مارلين مونرو اسم اختاره لها بن ليون المنتج في شبكة «فوكس»، عام 1947. كانت نورما جاين في الواحدة والعشرين حين فتح هذا الرجل أبواب الشهرة أمامها. غيّرت اسمها، صبغت شعرها البنيّ بالأشقر الفاتح، وطلّقت جايمس، زوجها العائد لتوّه من إحدى الجبهات الأميركية خلف البحار. أخذتها الأضواء، بعدما صارت عارضة أزياء في وكالة «الدفاتر الزرقاء». وبعد فترة صارت تتقاضى راتباً يكفيها لدفع إيجار بيتها، لقاء بضعة «بوزات» عارية. تركت نورما جاين اسمها القديم، وزوجها القديم، وصارت مارلين مونرو، تلك الشقراء التي ما زالت أيقونةً مطلقة للجمال والفتنة والإغراء، رغم مرور 50 عاماً على رحيلها في 5 آب (أغسطس) 1962. رمز الغواية في هوليوود الخمسينيات، بقيت في سرّها نورما جاين، رغم الإبهار المحيط بها، والعدسات المسلّطة على حياتها الحميمة. شعرها الأشقر لم يكن في الواقع إلّا قناعاً تخفي خلفه ندوب طفولة معذّبة، حملتها مونرو إلى القبر. أتقنت مارلين أداء دور الشقراء الغبيّة الهشّة. لكنّها خلف هذه «البرسونا» العامّة، كانت تخفي طفلةً أحبّت أن تجذب الانتباه إليها.

وهو انتباه لم تحصده في طفولتها بسبب مرض والدتها غلاديس بايكر العقلي. غلاديس سببت مأساة ابنتها. نورما جاين كان تشكّ طيلة حياتها بهويّة والدها الحقيقي. خلال طفولتها، تتقلّت من بيت إلى آخر، بسبب جنون والدتها المتقّطع الذي انتهى بالأم في مستشفى للأمراض العقلية، وبالابنة في دار للأيتام، ثمّ في رعاية أقارب متعددين. هكذا، عانت نورما جاين، الخوف، والنبذ، والقلق، وحتى التحرّش الجنسي، وصولاً إلى زواجها المدبّر من جايمس. رغم كلّ الحزن، عرفت مارلين مونرو كيف تكون مارلين مونرو. ورغم الزيجات الفاشلة، ووضعها النفسي المأزوم دوماً، أتقنت النجمة الشابة فنون الفرح: سافرت، عشقت، غنّت، استمتعت بجسدها، ومتّعته حدّ التخمة. أي امرأة في الخمسينيات كانت تتطلع لتلبس مثل مارلين، وتمشي مثل مارلين، وتكون محبوبة مثل مارلين. في حياتها العامّة، عوّضت فتاة الاستعراض كلّ الحبّ الذي ينقصها في عائلتها. كانت طفلة الشهرة المدللة. تغذّت منها، قبل أن تنجح صناعة النجوم العملاقة بالقضاء عليها. خلال عقد، كانت «حديث هوليوود» من دون منازع، كما وصفها غلاف مجلة «لايف» عام 1952. حين بدأت علاقتها بجو ديماجيو مثلاً، تناقلت كلّ الصحافة الأميركية صورةً للاعب كرة المضرب وهو آتٍ لزيارتها في استوديوهات «فوكس». تزوجا، وسافرا لقضاء شهر العسل في اليابان، لكنّهما تطلّقا بعد أقلّ من سنة... السبب ربما فورة غضب اجتاحت ديماجيو خلال تصوير زوجته لمشهد قطار الأنفاق الشهير، وتطاير فستانها في الهواء. وقد يكون سبب الطلاق السريع أيضاً أنّ جو لم يستطع تحمّل شهوات زوجته، خصوصاً مع ما تردد عن علاقات كثيرة خارج الزواج جمعتها بالأخوين كينيدي جون وروبرت، وبالممثل مارلون براندو. لكنّ ديماجيو بقي حريصاً على تزيين قبرها بالورود حتى آخر يوم في حياته. وكان هو من اتصلت به في مرحلة صراعها الأخيرة مع أشباح المرض والخوف، قبل أن تختار الارتماء النهائي في أحضان الكحول والمنوّمات، منهيةً حياتها في آب (أغسطس) من عام 1962 عن 36 ربيعاً.
مزاجها المتقلّب، وتأخُّرها عن مواعيدها، وحياتها الغارقة في عالم الأحلام، ميّزت شخصيّة مونرو المضطربة. تأثير المنوّمات والكحول الواضح على شخصيّتها، رسّخ صورتها كشقراء غبيّة، استغرب معاصروها أن ترتبط بعلاقة مع كاتب مسرحي بوزن آرثر ميلر. زواجها من ميلر كان الثالث والأطول، دام بين 1956 و1961. لكنّه كان التجربة الأقسى، كانت لها علاقة مباشرة بتدهور صحة مارلين النفسية. وبقيت علاقة مونرو/ ميلر احد ألغاز هوليوود الأثيرة... بعدما طلّقت ميلر، كانت مارلين قد وجدت عشيقاً آخر هو فرويد، صار حبّها الوحيد في السنة الأخيرة من حياتها. وينقل عى طبيبها النفسي أنّ مارلين كانت مسيّسة، تحبّ العمّال، وتنادي بالعدالة الاجتماعية. لكنّ الجميع يتذكّرها وهي تغنّي قبل أيام من وفاتها للرئيس الأميركي جون كينيدي «كل عام وأنت بخير سيدي الرئيس».