خلال الأسبوعين الماضيين، عاد تسعة من أبناء بلدة يحمر البقاعيّة إلى قريتهم. وجدوا أنفسهم في مراكز الأمن الإماراتي فجأة، وبعدها بيومين أو ثلاثة، أو أسبوع على أبعد تقدير، كانوا يجدون أنفسهم في مطار رفيق الحريري الدولي. وجب على معظمهم أن يترك كل شيء لتلك الأبراج التي تناطح السماء بلا فائدة. بعضهم مُنح مهلة «متسامحة» من أجهزة الأمن الإماراتيّة: 15 يوماً. أحد هؤلاء، أعطوه 15 يوماً ليصفّي عمل 17 عاماً. أنشأ خلالها مطعماً، جاؤوا إليه في نهاية المطاف، وأخذوه منه بالقوة. لم يسمحوا له بأن يرتدي قميصه. كان وقتهم ضيقاً إلى هذا الحد. ألغيت إقامته بلا مناسبة. لم يرتكب جريمة، ولم يتحدث في السياسة. سجله العدلي ناصع تماماً. فاوض جهاز الأمن الإماراتي على شيء واحد. لم يرد المطعم ولا الإمارات ولا شيء. أراد أن تبقى زوجته مع ولديه لإكمال العام الدراسي وحسب. لكن الأمن رفض مكتفياً بإلغاء الإقامة عن جواز السفر. لا يعرف شيئاً غير المطعم، ولا مذهبية في الطعام.
حتى إنه كان لا يصلّي في أيٍّ من المساجد كي «لا يثير حفيظة أحد». حاول أن يكون لطيفاً في شرحه، بينما الواقع أنه لم يصلِّ كي لا يعرفوا مذهبه!
في لقاء للجنة المبعدين، تفاوتت الصرخات، بين حكيمة وأخرى ناقمة. كان الحاضرون يبحثون عن «الطريق إلى الدولة». «الدولة» يجب أن تتولى مسؤولياتها. أين «الدولة»؟ من يمثّل «الدولة»؟ في وزارة الخارجيّة وسفارة الإمارات لم يجبهم أحد. أسئلة كثيرة طرحت للوصول إلى «الدولة». واحد طلب لقاء رئيس الجمهوريّة ميشال سليمان وشرح الوضع له. لكن رئيس الجمهوريّة مسافر، كالعادة. آخرون سألوا عن دور رئيس مجلس الوزراء، نجيب ميقاتي، بيد أن اسم الأخير سُحب من التداول سريعاً؛ إذ إن موقفه الأخير من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، أوحى لأحد الحاضرين أنه «سيأخذ صف الإماراتيين».
في أية حال، هؤلاء المبعدون لا علاقة لهم بكل هذه التجاذبات. ورئيس اللجنة، حسان عليان، يرى أن هذه «التحليلات» جميعها غير مجديّة. قضية المبعدين قضيّة إنسانيّة وحسب. الإماراتيون يريدون تسييسها. معظم المبعدين أصحاب مطاعم ولهم عائلات نشأت هناك على ضفة الخليج. هذا ما قاله رئيس مجلس النواب، نبيه بري، للإماراتيين، في زيارته الأخيرة لهم، عقب «موجة» الطرد الأولى قبل عام ونصف. وصل عدد المبعدين حسب عليّان، رئيس اللجنة الخاصة بهؤلاء، إلى 350. ونقل بري إلى المبعدين أن «الأمر انتهى». غير أن الشهرين الآخرين، شهدا «طرد» المزيد من اللبنانيين (30 حسب إحصاءات اللجنة غير القادرة على التواصل مع جميع المبعدين). اللجنة تصدق بري وتعتقد أن الإماراتيين «كذبوا عليه».
يميّز المبعدون بين «الشيخ زايد» والحكام الحاليين. يحبون الأول ويستغربون تصرفات أبنائه. ثم لا يعود الأمر مستغرباً أبداً، حين «يبقّون البحصة». الأمن الإماراتي يطلب منهم توقيع مستند يقول: «أنا أتعاون مع جهاز الأمن الإماراتي».
