واشنطن | يتزايد يومياً الكشف عن الدور الأميركي _ الخليجي _ التركي في تصعيد العنف المسلح الذي تقوم به جماعات المعارضة السورية، في مسعى لإطاحة نظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد. وكشفت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، أمس، أن الولايات المتحدة تعمل على تنسيق عمليات تسليح جماعات المعارضة التي تلقت كمية أكبر وأفضل من الأسلحة في الأسابيع الماضية، دفعت ثمنها دول خليجية. غير أن مسؤولين أميركيين أصروا على أن ما تقوم به الولايات المتحدة هو تزويد جماعات المعارضة السورية المسلحة بأسلحة غير فتاكة، وأنها لا تموّل أو ترسل أسلحة مضادة للدبابات، ولكنها تعمل على توسيع اتصالاتها مع قوات المعارضة المسلحة لتزويد دول الخليج، بتقويم لصدقية المتمردين والبنية التحتية لمراكز القيادة والتحكم. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية: «نحن نزيد مساعداتنا غير الفتاكة للمعارضة السورية ونستمر في تنسيق جهودنا مع الأصدقاء والحلفاء في المنطقة وما بعدها بهدف تأمين الأثر الأكبر على ما نقوم به بشكل جماعي». وأشارت الصحيفة إلى أن الأسلحة الواردة تُخزَّن في العاصمة السورية دمشق ومدينة إدلب بالقرب من الحدود التركية وفي الزبداني قرب الحدود اللبنانية.
وذكرت «واشنطن بوست» نقلاً عن نشطاء في المعارضة قولهم «إن عملية تدفق الأسلحة _ التي يجري شراؤها من السوق السوداء من بعض الدول المجاورة أو من عناصر في الجيش السوري _ ازداد كثيراً بعد قرار السعودية وقطر وغيرها من دول الخليج تخصيص تمويل بملايين الدولارات كلّ شهر».
ونقلت الصحيفة عن ملهم الدروبي، العضو القيادي في جماعة الإخوان المسلمين في سوريا قوله، «إن الجماعة فتحت قنوات الإمداد للثوار، مستخدمة موارد من أشخاص أغنياء وأموال من دول الخليج»، بما فيها السعودية وقطر. وأفاد مسؤول في المعارضة السورية بأن شحنات كبيرة قد دخلت إلى سوريا، وأن بعض المناطق مليئة بالأسلحة.
ولم تقتصر هذه التصريحات على ممثلي جماعة الإخوان المسلمين، بل إن برهان غليون، الذي انتخب مجدداً رئيساً للمجلس الوطني السوري المعارض، تراجع عن تصريحات سابقة أدلى بها خلال زيارته الأخيرة للصين التي أحجم فيها عن تأييد عسكرة حركة الاحتجاجات الشعبية، وقال إنه يؤيد الآن تسليح مقاتلي ما يسمى الجيش السوري الحر، مشيراً إلى أنه ضاق ذرعاً ببعض داعمي المجلس في الخارج. وقال: «نحن لا نتعامل في الأسلحة، لكننا سنبرم بعض الاتفاقات، وقد وعدتنا بعض الدول بأن تمدّ الجيش السوري الحر بالأسلحة».
وكان مسؤولون أميركيون قد أجروا الأسبوع الماضي محادثات في واشنطن مع وفد كردي من شرق سوريا، شملت ما وصفه مسؤول أميركي بالاحتمال النظري بفتح جبهة جديدة ضد القوات الحكومية السورية ستجبرها على نقل بعض قواتها من الغرب. كذلك سيُبحث الملف السوري في قمة حلف شمالي الأطلسي (الناتو) المقرر عقدها في شيكاغو يومي الأحد والاثنين المقبلين.
وقال مسؤولون في المعارضة السورية إنهم على اتصال مباشر مع مسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية لتحديد المسلحين الذين يستحقون تلقي السلاح وتحديد أماكن تخزينها. لكن الأميركيين نفوا وجود أي طواقم عسكرية أو استخبارية على الأرض في سوريا في الوقت الراهن. وأشار المسؤولون الأميركيون إلى أن البنتاغون وضع خططاً موسعة حول سوريا تصل إلى القيام بغارات جوية لتدمير الدفاعات الجوية فيها، على الرغم من استبعادهم تدخل الولايات المتحدة بهذه الطريقة، مشيرين إلى أن واشنطن تتجه نحو زيادة تنسيق الاستخبارات وتسليح قوات المعارضة.
وقال مسؤول خليجي: «يأمل الكثير من الناس أن تعزز الولايات المتحدة جهودها لتقويض النظام السوري أو مواجهته». وأضاف: «نريد منهم أن يتخلصوا من الأسد». وترى الصحيفة أن الإمدادات التسليحية الجديدة تطوي صفحة شهور عديدة من نكسات المعارضين المسلحين الذين أُجبروا على الانسحاب من معاقلهم في بعض المدن السورية مثل حي بابا عمرو فى حمص، وإدلب. وأضافت: «إن مدى تأثير تدفق الأسلحة الجديدة ظهر خلال اشتباكات وقعت الاثنين الماضي بين قوات الحكومة والمعارضة بشأن السيطرة على مدينة الرستن قرب حمص».
من جانب آخر، نفت تركيا نفياً قاطعاً الاتهامات السورية بأن تركيا تتعاون مع ليبيا ودول أخرى في المنطقة لتهريب الأسلحة داخل سوريا لمساعدة المسلحين في سوريا. وكان مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري قد أكد الأسبوع الماضي أن تركيا وليبيا ودول أخرى في المنطقة تقدم المساعدة للمعارضة. وأكد السفير التركي لدى الأمم المتحدة، أرتوغورل أباكان، في رسالة وجهها إلى الأمين العام ورئيس مجلس الأمن الدولي لهذا الشهر (مندوب أذربيجان) أن تركيا ترفض بشدة هذه الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة.