جاد شعبان: لا يمكن الادّعاء أن الـTVA ضريبة تصاعدية
محمد وهبة
ردّ الدكتور جاد شعبان على منتقدي الدراسة التي أجراها مع زميلته في الجامعة الأميركية، الدكتورة في العلوم الاقتصادية، نسرين سلطي، عن «تأثير زيادة الضريبة على القيمة المضافة على الفقر والمساواة في لبنان»، فسأل: «أين البديل العلمي الذي يدحض النتائج التي توصلنا إليها؟ علماً بأن نتائج الدراسة عُرضت على محكّمين دوليين دققوا في المنهجية المعتمدة والأرقام الصادرة عنها، وهناك خبراء كثر في الدولة، لماذا لم نسمع منهم شيئاً؟».
تعرّضت الدراسة، التي صدرت في إطار «مشروع بناء القدرات للحد من الفقر» بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية، لنقد عشوائي يتهمها بأنها غير دقيقة، وقد جاء بعضه على لسان النائب في كتلة المستقبل غازي يوسف، عبر مداخلات أدلى بها إلى المؤسسة اللبنانية للإرسال، معتبراً من دون أي دليل علمي أن زيادة الضريبة على القيمة المضافة لا تزيد الفقر.
غير أن الدراسة، بحسب شعبان، عمدت إلى قياس وتقدير حالات ارتفاع الضرائب وأثرها المباشر على الاستهلاك الحقيقي للأسر. فقد خلصت إلى أن ارتفاع ضريبة الـTVA إلى 12% سيخفض الإنفاق الاستهلاكي للأسر الفقيرة بنسبة 8%، وستتضاعف نسبة الذي يعيشون تحت خط الفقر الأدنى، أي بنحو 2.4 دولار يومياً، من 3% إلى 6%. أما نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر الأعلى، أي بنحو 4 دولارات يومياً، فسترتفع من 28% إلى 31%. وفي سياق متصل، تقول الدراسة إن زيادة الـTVA إلى 15% ستؤدي إلى انخفاض الإنفاق الاستهلاكي لكل الأسر مع نسبة أعلى للفقراء منها للأثرياء، وسترتفع نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر الأدنى إلى 9% والذين يعيشون تحت خط الفقر الأعلى إلى 34%.
يشرح شعبان لـ«الأخبار» هذه النتائج، فيؤكد أن المتضرر الأكبر من زيادة الأسعار التي يسدّدها كل الناس، أي الضريبة غير المباشرة على الاستهلاك، هم الشريحة الأفقر، إذ لا يمكن الادّعاء أن الـTVA هي ضريبة تصاعدية وأنها تصيب الأكثر ثراءً وتستثني الفقراء.
ويشير إلى أن الدراسة أُرسِلت إلى محكّمين في منتدى البحوث الاقتصادية، وقد اطّلعوا على منهجيتها وتفاصيلها، فأكّدوا جديّتها، إذ استندت إلى بيانات مسح العائلات والأسر الذي أجرته وزارة الشؤون الاجتماعية في عام 2004، واستعملت الأطر العلمية التي يستعملها صندوق النقد الدولي، وطبّقت محاكاة اقتصادية تمكّن من رؤية الآثار الضريبية المباشرة.
لكنه يلفت إلى أن النقد الموجّه إلى الدراسة ينطوي على ثغرتين رئيسيتين: الأولى، أن البعض يحاول التسويق أن نتائج الدراسة مبنية على قاعدة أن إنفاق الخزينة ليس ممكناً بلا إيرادات، فيما تروّج الثانية لمقولة «إن الضريبة لا تؤثّر على الشرائح الاجتماعية»! إلا أنه لا يقف عند هذا الأمر، باعتبار أن النقد جاء عشوائياً، ومن دون تقديم دليل علمي يدحض المنهجية العلمية التي اتُّبعت. فمن حيث الشكل، «لم يقدّم الناقدون دراسة بديلة تؤكّد أن تأثير زيادة الـTVA ليس بالقدر الذي توصلت إليه دراستنا». فالمعروف أنه لا يمكن إجراء أي دراسة اقتصادية والخروج باستنتاجات غير مبنية على دراسات علميّة توضح كل الفرضيات الممكنة، وفي فرضيات الدراسة «استعملنا نموذجاً تحليلياً يعرف بـ«تحليل الطلب الاستهلاكي» أو (consumer demand analysis)، وهو يقيس إنفاق الأسر على كل السلع، ويضع فرضيات زيادة الـTVA، مع الأخذ في الاعتبار الاستثناءات والإعفاءات على السلع، ومرونة الطلب الاستهلاكي واحتمال تحوّل المستهلك نحو سلع مماثلة أقل ثمناً، وذلك على قاعدة محافظة المستهلك على وتيرة الاستهلاك نفسها، فتُنزّل زيادة الإنفاق على السلع من دخل الأسر، ما يظهر نسبة الأسر التي ستتأثر وحجم التأثير الذي يطالها.
ويضيف شعبان إن الدراسة واجهت أسئلة، غير إعلامية، تقول إنه كان يمكن احتساب نتائج الإصلاحات التي تعتزم الحكومة القيام بها، ما قد يغيّّر مفاعيل زيادات الأسعار وتوزّع ثقل العبء الضريبي إذا أدّت الإصلاحات إلى إعادة تموضع الدخل. لكنّ الدراسة كانت تهدف إلى قياس أثر ضريبي واحد، «لا تقديم سياسة ضرائبية متكاملة في سياق شمولي»، إذ إن الدراسة لم تهدف إلى معرفة «مَنْ تستهدف الضريبة؟ وكيف يمكن إدخال الأموال إلى الخزينة العامة؟». فإذا كان المطلوب معرفة تأثير السياسات الضريبية على الفقر، فهو من اختصاص وزارة المال.