وبمحصلة هذا المستند، يصبح واجباً على الموقع أن يقدم المعلومات المطلوبة، التي لن تكون عن الرئيس سليمان أو الرئيس ميقاتي. المعلومات المطلوبة التي تهم الأمن الإماراتي يجب أن تكون عن «حزب الله». لا يذكر المستند الأمر حرفياً، لكن المبعدين يقولون إن الإماراتيين كانوا واضحين منذ البداية. طُلب منهم الأمر شفهيّاً ومن دون «لف أو دوران». وإذا أعيد النظر بالورقة التي أعدتها لجنة المبعدين، والتي تحوي أسماء اللبنانيين المطرودين من الإمارات، فسيتضح أنهم جميعاً من «بيئة الحزب»، الحاضنة طبعاً.
وفي هذا السياق، يتهم مبعدون أجهزة أمن لبنانيّة بالتنسيق مع الإماراتيين، إذ إن الأخيرين، في معرض «عرض العمل والعمالة» الذي يوفرونه لهم كفرصة أخيرة لتفادي الترحيل، يسردون لهم تفاصيل عن حياتهم وحياة أهلهم هنا في لبنان. وتالياً، هذا يستلزم «تعاوناً» من الشق اللبناني. الأمن في لبنان لعبة مألوفة، وإذا صحّت شهادات المبعدين عن وفرة المعلومات المتاحة للإماراتيين عن «خصوصيّات» اللبنانيين وأحوال أهلهم في البلاد، يعني ذلك أن الوضع الأمني سائر على طريق «ما شاء الله». وللمناسبة، حاول أحدهم «اللعب» مع الإماراتيين. قال إنه سيتعاون معهم ضد حزب الله. لكنهم سرعان ما اكتشفوا أمره. وبـ«طريقة ما» عرف الناس في قريته أنه يتعامل «ضد المقاومة». ساءت سمعته إلى حدٍّ لا يحتمل. رجل آخر لم يكن «صديقاً» للحزب، لكنه أُبعد لأن حال الغالبية الكاسحة من المبعدين رفض التعامل مع الأمن، لأنه «في الخليج للعمل وحسب».
يبقى السؤال الوحيد، المعتاد دائماً: أين الدولة؟ هناك 30 ألف لبناني مهددون بالإبعاد، واحداً تلو الآخر. ويبدو من الأسبوعين الأخيرين، أن الإماراتيين بدأوا «يستعجلون» الأمر. أما الإجابة الوحيدة، والمعتادة أيضاً: لا أحد يعلم.
19 تعليق
التعليقات
-
اول انا مقيم بالاماراتاول انا مقيم بالامارات الامارتين ناس طيبين بيعاملو الناس بالاحترام
-
لبنانى بالاماراتجميع اللبنانيين يعيشون براحه و امان في دولة الامارات ومن جميع الطوائف (سني شيعي درزي مسيحي..) ونحن لا و لن نرضى باي شخص يريد بان يطبق اجندات خارجيه(ايرانيه) في دولة الامارات و يمس امنها و يزعزع استقرارها. وارجو من ولاية الفقيه او حزب الله بان يتم تدبير وظائف لهؤلاء المبعدين , بعد ان كانوا سببا رئيسيا في ابعادهم.
