بثّ التلفزيون السوري أمس اعترافات لأشخاص قال إنهم ينتمون إلى «إحدى الخلايا الإرهابية المسلحة» التي «حرّضت على التظاهر»، أكدوا في خلالها أنهم تلقّوا دعماً من النائب عن كتلة «المستقبل» جمال الجرّاح.وعرض الشريط اعترافات لأنس كنج الذي وُصف بأنه رئيس الخلية، حيث أكد أنه «تلقّى الأموال والسلاح عبر الوسيط أحمد العودة، الذي كان مرسالاً بينه وبين النائب (اللبناني) جمال الجرّاح».

وقال كنج (من مواليد دمشق عام 1982) إن «العودة أكد له انتماءه إلى جماعة الإخوان المسلمين»، مضيفاً أنه «تمكن من تجنيد اثنين من أصدقائه هما محمد بدر القلم ومحمد السخنة لتنفيذ أوامر جاءتنا لتحريض الناس على التظاهر، وخصوصاً أمام الجامع الأموي» في دمشق. وتابع «ثم جاءتنا الأوامر بالتسلّح والقيام بعمليات تساند إخواننا في درعا وفي جميع المحافظات السورية، مثل بانياس واللاذقية».
وشرح كنج قائلاً: «أرسلت بدر مع 8 شباب إلى الجامع الأموي ليهتفوا بالحرية، فتجمع الناس وكانوا نحو 500 شخص، ثم جاءت دوريات الأمن فهرب بدر بحجة أنه مترجم أو دليل سياحي مع سائحتين أجنبيتين». وأضاف «قال لي عودة إنه يجب أن نطلق نحن النار على المتظاهرين والمسيرة والشبان الذين يؤيّدون الرئيس بشار الأسد».
وأكد كنج أن العودة «كان يقول لي إن هناك خلايا أخرى موجودة، وإنه يتعامل مع رؤسائها، والسلاح متوافر بكثرة عندهم، وكان يجلبه عن طريق لبنان بواسطة الرشى». وتابع أن العودة «كان يرسم لنا الهجمات بالحرف الواحد، ويقول لا تخرجوا عن هذا المجال حتى لا تحصل أي أخطاء»، مشدداً على ضرورة أن «نري العالم أن رجال الأمن هم الذين يقتلون الناس، ومساندة إخواننا في درعا وجميع المحافظات الأخرى».
كذلك عرض التلفزيون السوري مشاهد لأسلحة متنوعة ضبطت مع أفراد الخلية. وقال كنج إن عودة أبلغه أنه تمكن من تهريب الأسلحة عبر الحدود عن طريق دفع رشى لموظفين على الحدود. وأضاف «آخر مهمة كانت الهجوم على مخفر السبينة في ريف دمشق، على أساس أن يؤمّن لنا أحمد سيارة تشبه سيارات الأمن، وجلب لنا تلفونات متطورة جداً، وأوكلنا إلى شخص معين تصوير القتلى والجرحى وإرسال الصور مباشرة إلى موقع الثورة (فايسبوك)».
من جهته، أكد محمد بدر القلم لقاءه بالعودة الذي «قال إنه مستعد لأن يجلب لنا كل شيء، ويؤمّّن لنا سيارة، فأقودها على أنها سيارة أمنية»، على أن «يجري تصويرها عند تفجير المخفر، ونشرها على الفايسبوك لإيهام الناس بأن رجال الأمن هم من يقومون بالتخريب».
أما محمد أحمد السخنة، فأكد قيام كنج بالتخطيط «للهجوم على مخفر شرطة السبينة ليجرّد أفراده من السلاح». وأضاف أن «كنج كان يقول لنا إن الشهيد بيننا ستنال عائلته جائزة كبيرة جداً، وإذا عاش أحدنا أيضاً فسينال جائزة، وسيكون له راتب شهري».
وتحدث السخنة عن «جماعة خارجية» تمدّهم بالسلاح، وعن إمكان القيام بعمليات أخرى «بقدر ما يستطيعون تجنيد أشخاص ويحاولون إخراج الناس في تظاهرات تندّد بالأمن وبما يحدث في البلد».
وفي السياق، أشارت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» إلى أنه «في ظل استمرار القوى الأمنية المختصة بالبحث عن المجموعات المسلحة التي قامت بعمليات القتل والإجرام في بانياس وضواحيها، وملاحقة أفرادها الذين اعتدوا على وحدة عسكرية كانت تتحرك على طريق عام طرطوس اللاذقية الاثنين الماضي، شهدت المدينة جريمة جديدة نفذها القتلة المجرمون قبل ظهر أول من أمس، حيث اعتدوا على القوى الأمنية وحاولوا قطع الطرقات العامة، وأطلقوا النار عشوائياً لترويع الناس، ما أدى إلى وفاة عدد من المدنيين الأبرياء من القوى الأمنية التي طلبت المساعدة من الجيش. وعلى الفور جرى التصدي للمجرمين القتلة، وأدّت المواجهة إلى استشهاد عنصر من الجيش وجرح اثنين، إضافة إلى جرح ستة من عناصر القوى الأمنية».
وتابعت «سانا» أنه «قتل ثلاثة من أفراد المجموعة المسلحة الإجرامية وأصيب ثمانية آخرون بجروح، وألقي القبض على عدد من المخربين والمشتبه فيهم لإحالتهم على العدالة، وجرى الاستيلاء على سيارة سياحية يستخدمها أربعة من المخربين».
