نيويورك | بدأ مجلس الأمن الدولي في وقت متأخر أمس بحث الموضوع السوري وسط تحفظ كل من روسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا على نص مشروع القرار الأميركي ـــــ الغربي، الذي يتضمن وصفاً مفصلاً لصلاحيات بعثة المراقبين، ويسمح حتى بدخول المفتشين إلى قصور الرئاسة، كما فعلت بعثة مفتشي هانس بليكس في العراق، ما دفع روسيا إلى المسارعة إلى طرح مشروع قرار بديل.
وفي تعليق أدلى به مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة في نيويورك بشار الجعفري لـ «الأخبار»، تساءل عن «كيف يمكن المجلس أن يعتمد قراراً في الوقت الذي لم تنته فيه بعد المفاوضات بين السلطات السورية وكوفي أنان وفريقه الفني حول البروتوكول الناظم لنشاط المراقبين في سوريا؟».
وأعلن فيتالي تشوركين مندوب روسيا، أن مشروع القرار الأميركي الغربي يختلف كلياً عن أهداف بعثة فريق المراقبين الطليعي. وأكد حرص روسيا على أن يكون مشروع القرار مقتضباً من عشرة أسطر، تسهّل إرسال المراقبين على جناح السرعة، مشيراً الى احتمال أن تمتد المحادثات بشأن القرار الى اليوم. وصرّح دبلوماسي مشارك في المفاوضات بأن روسيا، «تفاوض على كل عبارة» في مسودة القرار.
وفيما كتبت واشنطن مشروع قرارها بالحبر الأزرق سارعت موسكو الى طرح مشروع آخر بالحبر الأزرق ايضاً، يتسم المشروع بالاقتضاب وتفادي القضايا التي تتحمل عدة أوجه. وكان محدداً في تحميل المسؤولية لأي طرف يخل بقرار وقف العنف المسلح، ويدعو إلى التفاوض مع الحكومة السورية والأمم المتحدة، ويطلب رأي المختصين في طبيعة عمل الفريق المراقب بعد التشاور مع السلطات السورية، التي جعلها المسؤول الأول عن سلامة أفراد الفريق الطليعي. ويطلب القرار من الحكومة السورية «الإيفاء بالتزاماتها، وتطبيق خطة أنان بكاملها، كما اتفقت عليه مع المبعوث في 1 نيسان. ويعرب عن عزم المجلس، «تحت شرط استمرار وقف العنف المسلح بكافة أشكاله من كافة الأطراف، على الإنشاء الفوري، بعد التشاور مع الحكومة السورية والأمم المتحدة، لبعثة مراقبين في سوريا، ويطلب مقترحات رسمية من الأمين العام في مهلة أقصاها 16 نيسان الحالي، ويقرر تخويل فريق طليعي من المراقبين يصل عددهم إلى 30 مراقباً عسكرياً غير مسلح للتواصل مع الأطراف، والبدء في رفع تقارير عن التطبيق التام لوقف كافة أشكال العنف المسلح من كافة الأطراف، شرط انتشار البعثة، ... ويدعو الحكومة السورية والأفرقاء الآخرين إلى ضمان أن يكون الفريق قادراً على تولي مهماته. ويطلب من الأمين العام رفع تقرير فوري لمجلس الأمن بشأن العراقيل التي تعترض التطبيق الفعال للقرار من أيّ طرف كان. ويطلب منه أيضاً رفع تقرير عن التطبيق بحلول 19 نيسان، ويرفض فكرة الإنذار باللجوء إلى إجراءات أخرى، وأكد إبقاء المسألة قيد المتابعة.
وفي جنيف، أوضح أحمد فوزي المتحدث باسم انان أمس أن هذا الأخير يدعو الى ضمان «وصول» مساعدات انسانية الى اكثر من مليون شخص في سوريا. وأشار الى انه كان قد «أساء التعبير» في وقت سابق عندما تكلم عن «ممرات إنسانية».
وقالت المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي اليزابيث بيرز إن المنظمة توزع مساعدات انسانية عبر الهلال الأحمر السوري منذ كانون الأول الماضي، مشيرة الى أنه جرى الوصول الى 106 آلاف خلال شهر آذار.