-
الحل سهلرفع دعوى على صاحب العمل الذي طرد وعلى الدولة التي رحلت .. اعبار الموضوع عنصرية ورفع دعوى والمضي بها حتى النهاية رفع دعوى في لبنان .. او فلتكن ... لا ادري ما الصيغة لانني لست قانونية لكن لتقدم لمجلس حقوق الانسان وليكن محامو الدعاوي كلهم من السنة .. طبعا الامارات ستحاول ان تدعي ان هؤلاء يقدمون دعما ماليا لحزب الله وعليها تقديم الدليل .. ولن يكون هناك دليل .. لاننا جميعا نعرف ان الموضوع مذهبي عنصري بحت ولتكن ادانة لدولة الامارات ... ويرجى عدم التذلل من قبيل يرحم ايام الشيخ فلان وعلان .. كلو اضرب من بعضو ولو امريكا كان بدها هيك بايام المرحوم كان عمل هيك ارجو ان يؤخذ الاقتراح بجدية ... لبنان لن يجرؤ ... فلتكن محكمة دولية
-
الامارات فيها 108 جالياتالامارات فيها 108 جاليات مختلفه من جميع دول العالم واذا كنت جاي تعيش وتكسب رزقك بدون ما تكون واجه لجهات اخرى لا اعتقد انه في احد ممكن احد برجلك ولكن تكون موظف بسيط وبين ليله وضوحاها بتصدرعندك بزنس يقدر بالاملايين لازم الناس بتشك فيك وبخصوص الأبراج يا صاحب المقال بدك سنوات حتى توصل لتقدم والنظام الاحترام الموجود بالإمارات وبشهاده البنانيين الشرفاء الموجودين بآلاف
-
لماذا لا يتم من الامارتين منلماذا لا يتم من الامارتين من الدخول الى لبنان
-
المعاملة بالمثلشغلة هين ياجماعة كل واحد انطرد من الامارات يروح يصادر شي بيملكوه اهل الامارات في لبنان
-
قاعد بحضنه وبنتف بدقنهقاعد بحضنه وبنتف بدقنه.. ويستغربون إبعادهم. نعم، كل من يوالي إيران وذيلها اللبناني لا مكان له، فليطلبوا من الولي الفقيه أن يؤمن لهم فرص عمل.
-
تابع رد على الاخت رانياالظاهر حضرتك لم تقرائي المقالة جيدا اعتقد السبب واحد من الاثنان اما انك لا تعرفي القراءة اما ان تعليقك نابع عن حقد دفين والله طوال عمري كنت اكره الطائفية والتكلم بالاديان لانني تربيت في منزل علماني ولكن توصلت هذه الايام الى قاعدة يجب ان تطبق لكي يعيش ابن الجنوب والبقاع وكل افراد الطائفة الشيعية بكرامة يجب ان ننقلب على الدولة ونستلم الحكم بها ونحكم بما انزل الله في كتابه بالعدل والمساواة ونحاكم كل دولة او فرد ايا كان شانه باقصى العقوبات اذا اهان اي فرد من الطائفة يا بشر الشيعة في لبنان اعادوا لكم كرامتكم في زمن اصبحت الكرامة ممسحة لحذاء الجندي الاسرائيلي كفى والله ملينا كفى بغض وحقد عيب
-
تابع رد على الاخت رانياملاحظة للاخت رنا اذا كل فرد لبناني في جميع انحاء العالم تبرع بالاف الدولارات الى حزب الله صدقيني الحزب ليس بحاجة لهم لشراء الاسلحة لانها تاتي مجانا في اغلبها ولله الحمد ملاحظة اخرى هل تعلمين كم يبلغ ثمن الصاروخ الذي دمر دبابات الميركافا في 2006 عندما تعلمي كم ثمنه ستعلمي بان كل اللبنانيين في الامارات مهما تبرعوا لن يقدروا على جمع ثمن صاروخ واحد يعني القصةابعد من الدعم ملاحظة اخيرة منذ يومان شاب سوري عندنا في لنان قراء اعلان وظيفة في الامارات اول شرط كان ان يكون سني او مسيحي هل يا ترى عرفوا ان هذا الشاب شيعي سيقوم بدعم الحزب
-
الى الاخت رنااولا اشكرك على مهاجمتك لاخوانك اللبنانيين الذي فضلوا الهجرة الى بقاع الارض لكي يعيشوا بكرامة ويعملوا بكد من اجل عيالهم وهربا من تفكير امثالك لنفترض مثلا انهم يدعمون حزب الله هل هذا اصبح عيبا وهل حزب الله منظمة صهيونية ولكن للاسف الطائفية المستشرية في النفوس لا تعرف احد والعمالة لليهود والامريكان لا تميز احد كل الامر انه مطلوب من هؤلاء الشرفاء ان يعملوا جواسيس على المقاومة كي يسمحوا لهم ان يعملوا في الامارات
-
يجب علينا ان نعامل بالمثليجب علينا ان نعامل بالمثل فبينما نحن نجهد للحفاظ على لقمة عيشنا في الامارات, هم لا يفوتون فرصة للهو في بلدنا, فاذا قارنّا مدى اهمية عملنا في الامارات بمدى حبهم للهو في لبنان لوجدنا ان الارقام متقاربةو انهم اذا منعوا من العربدة سيتحركون و بسرعة لحل هذه "الازمة" وبالمناسبة يجب علينا ان ننظر ليس فقط للامارات العربيةالمتحدة بل لجميع المؤامرات العربية المتحدة....
