إلى اليونان، مع مراقبة تطبيق برنامج التقشف والإصلاح بهدف إيصال ديون اليونان من هنا لسنة 2020 إلى نسبة 120 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.
ووافقت الجهات الدائنة الخاصة على زيادة مساهمتها في الخطة الثانية لمساعدة اليونان، بعدما كان الاتفاق ينص حتى الآن على شطب 50% من الديون، ما سيوازي في حساباتهم خسارة فعلية تفوق 70%. الإفراج عن الشطر الثاني سيمكّن اليونان من دفع 14.5 مليار يورو ديوناً مستحقة عليها في منتصف الشهر المقبل حتى لا تعلن إفلاسها. لكن في الوقت نفسه وُضعت بطريقة ذكية وغير لافتة للأنظار تحت مراقبة أوروبية مشددة، من دون الإفصاح العلني عن ذلك، حتى لا يتأثر المواطن اليوناني ويخرج إلى الشارع ليندّد بفقدان سيادة بلده الوطنية.
وفي أول ردّ فعل على الاتفاق، أعرب رئيس وزراء اليونان، لوكاس باباديموس، عن «ارتياحه الكبير» للاتفاق، مؤكداً في المقابل أن الإصلاحات المقررة ستتحقق بعد الانتخابات المقبلة. وقال باباديموس للصحافيين، في ختام اجتماع لوزراء مال دول منطقة اليورو في بروكسل، «علينا أن نطبق البرنامج ضمن المهل المحددة وبنحو فاعل»، مضيفاً أن الحكومة الحالية «مصمّمة على ذلك، وإنني واثق من أن الحكومة ستكون بعد الانتخابات على القدر ذاته من التصميم على تطبيق البرنامج، لأن هذا في مصلحة الشعب اليوناني».
من جهته، أكد المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، أولي رين، أن «خطة إنقاذ اليونان تقوم على شرط صارم. فهي تنص على تشديد المراقبة على اليونان وإلزامها بحضور دائم في المكان لبعثة المفوضية الأوروبية» المكلفة مساعدة اليونان على تحديث جهاز الدولة.
في المقابل، أعلن رئيس مجموعة اليورو (يوروغروب)، جان كلود يونكر، أن الاتفاق سيتيح «ضمان مستقبل البلاد في منطقة اليورو». وأعرب يونكر عن «تفاؤله» حيال إمكان أن يتوصل رؤساء دول وحكومات منطقة اليورو إلى تأكيد زيادة قدرة الإقراض لصندوق الإنقاذ الحالي المعروف بالصندوق الاوروبي للاستقرار المالي وآلية الاستقرار الاوروبية التي ستخلفه، خلال قمتهم المقبلة في مطلع آذار.