أنهت اللجنة الفرعية المكلفة دراسة مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري «الجدل» الدائر حول المشروع، فأعلنت أمس «انتهاء النقاش، على أن تكون الجلسة المقبلة وما يتلوها لإعداد التقرير الخاص بالنقاشات والتعديلات ومبرراتها»، يقول عضو اللجنة النائب عماد الحوت. إذاً، بعد أكثر من أربعين أسبوعاً، يعلن الدارسون انتهاء جلسات «القراءة». يقفلون النقاشات. لا تعود للانسحابات قيمة. تسكت النائبة جيلبرت زوين. لا تفجّر السيدة الوحيدة في اللجنة موقفاً يعبّر عن معارضتها التي وعدت بها.
تبدأ مرحلة إعداد التقرير، على أن يحوّل بعدها إلى اللجان المشتركة لإقرار بنوده والتصويت عليها. هكذا، ترسم الخاتمة. وربما، هي التي سيصل إليها الكل، على اعتبار أنه «اللي عنده ضمير سيقدّر هذه الخطوة الحضارية التي قمنا بها»، يقول رئيس اللجنة سمير الجسر. لكن، على ما يبدو، فات الرئيس الكثير من الأحداث، لعل أهمها أن القانون الأساسي «مات»، بعدما استحال قانوناً لحماية الأسرة من العنف التزاماً بالمادة 7 من الدستور التي تكفل «سواسية» اللبنانيين أمام القانون (...) وبعد الإصرار على إبقاء المادة «الملغومة» رقم 22 (26 سابقاً) التي تنص على: «(..) باستثناء قواعد اختصاص المحاكم الشرعية وأحكام الأحوال الشخصية التي تبقى مطبقة كما هي، وأحكام القانون 422 لحماية الأحداث، تلغى جميع النصوص المخالفة لهذا القانون أو التي لا تتفق مع مضمونه». بهذه المادة، تنسف صلاحيات محكمة التمييز، الجهة الوحيدة المالكة لصلاحية بتّ طلبات تعيين المرجع عند حدوث اختلاف إيجابي أو سلبي على الاختصاص.
لكن بالعودة إلى نقاشات اللجنة، يؤكد عدد من المطلعين عليها أنها تشبه ذلك القائم بين الخائفين على «ذكوريتهم» و«المتحررين». هكذا يصف الطرفان بعضهما. وبعيداً عن هذا الوصف وذاك، يطرح السؤال: ماذا قدّم «المتحرّرون» للمرأة؟ كيف أنصفوها في اللجنة؟ وإلام يستند «الذكوريون» كي يبرروا للمرأة أنها ليست معنفة «كثيراً»؟
فلنبدأ من الرئيس: سمير الجسر. الرجل. الزوج. الأب لبنات أيضاً. لا يجد بدّاً من القول إنه «متل ما معنّف أبوها، أمها معنّفة». ففي قاموس الرجل، «الكل معنّف». وأكثر من ذلك «لا يمكن امرأة تشكو من التمييز أن نمارس بحقها تمييزاً إضافياً». هذا الاختلاف بين «عنف الكل» و«عنف المرأة» ينسحب اختلافاً على تفسير معظم البنود. ولنأخذ مثالاً «الإكراه على الجماع». بحسب البعض، لا داعي له «لأن العلاقة شرعية، وعندما تكون شرعية لا يكون هناك اغتصاب، وفيما لو كان هناك عنف في العلاقة، فلا بد من الإثبات»، يقول الحوت. من دون إثبات، لا اغتصاب. حتى القانون يحمي المغتصب. فمن يغتصب فتاة ويتزوجها تنتفي تهمة الاغتصاب عنه إذا استمر زواجه 3 سنوات. وهنا، بإمكانه أن يطلقها «وبكون اغتصبها 3 سنوات شرعياً»، يقول النائب نبيل نقولا (المنسحب من اللجنة). ليس هذا فحسب، فبالتعديل الجديد، نسف الدارسون «الاغتصاب» كفعل، مبقين على «الوسيلة» و«النتيجة»: التهديد والضرب والإيذاء.. مع إثباتها. وهنا، إن كانت المرأة قادرة على إثبات فعل الضرب بوجود دليل «الآثار» فقط، فكيف تثبت التهديد؟ وحتى لو أثبتت، تكون العقوبة تعهدّاً لا قيمة قانونية له في جميع الأحوال. أما إن كان لا بد من الرجوع للمحاكم الشرعية، بعد تعذر الإثبات قضائياً، فلا داعي للاستغراب إن انتهى الحكم بعبارة «ضرب من ضروب التأديب».
يذكر أنه بعد إعداد التقرير، سيحوّل المشروع إلى اللجان المشتركة. وهنا، سيستكمل التحالف الوطني لتشريع حماية النساء من العنف الأسري عمله مع الكتل النيابية، وخصوصاً أن ممثلي هذه الكتل «ليسوا كلهم من رأي أعضاء اللجنة الفرعية، وغالبيتهم يعارض التعديلات». وقد يكون هذا «الأمل الوحيد» بألا يقطع المشروع بتعديلاته.