-
دولة مخابراتللاسف لا يوجد لدينا دولة ترعى حقوق مواطنيها كمواطنين.. الامارات تقوم باجبار اللبنانيين أن يكونوا مخبرين لديها أو تطردهم وهي تقم بهذه الأعمال منذ الثمانينات .. ومخابراتها تقوم أيظا باجبار غير اللبنانيين أن يكونوا مخبرين أو تحجز جوازات سفرهم ..
-
إلى رنا: بلا سخافات وتذاكيإلى رنا: بلا سخافات وتذاكي على الطريقة اللبنانية.
-
الاماراتجي الدور عا الكل ما بدن يخلو ولا شيعي با الامارات ولي مافهم يفهم أنا الي٢٦سنة قلولي معك ١٠ايام ولادي بالمدارس ما خلوهم يكفو السنة عنا الدولة نائمة ممنوع نحكي بالموضوع ببيخافوعلا زعالون اللة يرحم الشيخ زايد ماكان يرضي بي هلشي أبدا نحنا عنا المسؤولين نائمين
-
الإمارات «تستأنف» حملة طرد اللبنانيينزج الدين بالسياسة يجب أن يكون ممنوعاً في قوانين الأمم المتحدة !!!! ما هي الجريمة التي يقترفها هؤلاء اللبنانيين في الإمارات إن كانوا ولدوا - من غير مشاورتهم - في عائلة من هذه الطائفة أو تلك ؟ هل على العمل الشريف غرامة؟ هل كسب لقمة العيش بعرق الجبين حرام ؟ بل يجب أن يغرم من يسئ إلى هؤلاء من باب الأخلاق والعدل . ثم إن كانوا لبنانيين من مسؤول عنهم ليدافع عن حقوقهم ؟ أين المسؤلون المنتخبون والمؤهلون لإدارة شؤون اللبنانيين ؟ من قال أن من ولد سنياً أفضل من من ولد شيعياً والعكس بالعكس ؟ هل تعاليم الإسلام تدفع إلى ألفصل بين المؤمنين ؟ وأخيراً كلمة إلى اللبنانيين : إذا اردتم حقوقكم كاملةً لا بد من شطب الطائفة من السجل ولا علاقة للإيمان وممارسة طقوس الدين في سجلات الأحوال الشخصية في الإدارة اللبنانية
-
أين الدولة؟هناك 30 ألف لبناني من غير «بيئة الحزب»، غير مهددون بالإبعاد. أنت «لبناني» يعني مرغوب بك في الإمارات. أنت من «بيئة الحزب» يعني غير مرغوب بك في الإمارات.
-
الإمارات «تستأنف» حملة طرد اللبنانيينعزيزي الكاتب .... هذا أمر طبيعي إذا كانت الدولة لا تندهي ما في حدا.أعتقد أن الحل بسيط ..يجب إعتماد المعاملة بالمثل.ليس مع الامارات فقط.بل مع كل دول العالم .