على هامش خطاب السيد حسن نصر الله، أول من أمس، وما يتعلق بـ«الأخبار» ووثائق ويكيليكس والانطباع عن سعي البعض الى إثارة فتنة بين حزب الله وحركة أمل وقوى أخرى، يهمّ تأكيد الآتي: 1 ــ لم يكن أمراً عادياً أن يضطر الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله الى تخصيص وقت من خطاب له، للحديث عن علاقة حزب الله بـ«الأخبار». وأنا منذ عرفت الرجل، قبل نحو عشرين عاماً، ميّزت فيه على الدوام، قدرته على المناورة في كل شيء، إلا عندما يكون في حالة توجب عليه قول الحقيقة.
ورغم أننا في «الأخبار» قلنا منذ اليوم الأول للصدور، في الجريدة وفي أحاديث ومقابلات وفي لقاءات مع سياسيين وإعلاميين وأمنيين، إن حزب الله لا يملك «الأخبار» ولا يديرها، فإن الشائعة ظلت هي الحاكمة، حتى حصل ما حصل، من تحميل قيادة حزب الله، والسيد حسن على وجه الخصوص، مسؤولية أشياء كثيرة وردت في «الأخبار»، سواء على شكل أخبار أو مقالات أو مواقف. حتى وصل الأمر الى حدود اتهام حزب الله بأنه هو الجهة التي سرّبت وثائق ويكيليكس لنا.
عسى أن يقتنع الجميع بحقيقة ما قاله السيد حسن أول من أمس، ولأجل المزيد من التوضيح، أجدني مضطراً إلى الحديث عن بنود في الاتفاقية التي يعرضها موقع ويكيليكس على كل من يريد الاتفاق معه على أخذ قسم من هذه الوثائق ونشرها. وبين هذه البنود، أنه لا يحق للوسيلة الإعلامية، تحت أي ظرف، اللجوء الى نقل الوثائق وتسليمها الى جهات، سواء كانت مؤسسات إعلامية، أو جهات سياسية، أو حكومات، أو أفراداً معنيين بما هو وارد فيها أو خلاف ذلك. وهو ما التزمنا به حرفياً، علماً بأن السيد نصر الله كان صريحاً وجريئاً كالعادة في إشارته الى الموضوع.
لكن، ما هو غير متداول أن «الأخبار» تلقّت عشرات الاتصالات، واستقبلت عشرات الوسطاء، من الذين جاؤوا يستوضحون ما إذا كانت أسماؤهم قد وردت في برقيات معينة، أو الذين قالوا إنهم عقدوا لقاءات مع دبلوماسيين أميركيين، وإنهم يخشون على مواقعهم السياسية. وبين هؤلاء قادة من فريق 14 آذار نفسه، الذين يظهرون نوعاً من اللامبالاة، لكنهم يشعرون بالعار عندما ينظرون في وجوه أولادهم آخر النهار، وبينهم أيضاً من يتحسّس جبينه حيث وصمة صعبة الإزالة.
2 ــ إن «الأخبار» أعلنت منذ اليوم الأول لتأسيسها، في افتتاحية الراحل جوزف سماحة، أنها «تنتمي، سياسياً، إلى معسكر رافضي الهيمنة، وهو معسكر يمتدّ من قلب الولايات المتحدة إلى أقاصي الشرق»، وأنها «جريدة مشاركة في الاعتراض من أجل التقدم نحو بناء دولة المواطنين التي يمكنها، وحدها، بعدلها وقدرتها وحرصها السيادي، أن تستوعب هذا الاستعداد المذهل للانتصار على الصعاب».
إن مسار «الأخبار» واضح وجليّ، في مواجهة فريق من اللبنانيين، تآمر على سيادة البلد من خلال ارتباطه بمحور إقليمي ـــــ دولي يحقق عملياً مصالح إسرائيل، و«الأخبار» سوف تقاوم هذا الفريق الذي يعطي لنفسه كل سنة اسماً جديداً، لكنه يعجّ بسارقي المال العام، ومثيري الفتن، والمخبرين عند الأجنبي والمتآمرين على أبناء جلدتهم.
3 ــ إن «الأخبار» جريدة ملتزمة خيار المقاومة دون منّة من أحد، ودون منّة على أحد، وهي تفعل ذلك منذ قبل ولادتها مجموعة صفحات وكتّاب. وهي التي تحضن، بين العاملين فيها، شهداء سقطوا برصاص العدو، ومقاومين عاشوا سنوات طويلة في سجون العدو، ومواطنين خسروا أقارب ومنازل. وهي تعرف أنها لن تضعف في مواجهة إسرائيل لأجل استعادة فلسطين ... كل فلسطين.
وأخيرا، فإن «الأخبار» لن تقبل لنفسها أن تكون مكاناً يمكن أحداً، أي أحد، العبور منه نحو فتنة تودي بحياة مواطن من أبناء هذا البلد. وهي تلتزم مواجهة الطغيان أينما كان، وستناصر حرية الناس في أي زمن.