شهد مبنى مكاتب النواب أمس «بروفة» لما سيجري بعد غد في القاعة العامة لمجلس النواب. نواب 14 آذار بقضّهم وقضيضهم كانوا حاضرين في المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة، للحديث عن الإنفاق الحكومي خلال السنوات الماضية. حتى النائب معين المرعبي، المهدد يومياً بالاستقالة احتجاجاً على تعامل تيار المستقبل مع عكار، تقدم الصفوف. «الأزمة» إذاً تبدو في ذروتها. كل دقيقة في الـ48 ساعة المقبلة وصولاً إلى جلسة 5 آذار التشريعية، «حقّها مصاري».
الاتصالات السياسية ومحاولة إيجاد حل للازمة الحالية تولاها وزراء «جبهة النضال الوطني». اجتمعوا امس مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، في محاولة منهم لإقناعه بضرورة تأجيل الجلسة اذا لم يجترح حلاً قبل نهار الاثنين. وبحسب مصادر اللقاء، فإنهم أبدوا امتعاضهم من الأكثرية الحالية «لأنها لم تستطع تأمين النصاب العددي في الجلسة الماضية، إذ كيف يحضر النائب وليد جنبلاط بينما غاب حلفاء التيار الوطني الحر كسليمان فرنجية وسليم كرم وعصام صوايا؟». وزراء الحزب الاشتراكي يتحدثون عن ضرورة عدم التصويت على مشروع قانون الـ8900 مليار ليرة، إلى حين إيجاد حل للـ11 مليار دولار التي صرفتها حكومتا السنيورة وحكومة الرئيس سعد الحريري بين عامي 2006 و2010.
وفي رأيهم، يمكن إحالة الملف الثاني على اللجان النيابية أو على اللجنة النيابية الوزارية المنوي تشكيلها لدراستها وبتها وإحالتها على مجلس النواب كاقتراح قانون «كامل الأوصاف». ويرى أحد هؤلاء الوزراء أنه في الفترة بين 2006 و2010، «كنا جميعاً شركاء في الإنفاق. فحركة أمل وحزب الله كانا ممثلين في حكومة السنيورة الأولى، وكانا مع التيار الوطني الحر شركاء في حكومتي السنيورة الثانية والحريري». وبناءً على ذلك، يفضل النائب وليد جنبلاط تجنب التصويت، «لأن البلد بغنى عن خضة سياسية إضافية»، علماً بأن رئيس جبهة النضال كان قد أكد قبل الجلسة الماضية لمجلس النواب أنه «مع الرئيس بري».
مصادر الاشتراكي، الذي يمثل بيضة قبان التصويت في مجلس النواب، ترى أن الخلاف لم يعد «تقنياً بشأن قدرتنا على تأمين الأكثرية او عدمه، بل تحوّل إلى سياسي بنكهة طائفية». وبالنسبة إلى بري، تضيف المصادر، فإنه لا يحبذ أن يتكرر مشهد خروج «معظم النواب السنّة من جلسة مجلس النواب، وهو المشهد الذي ظهر في الجلسة الماضية». لكنّ رئيس المجلس، تؤكد مصادر الاشتراكي، يرفض مساواة الـ11 مليار دولار بالـ8900 مليار ليرة، لأن الملف الثاني مر بلجنة المال والموازنة التي فرضت على وزارة المال «تبنيده وتحديد أوجه صرف كل ليرة من المبلغ الإجمالي».
هكذا، ينتظر الجميع الآن اتصالات «الربع ساعة الأخيرة، وحل الأزمة موجود أصلاً عند الرئيس بري، وهو الوحيد الذي يستطيع أن يديره»، كما يقول أحد نواب المستقبل. نواب المعارضة حالياً ينتظرون تصاعد الدخان الأبيض من عين التينة، وإعلان حل متكامل للموضوع وتشريع المبلغين معاً (11 مليار دولار و8900 مليار ليرة) ليقرروا إن كانوا سيدخلون قاعة المجلس الاثنين المقبل. أما النائب جمال الجراح، فهو في «انتظار الـ48 ساعة المقبلة لأن المخرج موجود وطلبنا واقعي ومنطقي «خلينا نمشي» بالموضوع كله لأنه متشابه والظروف نفسها، بل إن ظروفنا كانت أصعب». يضيف الجراح لـ «الأخبار»: «أموال الإنفاق واضحة وصريحة، وما يجري تسويف للأمر، كأنهم يطلبون مرّروا لنا ما أنفقناه ثم نحل موضوعكم»، يقول.
