لم يسبق لأساتذة الجامعة اللبنانية أن استخدموا موقع «الفايسبوك» الاجتماعي للإعداد لتحرك مطلبي. لكن مجموعة «أكاديميّون بلا حقوق» اختارت أن تستعير أداة الثورات العربية للتعبير عن مرارة من «تمييز لاأكاديمي بين جيلين في الجامعة». من هي هذه المجموعة، ومن تكون وماذا تريد؟ ولماذا «الفايسبوك»؟يقول عضو المجموعة وأستاذ الرياضيات في كلية العلوم د. محمد دبوق: «هي وسيلة سريعة وجذابة ومنطقية ومنتجة للحوار بين أساتذة تَعرقَل اللقاء بينهم بسبب المعوّقات التي تصيب آليات التواصل عبر البريد الإلكتروني في الجامعة».
ويشرح أنّهم 700 أستاذ في الجامعة الوطنية حرموا من درجة الدكتوراه والدرجة الاستثنائية اللتين يستفيد منهما الأستاذ المتفرغ، وذلك بعد نفاذ القانون 717 بتاريخ 5/11/1998 المتعلق بفروقات سلسلة الرتب والرواتب. هؤلاء قسمان: القسم الأول يضم مجموعة أساتذة تفرغوا قبل 1/1/1999 واستفادوا من الدرجتين، لكنّ عدداً منهم حرم منهما لعدم التحاقهم بعملهم قبل وضع القانون حيّز التطبيق، علماً بأنّه لم يدعُهم أحد للالتحاق، على حدّ تعبير دبوق. أما القسم الثاني فيضم المتفرغين حديثاً في عام 2008 وعددهم 687 أستاذاً.
هكذا، يتقدم أساتذة ما قبل القانون على أساتذة ما بعده، وإلى الأجل، بما يعادل 4 سنوات فعلية (قيمة الدرجتين 270 ألف ليرة لبنانية، وبالمناسبة هما غير مدرجتين في أساس الراتب).
لا تمانع المجموعة أن يكون مثل هذا التمييز مبنيّاً على أسس أكاديمية وشروط علمية، بل ما حصل، بحسب دبوق، أنّ «القانون جاء ليمثل تحوّلاً غير مسبوق بين أفراد الهيئة التعليمية لأسباب لا ترتبط بالأداء والنشاط والبحث العلمي وإنتاج المعرفة».
لكن سلسلة الرتب والرواتب تغيّرت، وقد لحظت هذه السلسلة زيادة معقولة على الراتب الأساسي؟ صحيح، يقول دبوق، إذ إنّ الراتب الأساسي يشمل كل المتفرغين من دون استثناء، وهذا يعني أنّ كل من تفرّغ قبل 5/11/1998 يتقاضى الراتب الأساسي مع كل الزيادات الناتجة من القدم والرتبة، إضافة إلى الدرجتين المذكورتين، بينما حرم منهما كل من التحق بالجامعة اللبنانية بعد هذا التاريخ.
المجموعة استعارت أيضاً عبارة الثورات، فدعت إلى إسقاط القانون بشقّه المرتبط بمعيشة أفراد الهيئة التعليمية في الجامعة. وناشدت بإعادة احتساب الدرجتين مع المفاعيل الرجعية أسوة بزملائهم وإدراجهما في أساس الراتب لكل الأساتذة.
يريد الأساتذة رفع الظلم، بصرف النظر عن مشروع تحسين الرواتب الذي رفعه وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال د. حسن منيمنة إلى مجلس الوزراء، بحيث باتت قيمة الدرجة تساوي 300 ألف ليرة. يرفض هؤلاء التحجّج بإرهاق الخزينة، فإعطاؤهم حقوقهم من مسؤولية الدولة.
وبما أنّهم أصحاب حقوق ومعرفة، ويتابعون الموضوع، سعوا، كما يقول دبوق، إلى متابعة قضيتهم العابرة لكل التلاوين السياسية والمذهبية داخل أداتهم النقابية أي رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة أي في مجلس المندوبين أو في الهيئة التنفيذية «حتى الصوت يودّي»، لكنهم جوبهوا بالرفض على خلفية «نحنا منحمل الهمّ عنّك ونحنا منحكي عنّك». يشبّه الأكاديمي الواقع النقابي في الجامعة بالـ«الستاتيكو»، فالرابطة التوافقية، كما قال، نسخة عن تركيبة السلطة، لذا «فهي تداريها وتتآمر معها».
«من حق الأساتذة أن يطالبوا بما يريدون، لكنّهم تفرغوا بقوانين جديدة وارتضوا ذلك»، يقول رئيس الهيئة التنفيذية للرابطة د. شربل كفوري. ويلفت إلى أنّ «الرابطة تدرك أنّ أستاذ الجامعة اللبنانية مغبون، لذا فهي ساهمت في مشروع تحسين الرواتب وستخوض معارك لتنفيذه قد تصل إلى إعلان الإضراب المفتوح». ويؤكد كفوري أنّ الرابطة لم تألُ جهداً في الدفاع عن حقوق كل فئات الأساتذة، نافياً أن «يكون أساتذة المجموعة الفايسبوكية قد تواصلوا معنا قبل إطلاق حملتهم، علماً بأنّ باب الرابطة مفتوح لهم بأي وقت ومن دون موعد».