وقال فوزي إن مجلس الأمن سيناقش مشروع قرار ينص على إرسال فريق استطلاع «في أسرع وقت ممكن» يتألف من «عشرة أشخاص الى اثني عشر شخصاً» الى سوريا، تمهيداً لإرسال مراقبين دوليين يتحققون من وقف اطلاق النار.
وأوضح أن «بعثة المراقبين الكاملة ستضم 250 عنصراً»، مشيراً الى «أنهم قد يكونون من القوات الموجودة في المنطقة، ويمكن نشرهم سريعاً».
كذلك أكد أن هذه القوات ستكون من جنسيات ترضى عنها السلطات السورية، أي من آسيا او أميركا اللاتينية أو أفريقيا.
كما أشار فوزي الى أن الجنرال النروجي روبرت مود لم يتوجه الى سوريا، وذلك على خلاف ما اعلنه الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون الخميس، من دون ان يذكر الأسباب.
وقال فوزي إن السلطات السورية أبلغت انان إعطاء 53 تأشيرة دخول لصحافيين، و21 تأشيرة دخول لممثلي منظمات.
وبالتزامن مع مناقشات مجلس الأمن (سانا، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)، خرج الاف المتظاهرين المناهضين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد الى ساحات وشوارع المدن والقرى غداة تطبيق وقف اطلاق النار، الذي سجل خروقاً عديدة من قبل النظام والمعارضة.
ووزع ناشطون على شبكة الإنترنت أشرطة فيديو تُظهر تجمعات حاشدة في مناطق عديدة، أكبرها في مدينة دوما في ريف دمشق، وفي اللطامنة في ريف حماة، مع عشرات أسماء المدن والقرى والبلدات التي اختلطت فيها أعلام المعارضة مع الهتافات الداعية الى رحيل الأسد واللافتات المبتكرة. وأفادت «رويترز» عن «أعداد قليلة» من المتظاهرين في انحاء البلاد بعد صلاة الجمعة.
وأظهر إحصاء نشره «المركز السوري لتوثيق الاحتجاجات»، أن إجمالي نقاط الاحتجاج في «جمعة ثورة لكل السوريين» بلغت 700 نقطة في 560 منطقة، وبلغت نسبة توثيق هذه التجمعات عبر أشرطة الفيديو على يوتيوب حوالى 44 بالمئة من اجمالي التجمعات المصرح عنها. وتختلف أعداد المتظاهرين في هذه التجمعات، إلا أن عدداً كبيراً منها لا يتجاوزون العشرات من يشاركون فيها.
واتهمت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» «مجموعات إرهابية مسلحة» باغتيال ضابط في الجيش السوري في حماة، وجندي في حلب ومدنيين، أحدهما في حلب والآخر في محافظة ادلب، كما اشارت الى إحباط محاولة تسلل نفذتها مجموعة ثالثة من الأراضي التركية.
ومساءً قال مصدر محلي إن انفجاراً كبيراً وقع في ساحة المدلجي بوسط مدينة دير الزور سبقه إطلاق رصاص كثيف وانتشار لقوات حفظ النظام. في المقابل، قالت المعارضة إنه قتل خمسة اشخاص عندما أطلقت قوات الأمن الرصاص لتفريق التظاهرات، اثنان منهم في مدينة حماة، وآخر في مدينة سلقين في ريف ادلب، ورابع قرب مسجد في بلدة نوى في محافظة درعا، وخامس في داريا في ريف دمشق. وألقت سانا باللائمة في مقتل اثنين من هؤلاء على المعارضة، وقالت إن «جماعة إرهابية مسلحة» قتلت بالرصاص رجلاً في سلقين، كما ألقت باللائمة في مقتل محتج في حماة على متظاهر آخر قالت إنه اطلق الرصاص عليه.
واعلن مسؤول اميركي رفيع المستوى أن الولايات المتحدة تمد المعارضة السورية بالمساعدات، وخصوصاً بالمعدات الطبية ووسائل الاتصال، لكنها لا تزودها أي اسلحة. وقال هذا المسؤول الذي طلب عدم كشف اسمه إنه «من المحتمل ان تزداد كميات المساعدات هذه في المستقبل»، من دون تحديد الأقنية المستخدمة لإيصالها.