في مؤتمره الصحافي، برر السنيورة، وقد جلس بقربه النائب فريد مكاري، صرف الـ11 مليار دولار وذلك لكي لا «تتوقف مرافق الدولة». السنيورة لم يكن وحيداً في دفاعه عن صرف الحكومات السابقة للمبلغ، فالنائبان بطرس حرب وجورج عدوان شاركا أيضاً في ذلك. في المؤتمر أعاد السنيورة ما كان قد قاله مسبقاً في قاعة مجلس النواب عن طريقة صرف الـ11 مليار دولار، وإن المبلغ أُنفق كي لا «تخل الحكومة بالتزاماتها بعدم تسديد أصل وخدمة الدين العام».
هكذا، وبما أن فريق 14 اذار لا يزال مصراً على وضع الـ11 مليار دولار مع الـ8900 مليار ليرة التي تطلبها الحكومة الحالية في ملف واحد، ومن باب «الحرص على عودة الانتظام إلى المالية العامة وأسس الإنفاق»، قدمت المعارضة اقتراح قانون معجل مكرر من أجل «فتح اعتماد إضافي بقيمة 8900 مليار ليرة لبنانية في موازنة عام 2011 وفق ما طالبت به الحكومة الحالية». السنيورة رأى أن اقتراح القانون هو الطريقة الصحيحة لمعالجة موضوع الإنفاق الإضافي «عوضاً عن اجتزاء الحل وفتح الباب أمام المزايدات السياسية والشعبوية، التي لا طائل منها، والتي تؤثر سلباً في اقتصاد لبنان، وفي سلمه الأهلي».
في المؤتمر الصحافي، حضر إلى جانب السنيورة أركان فريقه السياسي، والوزيرة السابقة ريا الحسن. التغطية الآذارية مؤمنة بالكامل: النائب بطرس حرب ممثلاً مستقلي 14 آذار، والنائب جورج عدوان ممثلاً القوات، والنائب فادي الهبر ممثلاً الكتائب، والنائب مروان حمادة ممثلاً نفسه. أعلن حرب الالتزام «بإخضاع كل هذه النفقات والحسابات لرقابة ديوان المحاسبة والسلطة القضائية، ولا نقبل إقفال ملفات هذه النفقات دون التثبت من صحة حساباتها، وتقيدها بالقوانين». أما عدوان، فطالب بـ«تطبيق نفس المعايير على القوننة، بحيث لا يطبق معيار على حقبة، ومعيار آخر على حقبة ثانية». من جهته رأى حمادة أن هناك لائحة بلجنة نيابية وزارية مشتركة «موجودة في محفظة الرئيس بري، لكن يبدو أن مكونات أخرى في الأكثرية هي التي عطلت هذا الحل».
