كانت الحكومة المصرية تشعر بالحيرة. تبحث عن أحد من الثوار لتتحاور معه. وفي مساء يوم الثلاثاء الماضي، حين طُلب من المتظاهرين في ميدان التحرير تقديم من يتحدث باسمهم، طرحت بعض القوى الشبابية في الميدان اسم «وائل غنيم» ممثلاً لهم ومفاوضاً عنهم. كان الشباب يضعون «العقدة في المنشار» للنظام، ويطلبون منه بنحو مبطن كشف مكان اختفاء الناشط والخبير التقني وائل غنيم، أظهر شريط فيديو نشر على «يوتيوب» عناصر من الشرطة بلباس مدني يعتقلونه.
تحوّل وائل خلال أيام قليلة تلت أحداث يوم الجمعة الماضي إلى أيقونة من أيقونات الثورة المصرية. هو معروف لدى الكثيرين العاملين في مجال المعلوماتية، إضافة إلى متابعي حسابه الشخصي على موقع «تويتر»، الذي حفظ آخر الرسائل التي كتبها وائل: «صلّوا من أجل مصر، إنني قلق للغاية. يبدو أن الحكومة تُعدّ لجريمة حرب غداً ضد الشعب. جميعنا مستعدّون للموت». بعدها لم يظهر وائل في أي مكان.
هيثم يحيى، وهو أحد زملاء وائل، حاول البحث عن غنيم في المستشفيات حتى إنه زار «مشرحة» مستشفى القصر العيني، للتأكد ما إذا كان وائل حياً ميتاً، لكن من دون جدوى.
ولد وائل عام 1980، وقضى الجزء الأكبر من حياته مثل الكثيرين من أبناء الطبقة الوسطى المصريين في الإمارات العربية المتحدة. لكنه عاد إلى مصر في المرحلة الجامعية وحصل على شهادة «البكالوريوس» في هندسة الحاسبات من كلية الهندسة في جامعة القاهرة عام 2004، ثم حصل على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال بامتياز من الجامعة الأميركية في القاهرة عام 2007. شارك في إطلاق عدد من المواقع وخدمات الانترنت العربية وتطويرها، حيث عمل في شركة «Gawab.com» لخدمات البريد الإلكتروني، التي وصل عدد مشتركيها لأكثر من خمسة ملايين في العالم العربي. كذلك عمل مستشاراً في العديد من المشاريع، منها مشروع تطوير بوابة الحكومة الإلكترونية في مصر. بعدها انضم إلى شركة «غوغل» في شهر تشرين الثاني عام 2008، وعمل مديراً للتسويق في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمنتجات «غوغل»، وبات يشرف على تعريب منتجات هذا الموقع التي تفيد المستخدم العربي وتطويرها من خلال العمل مع فريق من المهندسين الذين يجيدون التحدث باللغة العربية.
كل هذه الأنشطة والمهمات والأعمال جعلت وائل أحد أبرز التقنيين المصريين، وأحد الفعّالين في النقاش السياسي على مواقع «تويتر» و«فايسبوك»، والداعين إلى تظاهرات 25 يناير (كانون الثاني). بعض التخمينات تشير إلى أن وائل هو مدير مجموعة «كلنا خالد سعيد» على الفايس بوك، التي يبلغ عدد أعضائها أكثر من ربع مليون.
أعلنت شركة «غوغل» على موقعها العربي اختفاء وائل غنيم، وطالبت من لديه أي معلومات عنه الاتصال على الرقم 00442070313008. اهتمام غوغل إلى جانب عشرات المجموعات على «الفايسبوك» التي ظهرت تحت عناوين من نوع «أين وائل غنيم؟» أو «كلنا وائل غنيم»، حوّلت هذا الشاب إلى أيقونة من أيقونات الثورة المصرية، وعنوان أساسي في معظم التقارير الإخبارية المصوّرة.
في المقابل، يرى البعض أن شركة «غوغل» لم تمارس حتى الآن ضغوطاً كافية للبحث عن أحد أكبر موظفيها، بل طالب بعض الناشطين الشركة بتغيير شعارها ليحمل اسم غنيم بهدف الضغط على الحكومة والنظام المصري للبحث عنه أو الكشف عن مكانه.
إذاً لا يزال وائل غنيم مختفياً. وقد أكد أخوه الخبر في 31 من الشهر الماضي. هكذا أراد النظام ترهيب زملائه الثوار!