تأكّد أحد العاملين في نقابة الأطباء من وصول جميع محطات التلفزة إلى بيت الطبيب للاستماع إلى الطبيب المخلى سبيله موسى أبو حمد. أبلغ المعنيين بإمكانية دخولهم القاعة. بعد قليل، دخل النقيب شرف أبو شرف وأبو حمد، يرافقهما محامي الأخير وعدد من الأطباء. منع دخولهم الجماعي التعرف إلى أبو حمد، الذي لم يعمد إلى إرضاء الكاميرا مفضلاً ارتداء «تي شيرت». نأى بنفسه عن التصرّف كضحية، وترك مهمة الإجابة عن معظم الأسئلة لمحاميه. اكتفى بتوجيه الشكر إلى جميع الجهات التي ساندته، ثم شرح علميّاً ما حدث لمريضته ريتا.
قبيل دخوله، سألت إحدى الإعلاميات ممازحة: هل سيحضر اليوم أو ما زال غير مرتاح نفسياً؟ (وهي الحجة التي دفعت إلى عدم حضوره أول من أمس). ربما لم يكن أبو حمد مستعداً أمس لمواجهة الإعلام والناس، لكنه قال إنه عاد إلى عمله فور الإفراج عنه. لم يعلن القضاء براءته بعد، إلا أن محاميه أكد ثقة مرضى موكلّه به، بدليل الاتصالات التي انهالت دعماً له خلال فترة توقيفه.
لم يختف غضب أبو شرف، الذي استهلّ المؤتمر، تماماً حيال بعض وسائل الإعلام التي كانت «مجحفة بحقنا». باتت مشكلة النقابة مع الإعلام تعادل قضية أبو حمد. أشاد بالتضامن الجماعي الذي شهدته النقابة «للمرة الأولى في تاريخها»، رداً على «الإجحاف بحقنا. فالطبيب يضحي بوقته وعائلته كي يبقى لبنان مستشفى الشرق». هذا التغني لم يمنعه من الاعتراف بوجود بعض الأخطاء التي لا تتعدى الـ 25 في المئة، لافتاً إلى أن «النقابة هي الوحيدة القادرة على تحديد وجود الخطأ من عدمه». ولفت إلى أن «تشريح الجثة أظهر أن ريتا تعرضت لمضاعفات تصيب امرأة من بين 80 ألفاً».
شدّد أبو شرف على ضرورة ضمان حصانة الطبيب من خلال القوانين، مع العمل على تحسين المستوى العلمي للأطباء. وعاد للحديث عن العلاقة بالإعلام، موضحاً أن النقابة كانت قد ألّفت لجنة للعمل على «تحديد علاقتنا بالإعلام» قبل أن تثار القضية.
تحدث أبو حمد عن ريتا. قال إنها «ست مرتبة ومهذبة. كانت تربطنا علاقة ثقة متبادلة. حملها كان عزيزاً عليّ»، ملمحاً إلى «قصص طبية» أدت إلى حملها. وأضاف «بقيت في المستشفى من الثانية بعد منتصف الليل حتى السابعة مساءً»، شارحاً أن ريتا «أصيبت بجلطة لا يمكن توقعها أو تجنبها».
رفض أبو حمد الإجابة عن أي سؤال يتعلق بسير التحقيق أو علنية التوقيف. اكتفى بالقول: «توقيف عادي»، محيلاً جميع هذه الأسئلة إلى محاميه جوزيف خليل الذي أكد أن القضية عالقة عند قاضي التحقيق في جبل لبنان إيلي حلو. ماذا عن مبلغ الكفالة الضخم؟ لم يعر رقم الخمسين مليون ليرة أي اهتمام. لكن النقيب رفض تمرير الأمر من دون التعليق عليه. قال إن «البعض يخلى سبيلهم بـ 50 مليون ليرة، وآخرون بـ 500 ألف ليرة»، مضيفاً «يبدو أن غيرنا فوق القانون». وجدد التأكيد أن «حصانة الطبيب فوق كل اعتبار وإلا سيتوقف الأطباء عن العمل». ولمّح إلى «توقف بعض الأطباء عن معالجة الحالات الصعبة لأنهم صاروا يخشون المجازفة».
بدت وسائل الإعلام متعاطفة مع الطبيب. لكن ما سبب الضجة الإعلامية التي رافقت هذه القضية، بغض النظر عن وجود خطأ من عدمه، ما دفع البعض إلى التشكيك بانتماء أبو حمد إلى جهة سياسية معينة. نفى أبو شرف الأمر، وبدا تواقاً إلى تفسير ما. هل يمكن أن تكون ناجمة عن عدم محاسبة الطبيب حين يخطئ؟ سارع الطبيب الشرعي وحيد صليبا إلى التشديد على تحقيق النقابة في جميع الشكاوى الواردة إليها، محمّلاً القضاء مسؤولية عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة. كلامٌ قد لا يثلج قلوب أهالي ضحايا الأخطاء الطبية التي لم يحاسب المسؤولون عنها.