في المقابل، رد النائب عباس هاشم على المؤتمر الصحفي للسنيورة ونواب 14 آذار سائلاً عما إذا كان «يجوز التهديد بالسلم الأهلي لتغطية الارتكابات؟ ما هكذا تورد الإبل يا فؤاد». أما زميله في تكتل التغيير والإصلاح النائب ابراهيم كنعان فرأى أن «الرئيس بري لن يسمح بمحاولة الالتفاف من قبل الرئيس السنيورة وحلفائه على الرقابتين البرلمانية والقضائية». يضيف رئيس لجنة المال والموازنة النيابية أن ذلك سيمثل «سابقة خطيرة تجعل من عملية إعداد الموازنات والحسابات النهائية وإحالاتها على المجلس النيابي مخالفة للمواد 83 84 87 من الدستور، بحيث تفقد السلطة الإجرائية دورها الأساسي في مجال المراقبة والمحاسبة». ورداً على السنيورة قال كنعان لـ«الأخبار» إن «اعتبار الرئيس السنيورة أنه أنفق في الأعوام الستة المذكورة وفقاً لقانون المحاسبة العمومية، يتجاهل 14 قراراً قضائياً صادراً بحق وزارة المال لمخالفة هذا القانون تحديداً منذ عام 1995 حتى اليوم». وقال إن المطلوب هو «تقديم الحسابات المالية النهائية إلى ديوان المحاسبة والمجلس النيابي، لا طلب براءة ذمة في الإعلام، وحتى هذه الساعة لم يتقدم السنيورة بهذه الحسابات، ولا يزال يناور ويحتمي بحلفائه لابتزاز المجلس النيابي». أما في ما يتعلق بجلسة الاثنين، فقال كنعان إن «العيون شاخصة على موقف الحكومة ومكوناتها، التي تمثل الأكثرية، وعلى احترامها لتواقيعها على مشروع الاعتماد الإضافي البالغ 8900 مليار، وعلى اعتبار رئيسها احترم الأصول في ما قام به من أعمال مالية بعكس الحكومات السابقة، وإلا فإن هذه الأكثرية سوف تتحول بأغلبية مكوناتها الى أطراف مشاركة في استمرار المرحلة السابقة في تجاوزاتها وارتكاباتها، وعندها سيكون لنا موقف حاسم من هذه القضية».



اعتصام شبابي أمام البرلمان الإثنين

تحت عنوان «لن نتخلى عن حقّنا» أعلن عدد من المنظّمات الشبابية اعتصاماً عند الواحدة من بعد ظهر الاثنين المقبل بالتزامن مع جلسة مجلس النواب، والتي يُعتقد انها ستخلص الى اقرار تسوية لمسألة الانفاق غير القانوني للسنوات السابقة ومسألة ابقاء بدل النقل خارج الأجر.
«كفى استغلالاً وسرقة من ارباب العمل للعامل، كفى حرماناً للموظفين والأجراء من حقوقهم»، شعارات سيرفعها المعتصمون من اتحاد الشباب الديمقراطي، قطاعات الشباب والطلاب في الحزب الشيوعي وحركة الشعب والتنظيم الشعبي الناصري، منظمة كفاح الطلبة والاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين. ويشير بيان مشترك صادر عن هذه المنظّمات إلى ان المعتصمين «لن يتخلوا عن حقهم في تعويض نهاية خدمة يشمل كل الأجر، لن يتخلوا عن 180 الف ليرة شهرياً (بدل النقل) يحرم منها 53% من الأجراء، ولن يقبلوا تمرير تسوية السرقات تحت ستار 8900 مليار و 11 مليار دولار، ولن يسمحوا للمجلس النيابي بتشريع السرقة، ولن يسمحوا لنواب الأمة بإقرار قانون يحرم اللبنانيين من احتساب بدل النقل في تعويضاتهم».
وتقول مسؤولة الاعلام في اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني، هبى الاعور، إن «الشعارات التي سترفع تتركز حول قضيتين أساسيتين، الأولى هي رفض اية تسوية تتعلق بموضوع بدل النقل، اذ من غير المقبول من قبلنا ان يتم تحويل عرف الى قانون بدلاً من ادخال بدل النقل الى صلب الاجر لاحتسابه في تعويضات نهاية الخدمة. اما المسألة الثانية فهي تتعلق بالتسوية التي يجري تداولها لتمرير اعتماد الـ8900 مليار ليرة، في مقابل ابراء ذمة الحكومات السابقة في ما يتعلق بالـ11 مليار دولار الضائعة».
كذلك يرى رئيس قطاع الطلاب في حركة الشعب احمد الحلاني أن «التحرك لن يؤدي الى التغيير، انما الاتكال على تراكم التحركات للوصول الى التغيير ولو على المدى الطويل هو الهدف».
أما رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان كاسترو عبد الله، فرأى أن مرسوم الأجور الذي صدر هو «مسخ تم فيه التآمر على حقوق العمال والمستخدمين».