وكان مصدر سوري رسمي قد نفى اتهامات وجّهت إلى السلطات السورية بمنع وصول الجرحى إلى المستشفى وإسعافهم، مؤكداً أنها «أخبار عارية من الصحة»، ومتهماً «مسلحين» بالقيام بذلك. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا» عن مصدر مسؤول في وزارة الداخلية قوله إن «بعض وسائل الإعلام والفضائيات تناقلت أخباراً عارية من الصحة»، مضيفاً أن «وزارة الداخلية وجدت أن من الضروري إيضاح أن 34 عنصراً من الشرطة أصيبوا بتاريخ 8 نيسان أمام مديرية الكهرباء في درعا بعيارات نارية، وكانت إصابة بعضهم خطرة».
وتابع المصدر أن هؤلاء المصابين «حاصرهم المسلحون الذين منعوا سيارات الإسعاف من الوصول إلى الجرحى لنقلهم إلى المستشفى»، ما أدى إلى «استشهاد أربعة عناصر نشرت أسماؤهم في الصحف والتلفزيون السوري». وأكد وجود «أوامر حازمة وجّهت إلى قوات الشرطة بعدم استخدام العيارات النارية ضد المتظاهرين، حتى لو أصيب» أفراد الشرطة.
وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» قد أعلنت أن قوات الأمن السورية منعت الطواقم الطبية في مدينتين على الأقل من الوصول لمعالجة الجرحى من المتظاهرين.
في هذا الوقت، أعلن رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان في سوريا، رامي عبد الرحمن، أن آلاف النسوة اعتصمن على طريق عام بالقرب من مدينة بانياس الساحلية للمطالبة بإطلاق سراح مئات المعتقلين، وتضامناً مع المدينة المحاصرة». وأكد أن «أكثر من خمسة آلاف سيدة ينحدرن من قرية البيضا (ريف بانياس) والقرى المجاورة، اعتصمن على الطريق العام بين بانياس وطرطوس»، مضيفاً أن الاعتصام كان «للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين الذين ألقي القبض عليهم أول من أمس، خلال الحملة الأمنية التي شنّتها القوات السورية في البلدة والقرى المجاورة، وتضامناً مع مدينة بانياس المحاصرة» منذ يومين.
ونفى عبد الرحمن الأنباء التي وردت عن «اعتقال (خطيب جامع الرحمن) أنس عيروط، أحد أبرز قادة الاحتجاجات في المدينة»، مضيفاً أن «أحد الشيوخ أكد للمرصد أن وفداً من القيادة سيأتي لزيارة المدينة والاستماع إلى مطالب الأهالي»، لافتاً إلى «نقص في المواد الغذائية نظراً إلى إغلاق المحال التجارية». وأكد أن الأمن «اعتقل بين 150 و200 شخص في قرية البيضا».
وللمرة الأولى، تظاهر نحو 500 طالب في كلية الآداب التابعة لجامعة حلب، للمطالبة بإطلاق الحريات. وذكر رئيس اللجنة الكردية لحقوق الإنسان (الراصد)، رديف مصطفى، أن «تظاهرة طالبية قامت في كلية الآداب التابعة لجامعة حلب شارك فيها 500 طالب تضامناً مع درعا وبانياس، وللمطالبة بإطلاق الحريات». وأضاف أن «قوات الأمن فرّقت المتظاهرين»، مشيراً إلى أن «الأمن اشتبك مع الطلاب بالأيدي واعتقل أربعة أشخاص». وأشار إلى أن «قوات الأمن أغلقت الأبواب المؤدية إلى الكلية ومنعت الدخول أو الخروج عبرها».
وفي دمشق، أكد رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان، عبد الكريم ريحاوي، أن «نحو خمسين طالباً تظاهروا في كلية الحقوق التابعة لجامعة دمشق، هاتفين بشعارات تنادي بالحرية». وأضاف أن «قوات الأمن فرّقتهم بالقوة»، لافتاً إلى أن قوات الأمن «استخدمت العنف وضربت المشاركين بالهراوات». وأشار إلى «حدوث اعتقالات في صفوف المشاركين، ولكن لا يعرف عددهم بالتحديد».
إلى ذلك، أعلنت صحيفة «الغارديان» البريطانية أن شهوداً عيان قالوا إن «قوات الأمن السورية قتلت جنوداً بعدما رفضوا إطلاق النار على المتظاهرين في مدينة بانياس». وقالت إن مراقبي حقوق الإنسان «سمّوا المجنّد مراد حجو من قرية مضايا كأحد الجنود الذين قتلهم قناصة الأمن، فيما أعلن مراقب حقوق الإنسان وسيم طريف أن عائلة حجو وبلدته أكدتا أنه قُتل لرفضه إطلاق النار على الناس».
وأضافت الصحيفة أن شريط فيديو على موقع «يوتيوب» أظهر جندياً سورياً جريحاً وهو يقول إنه أُصيب بعيارات نارية في ظهره على أيدي قوات الأمن، بينما عرض شريط فيديو آخر جنازة محمد عوض قنبر الذي تقول مصادر إنه «قُتل لرفضه إطلاق النار على المتظاهرين».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز، سانا)