على الرغم من الصعوبات والانتقادات التي تواجهها الحكومة الحالية، يتفق المراقبون من كافة الأطراف السياسية اللبنانية على أن أداء وزارة الزراعة كان، ولا يزال، مميزاً. فالوزير حسين الحاج حسن قاد موظفي الوزارة من الإحباط إلى التفاؤل. وعند توليه مهماته، ألّف الوزير لجاناً استشارية واسعة تضم أكاديميين وكبار المنتجين وممثلين عن القطاع الخاص. وقد قاربت هذه اللجان الواقع الزراعي ووضعت خطط عمل لإنعاش القطاعات المهمة كالكرمة والبطاطا والحمضيات. وبناءً على هذا، وُضعت خطة عمل تبعتها الوزارة وتبنتها الحكومة التي ضاعفت ميزانية الوزارة، وهذا يُعَدّ إنجازاً في حد ذاته؛ إذ إن الحكومات المتتالية اقترضت من حصة الزراعة تناغماً مع استراتيجية إلغاء القطاعات الإنتاجية على حساب اقتصاد الريع. لكن رغم كل هذه الجهود المميزة، لا يزال القطاع الزراعي يتدهور، وحصته في الاقتصاد اللبناني تتقلص. وما زال الفقر يعم الأرياف، دافعاً صغار المنتجين إلى ترك الأرض والهجرة سعياً وراء لقمة العيش. وقد تضاعفت الضغوط على القطاع الزراعي في الأشهر الماضية نتيجة الصعوبات التي تواجه التصدير عبر سوريا، وهو الخط الأساسي للنقل إلى بلدان الخليج. وقد بيّنت هذه الأزمة بوضوح هشاشة المنظومات الزراعية المبنية على الإنتاج التصديري، الذي يعاني من مشاكل أخرى أهمها أنه في أكثر الأحيان يكون لمصلحة الأغنياء الذين يقدرون على التعامل مع الأسواق العالمية ومتطلباتها وتقلباتها. في ضوء كل هذه الوقائع، ربما حان الوقت لمراجعة الخطط الزراعية ودعمها بخطة منحازة إلى مصالح الفلاحين وصغار المنتجين الذين لا ينتمون إلى قطاع معين إلا قطاع الفقر والحرمان، وإن أنتجوا فبعض الزيتون والقليل من القمح، أو في أحسن الأحوال تربية المواشي. إن كانت الزراعة غير قادرة على تحسين حياتهم وهم من يعيش في الريف ويدافع عن الأرض، نكون قد فشلنا في مهمتنا الأساسية.